تأثير مرض الزهري على الفم

مرض الزهري هو مرض معدي ينتقل بشكل رئيسي عن طريق الاتصال الجنسي، وينجم عن الإصابة ببكتيريا تُسمى المُتدثرة الشاحبة (Treponema pallidum). يُعتبر الزهري من الأمراض التي قد تؤثر على عدة أجزاء من الجسم، ومنها الفم، حيث تظهر عليه علامات وأعراض مميزة في مراحل مختلفة من المرض. ويُعد تأثير الزهري على الفم موضوعًا هامًا نظرًا لما له من تأثير على الصحة العامة للفرد وقدرته على التواصل الاجتماعي وجودة حياته.

مقدمة عن مرض الزهري

ينقسم مرض الزهري إلى عدة مراحل متتابعة: المرحلة الأولى، المرحلة الثانية، المرحلة الكامنة، والمرحلة الثالثة أو المتأخرة. يظهر الزهري في المرحلة المبكرة على شكل قروح أو تقرحات في منطقة الإصابة، وغالبًا ما تكون هذه التقرحات مؤلمة أو غير مؤلمة حسب المرحلة. وفي حالة الإصابة في الفم، قد تتطور هذه التقرحات لتشمل اللثة، اللسان، والشفاه، مما يسبب مشاكل صحية واضحة.

آلية الإصابة وتأثير الزهري على الفم

يحدث تأثير الزهري على الفم بسبب دخول البكتيريا إلى الأنسجة المخاطية داخل تجويف الفم عبر ملامسة مباشرة مع الأشخاص المصابين أو من خلال اتصال جنسي فموي غير محمي. تنتشر البكتيريا داخل الأنسجة وتسبب التهابات موضعية وأضرارًا في الخلايا.

المرحلة الأولى من الزهري الفموي

في هذه المرحلة، تظهر تقرحات الزهري الأولى على شكل قرحة الزهري الأولية (Chancre) داخل الفم، عادةً على الشفاه، اللسان، أو داخل الخدين. تكون هذه التقرحات عادة غير مؤلمة، ذات حواف مرتفعة وظهور قاعدة صلبة، وتتميز بحدود واضحة، وقد تصاحبها تورم في الغدد الليمفاوية القريبة. هذا القرحة تظل موجودة عادة من 3 إلى 6 أسابيع ثم تلتئم حتى دون علاج، مما قد يضلل المريض بعدم التوجه للطبيب.

المرحلة الثانية من الزهري الفموي

إذا لم يتم علاج المرض في المرحلة الأولى، يدخل الزهري المرحلة الثانية التي تتميز بانتشار أوسع للبكتيريا وظهور أعراض متعددة في الفم. تظهر في هذه المرحلة طفح جلدي منتشر يشمل تجويف الفم، بالإضافة إلى ظهور التقرحات، والتهابات في اللثة مع نزف بسيط، وتضخم في اللوزتين. قد تلاحظ في الفم بقع بيضاء أو حطاطات على اللسان أو سقف الفم.

المرحلة الثالثة من الزهري وتأثيره المزمن على الفم

في المرحلة المتأخرة، يمكن أن يؤثر الزهري بشكل خطير على الأنسجة الداعمة للفم، خاصة على العظام والأنسجة اللينة، مما يؤدي إلى:

• تدمير العظم الفكي، مما يسبب تشوهات واضحة في الفك والأسنان.

• ظهور تقرحات عميقة مزمنة في الفم، تُعرف بـ “الغرغرينا الزهرية”.

• الإصابة بانتفاخات كبيرة في اللثة تعرف باسم الغرنوقيّة الزهرية، وهي كتلة حمراء مؤلمة تتطور إلى قرحات.

• فقدان الأسنان نتيجة التهاب اللثة المزمن وتلف العظم المحيط بها.

الأعراض الشائعة لمرض الزهري في الفم

عند الإصابة بمرض الزهري في الفم، تظهر مجموعة من الأعراض التي تختلف حسب المرحلة، منها:

• تقرحات صلبة غير مؤلمة في البداية على الشفاه أو داخل الفم.

• تورم الغدد الليمفاوية في الرقبة والفك.

• طفح جلدي وبقع على الأغشية المخاطية داخل الفم.

• التهاب وتورم في اللثة مع نزيف بسيط.

• ألم وصعوبة في البلع إذا كانت التقرحات واسعة.

• فقدان الأسنان في الحالات المتقدمة.

• تغير في شكل الفم والفك بسبب تلف الأنسجة والعظام.

التشخيص التفصيلي لمرض الزهري في الفم

يعتمد تشخيص مرض الزهري في الفم على الفحص السريري الدقيق، بالإضافة إلى التحاليل المخبرية. عادة ما يبدأ الطبيب بفحص التقرحات والفم بشكل عام، مع الاستفسار عن تاريخ المريض الطبي والجنسولوجي. لتأكيد التشخيص، يُستخدم:

• فحوصات الدم الخاصة بالكشف عن الأجسام المضادة لبكتيريا المتدثرة الشاحبة (مثل فحص VDRL و RPR).

• أخذ عينة من التقرحات للفحص المجهري والتلوين للكشف المباشر عن البكتيريا.

• استخدام تقنية PCR لتأكيد وجود الحمض النووي للبكتيريا في الأنسجة.

علاج مرض الزهري وتأثيره على الفم

تعتبر معالجة مرض الزهري في الفم مشابهة لعلاج المرض في مناطق أخرى من الجسم، حيث يتم استخدام المضادات الحيوية مثل البنسلين، وهو العلاج الأول والأكثر فعالية. يتم حقن البنسلين بطريقة معينة حسب مرحلة المرض، وفي حالات الحساسية يمكن استخدام أدوية بديلة.

مراحل العلاج والتأثير على الفم

• في المرحلة الأولى والثانية، يؤدي العلاج السريع إلى شفاء التقرحات والتخلص من الأعراض في غضون أسابيع.

• في المرحلة الثالثة، قد يكون الشفاء من الأضرار التي لحقت بالعظام والأنسجة اللينة أكثر صعوبة، وتتطلب أحيانًا تدخلات جراحية لإصلاح التشوهات أو إزالة الأنسجة الميتة.

• علاج الالتهابات الثانوية التي قد تصيب الفم بسبب تقرحات الزهري.

المضاعفات المحتملة لتأثير الزهري على الفم

يؤدي إهمال علاج الزهري إلى مضاعفات خطيرة في الفم تشمل:

• تفاقم التقرحات وامتدادها إلى مناطق أوسع.

• الإصابة بعدوى بكتيرية أو فطرية ثانوية في الفم.

• حدوث تشوهات دائمة في الفك والأسنان.

• ضعف شديد في الفم قد يؤثر على الأكل والكلام.

• زيادة خطر الإصابة بأمراض أخرى مثل فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) نتيجة ضعف الجهاز المناعي.

الوقاية من مرض الزهري في الفم

تتمثل الوقاية من مرض الزهري في الفم باتباع إجراءات الوقاية من العدوى الجنسية، وخاصة:

• استخدام وسائل الحماية مثل الواقيات الذكرية والأنثوية خلال جميع أنواع الاتصال الجنسي بما في ذلك الجنس الفموي.

• الفحص الطبي الدوري للكشف المبكر عن المرض والعلاج السريع.

• تجنب مشاركة الأدوات الشخصية التي تلامس الفم كالفرشاة أو الأواني.

• توعية المجتمع بخطورة المرض وطرق انتقاله.

جدول يوضح المراحل وتأثير الزهري على الفم

الخاتمة

يُعد الزهري من الأمراض التي قد تصيب الفم بأشكال مختلفة تبعًا لمرحلة المرض وتوقيت التشخيص والعلاج. يسبب الزهري في الفم أعراضًا قد تكون مدمرة إذا لم تعالج بشكل مناسب، حيث يؤثر على الأنسجة الرخوة والعظام، ما قد يسبب تشوهات مزمنة ويؤثر على الوظائف الحيوية للفم مثل الأكل والتحدث. التشخيص المبكر والعلاج المناسب للمراحل المبكرة من المرض هو العامل الحاسم للوقاية من هذه المضاعفات. من الضروري رفع الوعي الصحي لدى الأفراد حول طرق انتقال المرض ووسائل الوقاية، إضافة إلى أهمية الفحص الدوري خاصة عند وجود أعراض في الفم تدل على احتمال الإصابة بالزهري.

المصادر

1. Centers for Disease Control and Prevention (CDC) – Syphilis: Clinical Manifestations and Diagnosis

2. Mayo Clinic – Syphilis: Symptoms and Causes