الكتاراكت: الأسباب والعلاج

الكتاراكت / المياه البيضاء: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج

مقدمة

الكتاراكت، أو ما يُعرف في بعض البلدان العربية بالمياه البيضاء، هو حالة طبية شائعة تؤثر على العين وتسبب ضبابية في الرؤية قد تتفاقم تدريجياً. وهو من أكثر أسباب فقدان البصر شيوعًا في جميع أنحاء العالم. يؤثر الكتاراكت بشكل خاص على كبار السن، لكن يمكن أن يُصيب أي شخص في مراحل عمرية مختلفة نتيجة لعدة عوامل. في هذا المقال، سنتناول كل ما يتعلق بالكتاراكت من حيث الأسباب، الأعراض، التشخيص، والعلاج.

ما هو الكتاراكت؟

الكتاراكت هو عملية تعتيم تدريجي للعدسة داخل العين. العدسة هي جزء من العين يقع خلف القزحية (الجزء الملون من العين)، وتسمح للرؤية الواضحة من خلال تركيز الضوء على الشبكية. في حالة الكتاراكت، تبدأ العدسة في فقدان شفافيتها، مما يؤدي إلى ظهور صورة ضبابية أو مشوشة عند النظر.

أنواع الكتاراكت

هناك عدة أنواع من الكتاراكت، التي تختلف من حيث السبب والموقع في العدسة:

1. الكتاراكت النووي: يحدث هذا النوع من الكتاراكت في النواة (الجزء المركزي للعدسة)، ويتميز بتغيرات في لون العدسة من اللون الأبيض إلى اللون الأصفر أو البني. يحدث عادة مع التقدم في العمر.

2. الكتاراكت القشري: يصيب هذا النوع من الكتاراكت الطبقات الخارجية للعدسة ويظهر على شكل خطوط أو شقوق بيضاء. يمكن أن يؤثر هذا النوع في الرؤية الجانبية.

3. الكتاراكت الخلفي: يصيب الجزء الخلفي من العدسة، وغالباً ما يحدث بسرعة أكبر مقارنةً بالأنواع الأخرى. هذا النوع من الكتاراكت يمكن أن يؤثر على الرؤية بشكل ملحوظ في ظروف الإضاءة الساطعة أو أثناء القيادة في الليل.

4. الكتاراكت الخلقي: يُصيب الأطفال منذ الولادة، ويكون غالبًا نتيجة لعوامل وراثية أو مشكلات صحية حدثت أثناء الحمل.

5. الكتاراكت نتيجة للأدوية أو الإصابات: قد يظهر الكتاراكت بعد استخدام بعض الأدوية مثل الكورتيكوستيرويدات لفترات طويلة، أو نتيجة لإصابة مباشرة للعين.

أسباب الكتاراكت

تعتبر الشيخوخة هي السبب الرئيسي لظهور الكتاراكت، لكن هناك العديد من العوامل الأخرى التي قد تسهم في تطوره:

1. التقدم في العمر: مع تقدم العمر، تبدأ البروتينات الموجودة في العدسة في التدهور، مما يؤدي إلى ظهور التعتيم.

2. العوامل الوراثية: في بعض الحالات، يمكن أن يكون الكتاراكت وراثيًا، حيث يمكن أن تظهر في أفراد العائلة.

3. الإصابات: الإصابات التي تصيب العين قد تؤدي إلى تطور الكتاراكت على المدى الطويل، حتى وإن كانت الإصابة بسيطة.

4. الأمراض المزمنة: مثل السكري، حيث يعاني الأشخاص المصابون بالسكري من زيادة احتمالية الإصابة بالكتاراكت نتيجة للمستويات المرتفعة من الجلوكوز في الدم.

5. التعرض للأشعة فوق البنفسجية: التعرض المباشر للأشعة الشمسية لفترات طويلة يزيد من احتمالية تطور الكتاراكت، خصوصًا في الأشخاص الذين لا يرتدون نظارات شمسية واقية.

6. استخدام بعض الأدوية: مثل الكورتيكوستيرويدات، والتي قد تؤدي إلى تطور الكتاراكت بعد فترة من الاستخدام الطويل.

7. التدخين: يعتبر التدخين من العوامل التي تزيد من فرص تطور الكتاراكت بشكل أسرع.

الأعراض

تتطور أعراض الكتاراكت بشكل بطيء على مر الزمن، وتختلف من شخص لآخر حسب شدة الحالة. من أبرز الأعراض التي قد يلاحظها المصاب بالكتاراكت:

• رؤية ضبابية أو مشوشة: يصبح العالم من حول الشخص أكثر ضبابية، مع صعوبة في رؤية التفاصيل.

• صعوبة في الرؤية أثناء الليل: يلاحظ الأشخاص المصابون بالكتاراكت صعوبة أكبر في الرؤية عند القيادة ليلاً، بسبب التوهجات حول الأضواء.

• تغيرات في تصحيح الرؤية: قد يتغير وصف النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة بشكل متكرر، حيث تتغير قوة التركيز في العين.

• رؤية الألوان بشكل باهت: قد يبدو أن الألوان تصبح أقل وضوحًا أو مشبعة بالألوان.

• تشويش أو “هالات” حول الأضواء: قد يرى الشخص هالات حول الأضواء الساطعة، سواء في النهار أو الليل.

التشخيص

يتم تشخيص الكتاراكت من خلال الفحص الطبي الذي يجريه طبيب العيون. تتضمن هذه الفحوصات:

1. الفحص البصري: يقوم الطبيب بإجراء فحص دقيق للعين باستخدام جهاز يسمى “الشرارة”، وهو جهاز ضوء قوي يستخدم لفحص العدسة.

2. اختبار حدة الإبصار: يقيس الطبيب مدى وضوح الرؤية باستخدام مخطط الرؤية المعروف بـ “مخطط العين”، والذي يتطلب من الشخص قراءة الأحرف أو الرموز على مسافات معينة.

3. اختبار الانكسار: لتحديد أي مشاكل في تركيز الضوء داخل العين.

4. اختبار البؤرة الخلفية للعين: يستخدم هذا الاختبار لتحديد ما إذا كان هناك عتامة في العدسة التي تؤثر على الرؤية.

العلاج

يمكن علاج الكتاراكت من خلال عدة طرق، تعتمد على شدة الحالة وعمر المريض:

1. النظارات أو العدسات اللاصقة: في المراحل المبكرة من الكتاراكت، قد تكون النظارات أو العدسات اللاصقة كافية لتحسين الرؤية. ومع تطور الحالة، قد تحتاج إلى تغيير هذه الوصفات بشكل دوري.

2. الجراحة: عندما تصبح الرؤية غير قابلة للتحسين بالنظارات أو العدسات، قد تكون الجراحة الخيار الوحيد. عملية جراحة الكتاراكت هي عملية شائعة وآمنة جدًا. تتضمن الجراحة إزالة العدسة المعتمة واستبدالها بعدسة صناعية. يتم إجراء هذه الجراحة تحت التخدير الموضعي، وتستغرق عادةً حوالي 30 دقيقة.

   • العملية التقليدية: يتم إجراء شق في العين وإزالة العدسة المعتمة باستخدام أداة صغيرة.

   • الفاكو (Phacoemulsification): هي التقنية الأكثر شيوعًا حيث يتم تفتيت العدسة المعتمة باستخدام الموجات الصوتية وإزالتها.

   • زراعة العدسة داخل العين: يتم استبدال العدسة الطبيعية بأخرى صناعية، مما يساعد على استعادة الرؤية.

3. الرعاية بعد الجراحة: بعد إجراء الجراحة، يحتاج المريض إلى فترة نقاهة قصيرة تتراوح من يومين إلى أسبوع. يوصى بتجنب أي نشاطات قد تؤدي إلى الضغط على العين في الأيام الأولى بعد الجراحة.

4. العلاج الدوائي: في بعض الحالات، قد يستخدم الأطباء قطرات أو أدوية لتقليل الالتهابات أو تسريع عملية الشفاء بعد الجراحة.

الوقاية من الكتاراكت

رغم أنه لا يمكن تجنب الكتاراكت بشكل كامل، يمكن اتخاذ بعض التدابير لتقليل فرص الإصابة به أو تأخير تطوره:

• حماية العين من الأشعة فوق البنفسجية: ارتداء نظارات شمسية ذات جودة عالية يمكن أن يقلل من تأثير الأشعة فوق البنفسجية على العين.

• التغذية الجيدة: الحفاظ على نظام غذائي غني بالفيتامينات مثل فيتامين C وE والزنك يمكن أن يساعد في الحفاظ على صحة العين.

• الامتناع عن التدخين: يمكن أن يقلل الإقلاع عن التدخين من خطر الإصابة بالكتاراكت.

• التحكم في الأمراض المزمنة: مثل السكري، حيث يُنصح المرضى المصابون بالسكري بالحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن المعدلات الطبيعية.

• إجراء فحوصات دورية للعين: يمكن الكشف المبكر عن الكتاراكت من خلال فحص العين المنتظم، خاصةً في الحالات التي تكون فيها عوامل خطر مرتفعة.

الخاتمة

الكتاراكت هو حالة شائعة قد تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة إذا لم يتم علاجها بشكل فعال. من خلال الفحص المنتظم، يمكن تشخيصه مبكرًا والبدء في علاج مناسب، مما يتيح للمريض استعادة الرؤية الطبيعية أو تحسينها بشكل كبير. تظل الجراحة هي الخيار الأمثل في معظم الحالات المتقدمة، وتعد من العمليات الآمنة التي تتمتع بنسبة نجاح عالية.