طب وصحة

القدم المفلطحة: الأسباب والعلاج

جدول المحتوى

القدم المفلطحة Flat Foot: الأسباب، الأعراض، التشخيص، والعلاج الشامل

تُعدّ القدم المفلطحة (Flat Foot) أو ما يُعرف أيضًا بتسطيح القدم أو “الفلات فوت”، حالة شائعة تحدث عندما يكون قوس القدم الداخلي منخفضًا أو غير موجود تمامًا، بحيث تلامس القدم الأرض بشكل كامل عند الوقوف. تختلف شدة هذه الحالة من شخص إلى آخر، فقد تكون غير مصحوبة بأعراض لدى بعض الأفراد، في حين تسبب ألماً أو صعوبة في المشي لدى آخرين. تتنوع أسباب هذه الحالة بين عوامل وراثية، مكتسبة أو ناتجة عن أمراض أخرى، كما أن علاجها يتراوح بين تمارين بسيطة إلى تدخل جراحي في الحالات الشديدة.


التشريح الطبيعي لقوس القدم

يتكوّن القوس الداخلي للقدم من عظام ومفاصل وأربطة وأوتار، ويُعد هذا القوس الهيكلي عنصرًا بالغ الأهمية لتوزيع وزن الجسم وامتصاص الصدمات عند المشي أو الجري. يتطوّر قوس القدم تدريجيًا لدى الأطفال خلال السنوات الأولى من حياتهم، وفي بعض الحالات قد لا يتطور القوس إطلاقًا، مما يؤدي إلى القدم المسطحة. يمكن أن تؤثر مشاكل في الأوتار، وخاصةً وتر الظنبوب الخلفي (posterior tibial tendon)، على استقرار القوس.


أنواع القدم المفلطحة

يتم تصنيف القدم المفلطحة إلى نوعين رئيسيين:

1. القدم المسطحة المرنة (Flexible Flat Foot)

وهو النوع الأكثر شيوعًا، حيث يكون القوس موجودًا عندما لا تكون القدم مثقلة بالوزن، ولكنه يختفي عند الوقوف. هذا النوع غالبًا ما يكون غير مؤلم في الطفولة، لكنه قد يتسبب في أعراض لاحقًا مع التقدم في السن.

2. القدم المسطحة الصلبة (Rigid Flat Foot)

وهو نوع نادر وأشد خطورة، حيث يكون القوس غائبًا سواء أثناء الوقوف أو الجلوس. وغالبًا ما يكون مرتبطًا بعيوب خلقية في العظام أو المفاصل مثل الاندماج بين عظام القدم (tarsal coalition).


الأسباب والعوامل المؤدية للقدم المسطحة

عوامل وراثية

تلعب الوراثة دورًا مهمًا في تطور القدم المسطحة، إذ غالبًا ما يُلاحظ وجود تاريخ عائلي للحالة.

ضعف أو تمزق في وتر الظنبوب الخلفي

يُعدّ السبب الرئيسي في البالغين، حيث يؤدي ضعف أو تمزق هذا الوتر إلى فقدان دعم القوس وسقوطه مع الزمن.

البدانة

يزيد الوزن الزائد من الضغط على القدمين، مما يسرّع انهيار القوس، ويزيد من خطر الإصابة بالفلات فوت.

إصابات القدم أو الكاحل

يمكن أن تؤدي الكسور أو التواءات المفاصل أو إصابات الأوتار إلى تسطح دائم في القدم.

أمراض التهابية

مثل التهاب المفاصل الروماتويدي الذي قد يؤدي إلى تآكل المفاصل ودعائم القدم.

أمراض عصبية عضلية

مثل الشلل الدماغي أو الحثل العضلي، التي تؤثر على وظيفة العضلات وتوازن الجسم.

التقدم في السن

مع التقدم في العمر، تضعف الأربطة والأوتار مما يؤدي إلى تسطح القدم تدريجيًا.


الأعراض الشائعة للقدم المسطحة

  • ألم في القدم، خصوصًا في منطقة القوس أو الكعب

  • انتفاخ داخلي في الكاحل

  • إرهاق في القدم بعد النشاط أو المشي الطويل

  • تغير في نمط المشي

  • تقلصات عضلية في الساق أو الكاحل

  • آلام في الركبة أو أسفل الظهر بسبب عدم توازن الجسم


تشخيص القدم المسطحة

يعتمد التشخيص على تقييم سريري شامل يتضمن:

الفحص الجسدي

يقوم الطبيب بملاحظة شكل القدم عند الوقوف والمشي، والبحث عن علامات التسطح أو ضعف التوازن العضلي.

اختبار الوقوف على رؤوس الأصابع

إذا كان الشخص غير قادر على رفع الكعب عن الأرض أثناء الوقوف على أطراف أصابعه، فقد يشير ذلك إلى ضعف في وتر الظنبوب الخلفي.

التصوير بالأشعة السينية

تساعد على تحديد التغيرات الهيكلية في عظام القدم أو تشوهات العظام.

التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)

يُستخدم لتقييم الأوتار والأربطة في الحالات المتقدمة أو المعقدة.

التصوير بالموجات فوق الصوتية

مفيد لتقييم تمزق الأوتار وخاصة وتر الظنبوب الخلفي.


الفرق بين القدم المسطحة الطبيعية والمرضية

ليست كل حالات القدم المسطحة بحاجة إلى علاج، فالكثير من الأطفال يولدون بأقدام مسطحة مرنة وتختفي تدريجيًا عند بلوغهم سن السادسة أو السابعة. أما الحالات المرضية فتكون مرتبطة بألم، ضعف، أو مشاكل في المشي وتتطلب التدخل الطبي.


مضاعفات القدم المسطحة

في حال عدم العلاج، قد تؤدي القدم المفلطحة إلى عدد من المضاعفات، من أبرزها:

  • التهاب اللفافة الأخمصية (Plantar Fasciitis)

  • التهاب الأوتار، خاصةً وتر أخيل

  • التهاب المفاصل في الكاحل أو القدم

  • ألم في الركبة أو الورك نتيجة تغير ميكانيكية الحركة

  • مشاكل في العمود الفقري بسبب سوء المحاذاة الجسدية


العلاج غير الجراحي للقدم المسطحة

يُعتبر العلاج المحافظ الخيار الأول في معظم الحالات، خاصة في الأنواع المرنة من الفلات فوت، ويشمل:

1. استخدام الأحذية الطبية

يُنصح بارتداء أحذية داعمة للقوس وتُزود بوسادات تقويمية مخصصة (Orthotics) لتخفيف الضغط وتحسين التوزان.

2. تمارين العلاج الطبيعي

تمارين تقوية أوتار القدم، خاصةً تمرينات رفع الكعب، وتمارين التوازن، تساعد على إعادة دعم القوس.

3. الأدوية المضادة للالتهاب

يتم وصف مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (مثل الإيبوبروفين) لتقليل الألم والتورم.

4. فقدان الوزن

يسهم تخفيف الوزن في تقليل الضغط على القدم وتحسين الأعراض بشكل كبير.

5. الراحة وتجنب النشاطات المجهدة

في حال وجود ألم، يُنصح بتقليل النشاط البدني الذي يزيد من تفاقم الحالة.


العلاج الجراحي للقدم المسطحة

في حال فشل الطرق المحافظة، أو وجود تشوهات شديدة في العظام أو الأوتار، قد يلجأ الطبيب إلى الجراحة، والتي تشمل:

1. إصلاح وتر الظنبوب الخلفي

إذا كان التسطح ناتجًا عن تمزق أو ضعف في هذا الوتر.

2. دمج المفاصل (Arthrodesis)

يُستخدم في الحالات التي تتطلب استقرارًا دائمًا لعظام القدم.

3. نقل الأوتار

يُجرى لنقل وتر من جزء آخر من القدم لتعويض وظيفة وتر الظنبوب الخلفي.

4. تطويل وتر العرقوب (Achilles tendon lengthening)

يُستخدم في حال وجود قصر في هذا الوتر، مما يؤدي إلى تحسن في محاذاة القدم.


القدم المفلطحة عند الأطفال

غالبًا ما تكون هذه الحالة فسيولوجية وغير مرضية في مرحلة الطفولة المبكرة. يُفضل عدم التدخل الطبي إلا إذا لاحظ الأهل وجود ألم، صعوبة في المشي، أو تأخر في النمو الحركي. معظم الأطفال تتطور لديهم الأقواس بشكل طبيعي مع مرور الوقت.


القدم المفلطحة عند الرياضيين

يمكن أن تكون القدم المسطحة تحديًا حقيقيًا للرياضيين، حيث تزيد من خطر الإصابات وتؤثر على الأداء. يُوصى باستخدام حذاء رياضي مخصص، مع ضرورة الخضوع للعلاج الطبيعي للوقاية من الإصابات المزمنة مثل التهاب الأوتار وتمزق أربطة الكاحل.


الوقاية من تفاقم القدم المسطحة

  • ممارسة تمارين تقوية القدم بانتظام

  • تجنب زيادة الوزن المفاجئة

  • ارتداء أحذية مناسبة ومبطنة

  • الفحص المبكر للأطفال وتقديم الدعم المناسب

  • مراجعة الطبيب عند ظهور أي ألم في القدم أو الكاحل


جدول مقارنة بين القدم المفلطحة المرنة والصُلبة

الخاصية القدم المفلطحة المرنة القدم المفلطحة الصُلبة
وجود القوس عند الجلوس نعم لا
شيوع الحالة شائعة جدًا نادرة
الأعراض غالبًا بدون أعراض غالبًا مؤلمة جدًا
سبب التسطح ضعف الأوتار أو الوراثة مشاكل هيكلية في العظام
الاستجابة للعلاج جيدة بالعلاج المحافظ غالبًا تحتاج جراحة

الخلاصة

القدم المفلطحة حالة شائعة ولكنها ليست دائمًا مرضية. يتطلب التشخيص الدقيق والتمييز بين الأنواع المختلفة متابعة طبية متخصصة لتجنب المضاعفات طويلة الأمد، خاصةً عند البالغين أو في حال ظهور الألم. يظل العلاج المحافظ هو الخيار الأول والأكثر فعالية في معظم الحالات، ولكن التدخل الجراحي قد يكون ضروريًا عندما يكون التسطيح ناتجًا عن عيوب هيكلية أو إصابات في الأوتار. الوقاية والعلاج المبكر، خاصة لدى الأطفال، يساهمان في تجنب الأعراض المستقبلية وتحقيق جودة حياة أفضل.


المراجع

  1. Mayo Clinic. “Flatfeet.” https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/flatfeet

  2. American Orthopaedic Foot & Ankle Society. “Adult Acquired Flatfoot Deformity.” https://www.aofas.org