في عمله المثير والمليء بالرؤية النقدية، يأخذنا الكاتب محمد جربوعة في رحلة استكشافية عميقة داخل عقليات “الليبرالية العربية”، حيث يتقن الفن الساحر للسرد ويعزف على وتر الكلمات ببراعة فائقة، ليكشف لنا عن ذلك الطابور الخامس الذي يتمدد في ظل الجهل الذي يكتنفهم، وكيف ينزرعون أندساسًا في إبريق الشاي وحبة الدواء وحتى درس الرياضيات.
بأسلوبه السلس والمتقن، يستعرض جربوعة كيف يستغل هؤلاء الأفراد الذين يدعون الليبرالية في التسلل إلى المناصب الحساسة والتأثير في القرارات الخطيرة. يرسم صورة حية لتلك الشخصيات التي تتداول في مجتمعاتنا وكأنهم المخلصون حاملو القناديل، يزرعون الرغد ويتسللون بمعاني الحرية والتحرير.
ومن خلال تشبيك السرد بالواقع السياسي والاجتماعي، يقدم الكتاب فحصًا دقيقًا للظاهرة الليبرالية العربية وكيف تتسلل إلى العقول وتستغل الجهل والفقر لتحقيق أهدافها. يركز الكاتب على كيفية استخدامهم لمفاهيم مثل الحرية والتحرير كوسيلة للتأثير والتلاعب بالشعوب، مما يجعلهم يشبهون المسيح الدجال الذين يعدون الناس بالجنة في حين يسيطرون على مقدراتهم.
وكما يشدد جربوعة على أهمية فهم الحقيقة والعلم، يعكس ذلك في سرده لكيفية محاربة الجراثيم والميكروبات في المدارس كمثال توضيحي، حيث يبرز أهمية العلم في تحقيق التقدم والتفوق. ومن هنا، يتأكد القارئ من أن الجهل ليس سوى “كناطح الريح والدخان”، وأنه لا بد من العلم للنهوض وتحقيق التطور.
وفي هذا السياق، تظهر الورقات التي كتبها جربوعة كوسيلة للبيان والإضاءة، فهي تعتبر جواز سفر يوجه القارئ نحو فهم أعمق للواقع والظروف الراهنة. إن هذا العمل، الصادر عن المركز الدولي للاستراتيجيات والتخطيط، يأتي كإضافة قيمة إلى الكتب السياسية، حيث ينقلنا إلى عالم معقد ومشوق يستحق التأمل والتأمل. يتناول الكتاب قضايا معاصرة تتعلق بالسياسة العربية، ويسلط الضوء على ظاهرة “الليبرالية العربية” بطريقة مثيرة ومفككة.