المانيفستو الذي غيّر قواعد اللعبة: “المانيفستو الخاص بكلوي”
في شهر مارس من عام 1999، شهدت شبكة الإنترنت ولادة وثيقة أحدثت ثورة في عالم الأعمال وأثارت نقاشات عالمية حيوية حول طبيعة الشركات في العصر الرقمي. هذه الوثيقة هي “المانيفستو الخاص بكلوي” (The Cluetrain Manifesto)، التي ظهرت في شكل تسع وتسعين أطروحة نُشرت على شبكة الإنترنت، مقدمة بذلك رؤية جديدة لواقع الأعمال التجارية وكيفية تفاعلها مع الأسواق والمستهلكين في عصر الشبكات الرقمية. وقد وصفها “وول ستريت جورنال” بأنها “رائعة تماماً”، حيث تسببت في تحفيز انتباه التنفيذيين في الشركات الكبرى، الذين بدأوا يتهافتون للتوقيع على هذا المانيفستو.
يتناول “المانيفستو الخاص بكلوي” الفكرة الأساسية التي مفادها أن العمل كالمعتاد قد انتهى إلى الأبد. وبدلاً من ذلك، يتناول كيفية اكتشاف الناس وتطوير طرق جديدة لمشاركة المعرفة بسرعة مذهلة عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى جعل الأسواق أكثر ذكاءً بسرعة تفوق قدرة معظم الشركات على مواكبتها. هذا التحول في طبيعة الأسواق يتجلى في حقيقة أن هذه الأسواق أصبحت محادثات حية، يتواصل أعضاؤها بلغة طبيعية، مفتوحة، صادقة، مباشرة، وفكاهية في كثير من الأحيان، وأحياناً قد تكون صادمة. الشركات التي لا تستمع إلى هذه المحادثات تفوت إنذاراً مهماً، وتلك التي لا تشارك فيها تخسر فرصة غير مسبوقة.
تقدم هذه الوثيقة أمثلة وتجارب مباشرة توضح كيف يختلف العمل عبر الإنترنت جذرياً عن الوضعية التقليدية للشركات. الحقيقة البارزة التي يشير إليها المانيفستو هي أن الموظفين أصبحوا مرتبطين بشبكة الإنترنت كما هو الحال بالنسبة للأسواق. الشركات بحاجة إلى الاستماع بعناية لكلا الجانبين. وقد حان الوقت للتخلي عن طرق العمل التقليدية لأن “المانيفستو الخاص بكلوي” يمثل بداية لمرحلة أكبر، حيث أن الأسواق أصبحت أكثر إطلاعاً وذكاءً وطلباً لخصائص تفتقر إليها معظم المنظمات التجارية.
في ظل هذه التحولات، أصبح التنظيم الداخلي للشركات أكثر ارتباطاً بالشبكة بدلاً من الهيكل الهرمي التقليدي. الاحترام للمعرفة العملية يتفوق على الاحترام للسلطة المجردة. يتعين على الشركات أن تتحول إلى منظمات تخلق ثقافة حقيقية تتمتع بمنظور وشخصية ووجهة نظر واضحة. من خلال ربط المحادثات داخل الشركة بتلك التي تحدث في السوق، يمكن للشركات التي تتفهم هذا التغيير أن تخلق قيمة جديدة هائلة.
لقد قدم “المانيفستو الخاص بكلوي” رؤى ثاقبة حول كيفية تطور الأسواق والتغيرات التي يجب على الشركات تبنيها لمواكبة العصر الرقمي. لقد سلط الضوء على أن الأسواق أصبحت أكثر ذكاءً، وأصبحت المحادثات جزءاً لا يتجزأ من كيفية تفاعل الشركات مع عملائها. من خلال فهم هذه التغيرات والالتزام بها، يمكن للشركات أن تجد لنفسها مكاناً مميزاً في عالم الأعمال المتغير بسرعة.