الفرق بين هندسة الديكور والتصميم الداخلي

الفرق بين هندسة الديكور والتصميم الداخلي

تُعد مجالات التصميم والبناء والديكور من أكثر التخصصات الإبداعية التي تجمع بين الفن والعلوم، وهي تلعب دورًا أساسيًا في صياغة البيئات التي نعيش ونعمل فيها. من بين هذه التخصصات يبرز كل من “هندسة الديكور” و”التصميم الداخلي” كمسارين مهنيين متشابهين إلى حد كبير في بعض الجوانب، ولكنهما يختلفان في نطاق العمل، الخلفية الأكاديمية، ودرجة التخصص. ويُعتبر التمييز بين هذين المفهومين ضروريًا لفهم طبيعة كل مهنة وتحديد المسار المناسب سواء للدراسة الأكاديمية أو لسوق العمل.

أولاً: التعريف بالمفهومين

هندسة الديكور

هندسة الديكور هي تخصص أكاديمي وفني يشمل دراسة العناصر الفنية والمعمارية المرتبطة بتنظيم وتجميل الفضاء الداخلي، مع الأخذ بعين الاعتبار القيم الجمالية والوظيفية والهندسية. وهي تُعنى بتنفيذ عناصر الزخرفة، الألوان، الأقمشة، المفروشات، الإضاءة، الإكسسوارات، والأساليب الفنية التي تضيف طابعًا جماليًا للفراغ. كما تدمج بين الجانب الفني والعملي من حيث الانسجام مع البنية المعمارية.

التصميم الداخلي

التصميم الداخلي هو تخصص أشمل وأكثر تقنية، يركز على تخطيط وتنظيم الفضاءات الداخلية من الناحية الوظيفية والجمالية، حيث يقوم المصمم الداخلي بدراسة الفضاء وتحليله وتقديم حلول تصميمية مبتكرة تراعي الراحة، الاستخدام الأمثل للمساحة، الأنظمة الكهربائية والميكانيكية، سلامة المستخدم، والامتثال للمعايير البيئية والمعمارية.

ثانيًا: الخلفية الأكاديمية والتكوين العلمي

هنا يظهر الفارق الجوهري، حيث تُعتبر هندسة الديكور أكثر ارتباطًا بالفن الجمالي، بينما يُعتبر التصميم الداخلي علمًا تطبيقيًا يعتمد على المبادئ الهندسية والتنظيمية.

ثالثًا: طبيعة العمل والمهام

مهام مهندس الديكور

• اختيار الألوان والتدرجات اللونية المناسبة للفراغ.

• تنسيق الأقمشة والمفروشات والإكسسوارات.

• العمل على اللمسات الجمالية مثل اللوحات الفنية والزخارف.

• التعاون مع مهندسي الديكور الداخلي والمقاولين لتطبيق الرؤية الجمالية.

مهام المصمم الداخلي

• تحليل احتياجات المستخدمين والفراغات.

• تخطيط المساحات مع مراعاة التدفق الوظيفي.

• اختيار المواد المناسبة للبناء والتشطيب.

• تصميم وتحديد مواقع الإضاءة والأنظمة الميكانيكية.

• إعداد المخططات التنفيذية والتقنية.

• التعامل مع الجوانب البيئية والأنظمة المستدامة.

في المجمل، يُعتبر المصمم الداخلي أكثر ارتباطًا بالجوانب الهندسية المعقدة، فيما يركّز مهندس الديكور على التعبير الفني داخل الفضاء.

رابعًا: التأثير المعماري على كل تخصص

يمتلك المصمم الداخلي خلفية معمارية تمكنه من التعامل مع الهيكل المعماري الداخلي وتعديله وفقًا للحاجة، مثل إزالة جدران أو إعادة توزيع المساحات، شرط التوافق مع القوانين الهندسية. في المقابل، لا يُسمح لمهندس الديكور غالبًا بإجراء تعديلات معمارية جوهرية دون الرجوع إلى مختصين، إذ يركز عمله على الإطار الجمالي والتزييني.

خامسًا: البرامج والأدوات المستخدمة

يعتمد المصمم الداخلي بدرجة أكبر على برامج الرسم الهندسي ونمذجة الفضاءات الداخلية، فيما يميل مهندس الديكور إلى البرامج الفنية والمرئية.

سادسًا: الأبعاد القانونية والتنظيمية

في كثير من الدول، لا يُسمح لمهندس الديكور بالعمل في مشاريع ذات طابع معماري أو إنشائي ما لم يكن حاصلًا على ترخيص محدد بذلك، في حين يُعد المصمم الداخلي جهة معترف بها رسميًا لتنفيذ مشاريع إعادة التنظيم الداخلي للمباني والمنشآت، ويخضع غالبًا لمعايير مهنية وهندسية صارمة.

سابعًا: التأثير النفسي والاجتماعي

كل من هندسة الديكور والتصميم الداخلي يسهم في التأثير على سلوك الأفراد داخل الفضاءات المختلفة. إلا أن التصميم الداخلي يرتبط بعمق بالجوانب النفسية والوظيفية، مثل تقليل التوتر، تعزيز الإنتاجية، تحسين التهوية والإضاءة الطبيعية. أما هندسة الديكور، فهي تعزز الجمال البصري والشعور بالانسجام والرفاهية، ما يزيد من الرضا العام للمستخدم.

ثامنًا: التخصصات الفرعية في كل مجال

في هندسة الديكور:

• التصميم الكلاسيكي والحديث

• فنون الزخرفة والتزيين

• تنسيق الأثاث والمفروشات

• الإضاءة الجمالية

في التصميم الداخلي:

• تصميم الفضاءات السكنية

• تصميم الفضاءات التجارية (متاجر، فنادق، مكاتب)

• التصميم المستدام

• التصميم المريح (Ergonomics)

• تصميم المساحات الصغيرة

يُلاحظ أن مجالات التصميم الداخلي أوسع من حيث الوظائف، وتتناول أبعادًا متعددة مرتبطة باستخدامات الفضاءات.

تاسعًا: فرص العمل في السوق

وبالتالي يُعتبر مجال التصميم الداخلي أكثر استقرارًا على المدى الطويل وأوسع من حيث التنوع المهني.

عاشرًا: العلاقة التكميلية بين المجالين

رغم الفروق بين المجالين، إلا أنه لا يمكن إغفال العلاقة التكميلية بينهما. ففي المشاريع الكبرى، يتعاون المصمم الداخلي مع مهندس الديكور لتحقيق التكامل بين الجانب الوظيفي والجمالي. فبينما يضمن المصمم الداخلي توزيعًا فعّالًا للمساحات وتناسق الأنظمة، يأتي دور مهندس الديكور ليعزز القيمة الفنية من خلال اللمسات النهائية التي تجعل الفضاء أكثر دفئًا وأناقة.

الخلاصة: المقارنة الشاملة

المراجع:

• Interior Design: A Critical Introduction, by Clive Edwards. Bloomsbury Publishing, 2011

• Architectural Interior Systems, by James Benya. Wiley, 2010