الفرق بين الهريسة والبسبوسة: مكونات، تاريخ، وطرق التحضير
تعتبر الحلويات العربية جزءًا أساسيًا من المطبخ التقليدي في العديد من الدول العربية. من بين هذه الحلويات الشهيرة، نجد الهريسة والبسبوسة، اللتين تخلطان بين الطعم الحلو والمكونات البسيطة ليصنعا تجربة فريدة من نوعها. على الرغم من تشابه الشكل والمكونات بين الهريسة والبسبوسة، إلا أن هناك اختلافات جوهرية بينهما، سواء من حيث التحضير أو المذاق أو حتى الأصل الثقافي.
1. الهريسة والبسبوسة: نشأة وتاريخ
الهريسة
تعود الهريسة إلى المطبخ العربي، وهي حلوى مشهورة في بلدان مثل مصر ولبنان وسوريا. تاريخ الهريسة طويل ويعود إلى العصور الإسلامية، حيث كانت تحضر في قصور الخلفاء والسلاطين. على الرغم من أن الهريسة قد تكون أكثر شهرة في المطبخ الشرقي، إلا أن لها نظائر مشابهة في العديد من الثقافات العالمية.
في الأصل، كانت الهريسة تعتمد بشكل كبير على السميد، وهي مكون رئيسي في العديد من الحلويات العربية. قد تحتوي الهريسة على إضافات مثل جوز الهند أو المكسرات، بالإضافة إلى أنها قد تحضر في طبقات متعددة وتُخبز في أطباق مربعة أو مستطيلة.
البسبوسة
أما البسبوسة، فقد كانت معروفة في العديد من البلدان العربية، مثل مصر وتركيا. في بعض الأماكن، تعرف البسبوسة أيضًا باسم “هريسة السميد”، مما يثير بعض اللبس بين الهريسة والبسبوسة. يمكن القول إن البسبوسة أصبحت في السنوات الأخيرة أكثر شهرة في المطبخ العربي والعالمي، حيث يمكن العثور عليها في جميع المناسبات والاحتفالات.
تاريخ البسبوسة يعود إلى العصور القديمة في مصر، حيث كانت تعتبر طعامًا مميزًا للطبقات الراقية، ولا سيما في الأعياد والمناسبات الكبيرة. تحضر البسبوسة عادة في صواني مستديرة أو مربعة ويتم تزيينها باللوز أو الفستق أو أي مكسرات أخرى.
2. المكونات الرئيسية للهريسة والبسبوسة
الهريسة
تتكون الهريسة بشكل أساسي من السميد (أو الطحين في بعض الوصفات) والسكر، وتضاف إليها المكونات التي تعطيها نكهتها المميزة مثل الزبدة أو السمن، وبعض اللمسات مثل جوز الهند أو الفستق. كما تُحلى الهريسة بالعسل أو الشربات، وهو عنصر يميزها عن البسبوسة.
في بعض الوصفات التقليدية للهريسة، يتم إضافة الزبادي أو اللبن لجعل العجينة أكثر ليونة ونعومة. الهريسة غالبًا ما تكون أكثر لزوجة في قوامها مقارنة بالبسبوسة، ويُمكن أن تحتوي على مكسرات مثل الفستق أو اللوز.
البسبوسة
من ناحية أخرى، تعتبر البسبوسة مشابهة للهريسة في كونها تعتمد على السميد كعنصر أساسي، إلا أنها غالبًا ما تحتوي على كميات أقل من الزبدة أو السمن، وتُحضّر مع اللبن الرائب أو الزبادي لتعطي العجينة القوام الطري والمميز. تشتهر البسبوسة بإضافة القطر أو الشربات بعد الخبز، مما يضيف إليها حلاوة ورطوبة.
مكونات البسبوسة الأخرى تشمل السكر والماء، ويمكن أن تحتوي على إضافات مثل الفستق أو اللوز في الأعلى لتزيينها وإعطائها نكهة إضافية. أحد الاختلافات البارزة بين البسبوسة والهريسة هو أن البسبوسة قد تحتوي على نكهات أخرى مثل ماء الورد أو ماء الزهر التي تمنحها عبيرًا خاصًا.
3. الاختلافات في طريقة التحضير
طريقة تحضير الهريسة
يبدأ تحضير الهريسة بتقليب السميد مع السمن أو الزبدة حتى يصبح المزيج متماسكًا قليلًا. بعد ذلك، تضاف المكونات الأخرى مثل السكر والحليب أو اللبن، ثم يُضاف البيكنج باودر أو أي عامل مساعد آخر لرفع العجينة أثناء الخبز.
يتم صب المزيج في صينية مدهونة بالزبدة أو السمن، ثم توزع المكسرات على الوجه، وقد يتم تزيين الهريسة بأشكال مميزة قبل إدخالها إلى الفرن. بعد أن تكتسب الهريسة اللون الذهبي، يتم سكب الشربات البارد أو العسل على الوجه، مما يجعلها أكثر رطوبة ويعزز من طعمها الحلو.
طريقة تحضير البسبوسة
أما البسبوسة، فتبدأ بخلط السميد مع السكر واللبن والبيكنج باودر، ثم يتم إضافة السمن أو الزبدة في العجانة لتكوين عجينة ملساء. في بعض الوصفات، قد يُضاف إليها الفانيليا أو ماء الزهر لتضفي عليها نكهة عطرية.
تُسكب العجينة في صينية مدهونة وتُخبز في الفرن حتى تتحمر، وبعد إخراجها من الفرن، يتم سكب القطر أو الشربات عليها وهي ساخنة، مما يعطيها طراوة وحلاوة تميزها. في بعض الأحيان، يتم إضافة اللوز أو الفستق على السطح لتزيينها.
4. الاختلافات في المذاق والملمس
مذاق الهريسة
نظرًا لاستخدامها للسميد، فإن الهريسة تتمتع بمذاق خفيف وعطري، خاصة عندما تحتوي على المكسرات أو جوز الهند. يمكن أن تكون الهريسة أكثر كثافة من البسبوسة وأقل حلاوة، مما يجعلها أكثر ملاءمة لأولئك الذين يفضلون الحلويات التي تحتوي على نكهات غنية وعميقة.
مذاق البسبوسة
أما البسبوسة، فهي عادة ما تكون أكثر حلاوة ورطوبة بفضل القطر أو الشربات الذي يُضاف إليها بعد الخبز. نكهة الزبادي أو اللبن في البسبوسة تُضفي عليها طراوة لذيذة، مع توازن جيد بين المذاق الحلو واللذيذ. قد تكون البسبوسة أقل كثافة من الهريسة وأخف في قوامها.
5. الهريسة والبسبوسة في المناسبات
تعد الهريسة والبسبوسة من الحلويات التي تحضر في العديد من المناسبات السعيدة. في مصر، تعد البسبوسة من الحلويات الشعبية في الأعياد مثل عيد الفطر وعيد الأضحى، حيث يُسعد بها الكبار والصغار على حد سواء. أيضًا، الهريسة تقدم في المناسبات الاجتماعية الكبيرة كالأعراس وحفلات عيد الميلاد.
وفي بعض البلدان، تُعتبر الهريسة أكثر ارتباطًا بالمناسبات الخاصة، حيث يتجمع أفراد العائلة لتناولها وتبادلها بين الأصدقاء.
6. الاختلافات الإقليمية
الهريسة في المطبخ اللبناني والسوري
في لبنان وسوريا، قد تكون الهريسة أكثر كثافة ويتم تحضيرها باستخدام الزبدة أو السمن البلدي، وتُزين في بعض الأحيان باللوز أو الفستق. في هذه البلدان، تحضر الهريسة أحيانًا باستخدام طحين القمح المطحون بدلًا من السميد.
البسبوسة في المطبخ المصري
البسبوسة في مصر تُعد أكثر شعبية في الشوارع والمناسبات العامة. غالبًا ما تُزين بالبندق أو اللوز وتُصنع بمقادير موازية تمامًا بين السميد والسكر. في مصر، تُسمى البسبوسة أحيانًا بـ “السميد” نظرًا لاستخدامه كعنصر رئيسي في تحضيرها.
7. الاستنتاج
على الرغم من التشابه الكبير بين الهريسة والبسبوسة، إلا أن الاختلافات بينهما تكمن في بعض الجوانب المهمة مثل المكونات، وطريقة التحضير، والنكهة النهائية. الهريسة تتسم بكثافتها وحلاوتها المعتدلة مع إضافة نكهات جوز الهند أو المكسرات، بينما تتميز البسبوسة بمرونتها وطراوتها بفضل إضافة القطر.
فالمذاق النهائي لكل منهما يعكس المكونات المستخدمة وطريقة التحضير التي يتم اتباعها في كل منطقة، ما يجعلها حلوى محبوبة بشكل خاص في المناسبات المختلفة.
