النقرس: الأسباب والعلاج الفعال

تحليل النقرس: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج

النقرس هو نوع من أنواع التهابات المفاصل الذي يحدث بسبب تراكم بلورات حمض اليوريك في المفاصل. يُعتبر النقرس أحد أقدم الأمراض المعروفة في تاريخ الطب، وقد كان يُطلق عليه سابقاً “داء الملوك” نظرًا لارتباطه ارتباطًا وثيقًا بنمط حياة الأغنياء الذين كانوا يفرطون في تناول الأطعمة الغنية بالبروتينات والكحول. ومع مرور الوقت، تم فهم هذا المرض بشكل أفضل، وأصبح من الممكن التنبؤ به والحد من تأثيراته السلبية على الصحة إذا تم تشخيصه في وقت مبكر.

1. ما هو النقرس؟

النقرس هو حالة طبية مزمنة تتميز بنوبات مفاجئة من ألم شديد واحمرار في المفاصل. يحدث بسبب تراكم بلورات حمض اليوريك في هذه المفاصل، مما يؤدي إلى التهاب وألم حاد. ينتج حمض اليوريك عن تحلل مادة البيورين التي توجد بشكل طبيعي في بعض الأطعمة التي نتناولها.

عندما يكون مستوى حمض اليوريك في الدم مرتفعًا، فإن الجسم قد لا يكون قادرًا على التخلص منه بشكل كافٍ عبر الكلى، فيتراكم في الأنسجة والمفاصل. هذه البلورات تُسبب التهابًا وتورمًا في المفصل المصاب.

2. أسباب النقرس

النقرس يحدث عندما يتراكم حمض اليوريك في الجسم، ويعود ذلك إلى عدة أسباب:

أ. زيادة إنتاج حمض اليوريك

• الأطعمة الغنية بالبيورين: البيورينات هي مواد توجد في العديد من الأطعمة مثل اللحوم الحمراء، المأكولات البحرية، والأطعمة المصنعة. تحلل البيورينات في الجسم يؤدي إلى إنتاج حمض اليوريك. الإفراط في تناول هذه الأطعمة يمكن أن يرفع مستوى حمض اليوريك.

• الكحول: يعتبر الكحول أحد العوامل المساهمة في زيادة مستويات حمض اليوريك. على وجه الخصوص، يؤدي شرب المشروبات الكحولية مثل الجعة إلى ارتفاع تركيز حمض اليوريك في الدم.

ب. انخفاض قدرة الجسم على التخلص من حمض اليوريك

في بعض الأشخاص، تكون الكلى غير قادرة على التخلص من كميات كبيرة من حمض اليوريك بشكل فعال، مما يؤدي إلى تراكمه في الجسم. قد يتسبب هذا في تراكم بلورات حمض اليوريك في المفاصل والأنسجة الأخرى.

ج. العوامل الوراثية

قد يكون للعوامل الوراثية دور في زيادة خطر الإصابة بالنقرس. إذا كان أحد الوالدين يعاني من النقرس، فقد تكون الفرصة أكبر للإصابة بهذا المرض. كما يمكن أن تكون بعض العيوب الجينية مسؤولة عن ارتفاع مستوى حمض اليوريك في الدم.

د. بعض الأمراض والحالات الصحية

بعض الأمراض تزيد من خطر الإصابة بالنقرس، مثل:

• ارتفاع ضغط الدم

• مرض السكري

• السمنة

• أمراض الكلى: الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الكلى قد يكون لديهم صعوبة في التخلص من حمض اليوريك بشكل فعال.

3. أعراض النقرس

تتمثل الأعراض الأكثر شيوعًا للنقرس في نوبات مفاجئة من الألم الشديد في المفاصل، وخاصة في المفاصل التي تكون عادةً أكثر عرضة للإصابة مثل إصبع القدم الكبير. تشمل الأعراض الأخرى:

• ألم مفاجئ وحاد: يشتد الألم في البداية ثم يبدأ في التراجع. يكون هذا الألم شديدًا لدرجة أن الشخص قد لا يتمكن من تحريك المفصل المصاب.

• تورم واحمرار: المفصل المصاب يصبح منتفخًا ويظهر لونه أحمر.

• ارتفاع درجة حرارة الجسم: في بعض الحالات، يمكن أن يصاحب النقرس حمى خفيفة.

• حساسية للمس: قد يكون المفصل المصاب حساسًا جدًا للمس حتى لدرجة أن ارتداء الجوارب أو الأحذية قد يسبب ألمًا مبرحًا.

غالبًا ما تحدث هذه النوبات في الليل وتستمر لمدة 3 إلى 10 أيام. ومع مرور الوقت، يمكن أن تصبح النوبات أكثر تكرارًا وتطول مدة الألم.

4. تشخيص النقرس

يتم تشخيص النقرس عادة بناءً على تاريخ الأعراض والفحص البدني. يمكن أن يشمل التشخيص ما يلي:

أ. تحليل الدم

يتم قياس مستوى حمض اليوريك في الدم. في حالة ارتفاع مستوى حمض اليوريك في الدم بشكل غير طبيعي، قد يكون هذا مؤشرًا على الإصابة بالنقرس.

ب. تحليل السائل المفصلي

في هذا الاختبار، يتم سحب عينة من السائل الموجود داخل المفصل المصاب باستخدام إبرة طبية. يتم فحص العينة في المختبر للكشف عن وجود بلورات حمض اليوريك. وجود هذه البلورات في السائل المفصلي يعد دليلًا قاطعًا على الإصابة بالنقرس.

ج. الأشعة السينية

تُستخدم الأشعة السينية لتحديد مدى تأثير النقرس على المفاصل والأضرار التي قد تحدث نتيجة تراكم البلورات. قد تكشف الأشعة عن تغيرات في بنية المفصل بسبب النقرس المزمن.

5. علاج النقرس

علاج النقرس يعتمد على تقليل الألم والالتهاب، وكذلك منع تكرار النوبات. يشمل العلاج ما يلي:

أ. الأدوية

• مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs): تُستخدم لتخفيف الألم والتورم المرتبط بالنقرس. مثل الأيبوبروفين والنابروكسين.

• الكولشيسين: دواء يستخدم لتقليل الالتهاب وتخفيف الألم خلال نوبات النقرس الحادة.

• الأدوية التي تخفض مستويات حمض اليوريك: مثل الألوبيورينول والفبوكسوستات، التي تساعد في تقليل مستوى حمض اليوريك في الدم.

• الكورتيكوستيرويدات: في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاج بالأدوية الأخرى، يمكن أن توصف الستيرويدات لتقليل الالتهاب والألم.

ب. تغييرات في نمط الحياة

• تعديل النظام الغذائي: يجب تجنب الأطعمة الغنية بالبيورين مثل اللحوم الحمراء والكحول. يُنصح بتناول الأطعمة التي تحتوي على مستويات منخفضة من البيورين مثل الفواكه والخضروات.

• شرب الكثير من الماء: يساعد شرب الماء في تقليل تراكم حمض اليوريك في الجسم.

• فقدان الوزن: الحفاظ على وزن صحي يساعد في تقليل خطر الإصابة بالنقرس.

• ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة: تساعد التمارين الرياضية في تحسين وظيفة الكلى وتخفيف ضغط الدم، مما قد يساهم في تقليل خطر النقرس.

ج. العلاج الطبيعي

• استخدام الكمادات الباردة أو الدافئة: الكمادات الباردة يمكن أن تساعد في تقليل الالتهاب والألم، بينما قد تساعد الكمادات الدافئة في تخفيف التوتر العضلي المحيط بالمفصل المصاب.

6. الوقاية من النقرس

على الرغم من أن بعض العوامل المسببة للنقرس قد تكون خارج نطاق السيطرة، إلا أن هناك عدة خطوات يمكن اتخاذها للوقاية من النقرس أو تقليل تكرار نوباته:

• تقليل تناول الأطعمة الغنية بالبيورين.

• الحد من شرب الكحول.

• تناول كميات كافية من الماء.

• الحفاظ على وزن صحي.

• مراقبة مستويات حمض اليوريك بانتظام، خاصة إذا كان لديك تاريخ عائلي من النقرس.

7. النقرس المزمن

إذا لم يتم علاج النقرس بشكل فعال، يمكن أن يتطور إلى حالة مزمنة. في هذه المرحلة، قد تبدأ البلورات بالتراكم بشكل أكبر في المفاصل والأنسجة المحيطة بها، مما قد يؤدي إلى تلف دائم في المفاصل. يُعرف هذا النوع من النقرس بالنقرس المزمن.

8. خاتمة

يعد النقرس من الأمراض التي يمكن التحكم فيها إذا تم تشخيصها مبكرًا واتباع العلاج المناسب. من خلال الفحص الطبي المنتظم، يمكن إدارة مستويات حمض اليوريك في الدم، وبالتالي تقليل النوبات المؤلمة المرتبطة بالنقرس. العلاج الناجح يتطلب مزيجًا من الأدوية وتغيير نمط الحياة، ومن المهم أن يبقى الشخص المريض ملتزمًا بنصائح الطبيب للوقاية من تكرار النوبات والحد من تأثير المرض على نوعية الحياة.