“انتظر حتى العام المقبل: مذكرات” هو قصة فتاة صغيرة تنمو في ضواحي نيويورك في الخمسينيات من القرن العشرين، حيث كان امتلاك منزل عائلي واحد على شارع ممتلئ بالأشجار يعني تحقيق الأحلام، حين كان الجميع يعرف بعضهم البعض في الحي، وكان الأطفال يجتمعون في الشوارع للعب منذ طلوع الشمس حتى غروبها. كان الحي مقسمًا بالتساوي بين مشجعي الدودجرز والجايانتز واليانكيز، وكانت المتاجر الزاوية مسرحًا للمنافسات العنيفة والمحبة.
نلتقي بالأشخاص الذين أثروا في حياة غودوين الصغيرة: والدها، الذي نشأ من طفولة مؤلمة دون أي شك من الذات أو الحقد والذي علم ابنته منذ الصغر أنها يجب أن تقول كل ما تفكر فيه وأن تجلب صوتها إلى أي حوار في أي وقت؛ ووالدتها، التي تركتها مشاكل القلب بشرايين تشبه تلك لامرأة تبلغ من العمر سبعين عامًا عندما كانت في الثلاثينيات فقط، والتي كان حبها للكتب يسمح لها بتخطي حدود العالم الضيق الذي كانت مقيدة به بواسطة مرضها المزمن؛ وشقيقتيها الكبريتين؛ وأصدقاؤها في الحي؛ وأصحاب المتاجر المحلية؛ وأصدقاؤها في المدرسة ومعلميها.
هذه أيضًا قصة طفولة تجمع بين الاحتفالات الدينية الكبيرة للكنيسة الكاثوليكية والضروريات الموسمية للبيسبول لتنتج حبًا شغوفًا للتاريخ والطقوس والشعائر. إنها قصة النمو في عصر بدا على السطح عهدًا أكثر براءة حتى يتذكر المرء رعب شلل الأطفال، والشكوك المرضية للمكارثية التي انعكست حتى في ألعاب الأطفال، والهوس بتدريبات القنبلة الذرية في المدرسة، والوجه القبيح للتحيز العنصري. كان زمنًا كانت نسبية هدوؤه يحمل بذور العقد المضطربة في الستينيات.
هذا الكتاب، “انتظر حتى العام المقبل: مذكرات” للكاتبة دوريس كيرنز غودوين، يأخذنا في رحلة عاطفية ومثيرة لاكتشاف جوانب مختلفة من الحياة في الخمسينيات في نيويورك. يقدم لنا نافذة إلى عالم يبدو ساحرًا وبريئًا في البداية، لكنه يكشف عن التوترات والتحديات التي عاشها الناس في ذلك الزمن، من خلال عيون فتاة صغيرة تتأمل العالم حولها بشغف ودهشة.
“انتظر حتى العام المقبل: مذكرات” هو تاريخ شخصي يجمع بين الحنين إلى ماضٍ يبدو أشبه بالحلم وبين الواقعية الصادمة لعالم كان يختبئ وراءه العديد من التحديات والمخاوف. تعتبر هذه الرواية مرآة لعصر تغير فيه العالم بسرعة، حيث تحكي قصة لا تقل إثارة عن أي قصة خيالية، فهي تروي حكاية النمو والتطور في ظل ظروف استثنائية تشكلت فيها هويات وأحلام هذه الفتاة الصغيرة.
صدر هذا الكتاب في شهر أكتوبر من عام 1997 عن دار نشر سيمون آند شوستر، وهو من الأعمال التي تأخذك في رحلة زمنية ممتعة وتفاصيلية، تجمع بين تاريخ شخصي وتاريخ عام، مما يجعله مثيرًا للاهتمام لكل من يرغب في استكشاف عوالم جديدة وحقائق مثيرة عن الحياة في الخمسينيات في أمريكا.