أحداث فيلم “المومياء” (2017): حين تستيقظ أميرة من التاريخ!
يعد فيلم المومياء (The Mummy) الذي تم إنتاجه عام 2017 جزءًا من عالم Dark Universe السينمائي الذي كانت تسعى شركة يونيفرسال لاستحداثه، وذلك بإنعاش قصص الوحوش الكلاسيكية في إطار معاصر، ويجمع الفيلم بين الإثارة، الرعب، والمغامرة. ولكن، بعكس معظم أفلام الرعب التقليدية، يقدّم المومياء مزيجًا من التحديث في التقنيات الحديثة مع تقديم العناصر الكلاسيكية للأفلام القديمة التي أسست لأسطورة المومياء في الثقافة السينمائية. هذا الفيلم، الذي أخرجه أليكس كورتزمان، يعيد طرح الأسطورة الشهيرة للمومياء في ثوبٍ جديد، مزيج بين الحركة والفانتازيا، لينسج حكاية مليئة بالغموض والتشويق.
القصة المركزية: استيقاظ الأميرة من التاريخ
تدور أحداث الفيلم حول أميرة تدعى أحمد-سوم، وهي أميرة مصرية قديمة دُفنت في سراديب تحت الرمال في الصحراء العراقية. ومع مرور القرون، يبقى قبرها مغلقًا، لكن عثوره على هذه المقبرة يكون نقطة البداية لفصل جديد في عالم الموتى. القصة تبدأ بظهور شخصية نيك مورتون (الذي يلعب دوره توم كروز)، وهو جندي أمريكي مغامر يعمل في العراق مع صديقه كريس ويد (الذي يلعب دوره جاك هوجان) للبحث عن الكنوز. في أحد الأيام، يكتشفان مقبرة قديمة تحتوي على تابوت غريب تحيط به أسرار غير معروفة، وعندما يتم استخراج هذا التابوت، يبدأ الشر في التحرر من عالمه القديم.
يتسبب هذا الاكتشاف في إطلاق لعنة رهيبة تطارد الجميع، حيث تبقى أميرة الموت (التي تجسدها صوفيا بوتلة) حية في جسدها الموميائي وتستعيد حياتها من جديد. عادت الأميرة لتبحث عن الانتقام واستعادة قوتها، حيث كانت قد دُفنت في العصر القديم نتيجة مؤامرة سياسية كبيرة كانت تهدف إلى إقصائها من العرش لصالح شقيقها.
تتميز الأميرة في الفيلم بقدرات خارقة، فهي ليست مجرد مومياء عادية، بل هي كائن قادر على التحكم في القوى المظلمة، ولديها طموح لا يلين لاستعادة سلطتها، حتى وإن كان ذلك يعني تدمير كل من يقف في طريقها. ويأخذ الفيلم طابعًا مغامرًا، حيث ينضم نيك مورتون إلى رحلة مليئة بالتهديدات، حيث يسعى للنجاة من شر الأميرة.
الشخصيات الرئيسية وصراع البقاء
1. نيك مورتون (توم كروز):
نيك مورتون هو شخصية محورية في الفيلم، حيث يصوره توم كروز كجندي مغامر لا يهاب المخاطر، يبحث عن الثروات لكن في الوقت نفسه هو شخص يسعى للنجاة. تتصاعد الأحداث عندما يجد نفسه في قلب الصراع مع الأميرة المومياء، ويجد أن حياته مرتبطة بشكل غير عادي بما بدأه. شخصيته مليئة بالمفاجآت، حيث يتحول من رجل مادي إلى شخص يسعى لفهم القوى الغامضة التي سيواجهها. إن تطور شخصيته في الفيلم يظهر جليًا من خلال العلاقة التي ينشئها مع الكائنات الأخرى حوله، بما في ذلك الأميرة المومياء التي تتحكم في القوى المظلمة.
2. الأميرة أحمد-سوم (صوفيا بوتلة):
في أدائها لهذا الدور، تقدم صوفيا بوتلة شخصية الأميرة التي كانت في الماضي امرأة قوية، وتم تدمير حياتها من قبل رجال السلطة في عالمها. حينما تُستعاد حياتها من خلال اللعنة، تسعى للانتقام من الذين أوقعوا بها، وتلتقي مع نيك مورتون في صراع مستمر. هي ليست مومياء تقليدية، بل هي كائن يتمتع بقوى غير بشرية، قادرة على استخدام السحر الأسود والتحكم في الكائنات المظلمة. تميزها صوفيا بوتلة بإظهار التوترات بين الطابع الأنثوي الضعيف الظاهر والصراع الداخلي مع قوى الظلام، مما يجعلها خصمًا معقدًا لا يمكن التنبؤ به.
3. كريس ويد (جاك هوجان):
يؤدي جاك هوجان شخصية كريس ويد الذي يعد صديقًا مقربًا لـ نيك مورتون. ورغم أنه يظهر في بداية الفيلم كمجرد مساعد في البحث عن الكنوز، فإنه يصبح جزءًا مهمًا في النزاع ضد قوى المومياء. يظل في صراع داخلي بين الولاء للصديق ومواجهة القوة الشريرة التي بدأت في التوسع حولهم. على الرغم من أنه شخصية ثانوية مقارنة بـ نيك و أحمد-سوم، فإن له دورًا في تأكيد التوترات داخل القصة.
مزايا الفيلم من منظور تقني:
يعد فيلم المومياء تجربة سينمائية ممتعة من الناحية التقنية، سواء من حيث المؤثرات البصرية أو التصوير. تمتاز المشاهد بمؤثرات بصرية متقنة، حيث تم استخدام تقنيات حديثة في تصوير مخلوقات ظلامية مرعبة وجرعات ضخمة من الحركة المتسارعة، ما يجعل الأحداث شديدة الإثارة. التلاعب بالوقت، والتشويق، وظهور الكائنات المظلمة يساهم في زيادة غموض الفيلم.
استخدم الفيلم أيضًا تقنيات الحركة المتطورة، حيث كانت مشاهد الأكشن مليئة بمطاردات السيارات، والقتال على الأسطح المتحركة، والسقوط من المرتفعات، مما يعكس رغبة صانعي الفيلم في تقديم مشاهد حركية قوية، واحتفظت الحركات السريعة والشريرة للأميرة الطابع المميز لهذا النوع من الأفلام.
موقع الفيلم ضمن السياق التاريخي:
رغم أن الفيلم يقدم صورة معاصرة للأحداث ويعتمد على المؤثرات الحديثة، إلا أنه يظل متشابكًا مع الأساطير القديمة في الحضارة المصرية. استلهم صانعو الفيلم الكثير من عناصر الثقافة المصرية القديمة، مثل المعتقدات حول الحياة والموت، والعادات الجنائزية، والتقاليد المرتبطة بالملوك والمومياء. يقدّم الفيلم لمحة عن كيفية تصور العالم الغربي للأساطير المصرية القديمة، مستوحى من أفلام المومياء الكلاسيكية التي بدأت في ثلاثينيات القرن الماضي.
الجانب الفلسفي والرمزي:
على الرغم من الطابع الخيالي للمومياء، فإن هناك بعدًا فلسفيًا ورسائل رمزية تبرز في الفيلم. على سبيل المثال، شخصية أحمد-سوم تُظهر الصراع بين الأفراد الذين يسعون للانتقام من ماضيهم، وبين قوى الخير التي تسعى للبقاء. وفي هذا السياق، تُطرح أسئلة حول القوة، الانتقام، والعدالة، وكذلك تأثير العالم المادي على العالم الروحي. إن الغرق في رغبة الانتقام قد يؤدي إلى تدمير الذات، كما أن القوى الشريرة، رغم قوتها، لا يمكنها أن تحظى بالسلام الداخلي.
ختام الفيلم: تحولات وآمال جديدة
ينتهي الفيلم بحدث غير متوقع وهو عودة الحياة إلى نيك مورتون بعد أن يصبح جزءًا من عالم مخلوقات غير بشرية. يتضح أن اللعنة التي أطلقتها الأميرة قد جعلته الآن يرتبط بها بشكل غير مرئي، ولكن هناك أيضًا أمل في تطور الشخصية الرئيسية التي ستظل محورًا لأحداث محتملة في المستقبل. رغم أن الفكرة المركزية للفيلم هي التعامل مع الأسطورة التقليدية، إلا أن النهاية تفتح المجال لاحتمالات جديدة، حيث تصبح فكرة العالم المظلم الذي انطلق في هذا الفيلم نقطة انطلاق لأفلام أخرى في المستقبل.
الخاتمة
يعد فيلم المومياء 2017 إعادة حية لأحد أعظم الأساطير في التاريخ، حيث دمج بين الرعب، الإثارة، والحركة في قالب معاصر يواكب اهتمامات الجيل الجديد. ورغم بعض الانتقادات التي طالت الفيلم بخصوص بنيته السردية وطريقة معالجته للأسطورة، إلا أنه يبقى تجربة فنية تجمع بين الموروث الثقافي الغني والتقنيات السينمائية الحديثة، مما يقدّم صورة جديدة للمومياء، تلك الشخصية التي لطالما سحرت الناس وأثارت فضولهم عبر العصور.
