الفرق بين “كم” الاستفهامية و”كم” الخبرية:
تعدّ “كم” من الألفاظ المهمة في اللغة العربية، حيث تُستخدم في سياقات متعددة، وهي تحمل دلالات مختلفة حسب السياق الذي تأتي فيه. من بين الاستخدامات البارزة لهذه الكلمة، تبرز وظيفتها كـ”أداة استفهام” و”أداة خبرية”. وفي هذا المقال، سنتناول بالتفصيل الفرق بين “كم” الاستفهامية و”كم” الخبرية من خلال استعراض معنى كل منهما، وكيفية استخدامها في الجمل، والتفريق بين السياقات المختلفة.
أولاً: تعريف “كم” الاستفهامية
تُعتبر “كم” الاستفهامية من الأدوات التي تُستخدم للاستفهام عن الكمية أو العدد. وتأتي في بداية السؤال غالبًا، وتُستخدم في الأسئلة التي يتوقع السائل أن يُجيب عنها الشخص الآخر بمقدار أو عدد. تتعلق “كم” الاستفهامية بمفهوم الاستفهام عن كمية شيء ما أو عدد الأشياء.
مثال على “كم” الاستفهامية:
-
كم كتابًا قرأت؟
-
كم شخصًا حضر الاجتماع؟
في الجمل السابقة، تُستخدم “كم” الاستفهامية للسؤال عن عدد الأشياء (الكتب، الأشخاص) التي تم القيام بها أو تم حضورها. والجواب المتوقع في هذه الحالات سيكون عددًا أو كمية محددة.
من الخصائص التي تميز “كم” الاستفهامية:
-
تأتي دائمًا في سياق سؤال.
-
لا يمكن أن يأتي جوابها إلا برقم أو كمية.
-
يعتمد الجواب على المعطيات التي يعرفها الطرف الآخر، وهو غير محدد مسبقًا.
-
تأتي “كم” الاستفهامية غالبًا مع ظرف زمني أو مكاني، مثل “كم يومًا”، “كم مترًا”، وغيرها.
ثانياً: تعريف “كم” الخبرية
أما “كم” الخبرية فهي تختلف عن “كم” الاستفهامية، إذ تُستخدم للإخبار عن عدد أو كمية من شيء ما، ولكنها لا تحمل معنى السؤال. هي أداة خبرية تُستخدم في الجمل التي تحتوي على دلالة عن عدد الأشياء أو الكمية التي تم تحديدها مسبقًا أو تم التحقق منها.
مثال على “كم” الخبرية:
-
لقد قرأت كمًا من الكتب هذا الشهر.
-
شاهدت كمًا من الأفلام في عطلة نهاية الأسبوع.
في هذه الأمثلة، “كم” ليست للاستفهام بل للإخبار. فهي تُستخدم لتوضيح كمية أو عدد شيء معين قد تم تحديده في سياق الحديث.
من الخصائص التي تميز “كم” الخبرية:
-
تأتي في سياق الجمل الخبرية التي تقدم معلومات أو حقائق.
-
لا تكون الإجابة على الجملة بحاجة إلى رقم أو كمية جديدة، حيث يتم التحدث عن شيء تم تحديده مسبقًا.
-
تأتي غالبًا بعد فعل ماضٍ أو مصدر.
ثالثاً: الفروق بين “كم” الاستفهامية و”كم” الخبرية
رغم أن “كم” في الحالتين قد تبدو متشابهة في اللفظ، إلا أن الفروق بين “كم” الاستفهامية و”كم” الخبرية كبيرة في الاستخدام والدلالة. يمكن تلخيص هذه الفروق في النقاط التالية:
1. الدلالة على السؤال مقابل الإخبار
أوضح الفروق بين “كم” الاستفهامية و”كم” الخبرية هو أن الأولى تستخدم للسؤال عن عدد أو كمية شيء ما، بينما الثانية تستخدم للإخبار عن عدد أو كمية شيء سبق ذكره أو تم تحديده. ففي حالة الاستفهام، تكون الإجابة عبارة عن عدد أو كمية غير معروفة بالنسبة للسائل، أما في حالة الخبرية، فالإجابة عبارة عن أمر مُحدَّد وقد يكون معروفًا للطرفين.
2. الموقع في الجملة
عادة ما تأتي “كم” الاستفهامية في بداية الجملة، يليها فاعل أو مفعول به، بينما “كم” الخبرية تأتي غالبًا بعد فعل أو مصدر. هذه القاعدة ليست ثابتة تمامًا، لكن هذا هو الاستخدام الشائع:
مثال على الاستفهامية:
-
كم يزن هذا الكتاب؟
مثال على الخبرية: -
قرأت كمًا من الكتب المفيدة هذا العام.
3. الجواب المتوقع
في حالة “كم” الاستفهامية، يُتوقع من المستمع أن يجيب برقم أو كمية واضحة، بينما في “كم” الخبرية، الجواب يكون إخبارًا بكمية أو عدد تم تحديده مسبقًا.
4. الموارد الزمنية والمكانية
تُستخدم “كم” الاستفهامية للسؤال عن الكمية في سياقات زمنية ومكانية، حيث يتم تحديد وحدة القياس أو التحديد الزمني، بينما “كم” الخبرية تتحدث عن كميات تم تحديدها مسبقًا دون الحاجة إلى سؤال عن الزمن أو المكان.
مثال على الاستفهام الزمني:
-
كم ساعة قضيتها في العمل؟
مثال على الخبرية الزمنية: -
قضيت كمًا من الوقت في العمل هذا الأسبوع.
رابعاً: “كم” في القرآن الكريم والأدب العربي
تعد “كم” الاستفهامية و”كم” الخبرية من الأدوات اللغوية التي ظهرت بشكل واسع في الأدب العربي القديم والقرآن الكريم. ففي القرآن، استخدم النص القرآني “كم” في السياقات الاستفهامية والخبرية بشكل يعكس فهمًا عميقًا للأعداد والكميات. فقد وردت “كم” الاستفهامية في العديد من الآيات للاستفهام عن عدد من الأشياء التي يُراد تحديدها، بينما وردت “كم” الخبرية للإخبار عن أعداد تم التأكد منها.
مثال على “كم” الاستفهامية في القرآن الكريم:
-
(وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَٰلِمَةٌ) (الأنبياء: 11)
مثال على “كم” الخبرية في القرآن الكريم: -
(وَفَجَّرْنَ ٱلۡأَرۡضَ عُيُونًۭا فَٱلۡتَقَى ٱلْمَآءُ عَلَىٰٓ أَمۡرٍۢ قَدَرٍۢ) (القمر: 12)
خامساً: سياقات استخدام “كم” في الجمل
1. في الاستفهام عن العدد
تُستخدم “كم” الاستفهامية للسؤال عن عدد الأشياء أو الأشخاص في جمل مثل:
-
كم طالبًا حضروا الاجتماع؟
-
كم دقيقة بقيت؟
2. في الإخبار عن الكمية
تُستخدم “كم” الخبرية للإخبار عن عدد أو كمية تم تحديدها، في جمل مثل:
-
قرأت كمًا من الكتب في عطلة الصيف.
-
تناولت كمًا من الطعام في الغداء.
3. في التعبير عن مقدار الزمان والمكان
في بعض الأحيان، يمكن استخدام “كم” للإشارة إلى مقدار من الزمن أو المكان:
-
كم سنة مرت منذ آخر مرة التقينا؟
-
كم مترًا قطعنا في هذه الرحلة؟
الخاتمة
من خلال ما تم تناوله، يظهر جليًا أن “كم” الاستفهامية و”كم” الخبرية تختلفان في الاستخدام والدلالة رغم التشابه الظاهري في الشكل. “كم” الاستفهامية تُستخدم للسؤال عن كمية أو عدد شيء ما، بينما “كم” الخبرية تُستخدم للإخبار عن عدد أو كمية شيء قد تم تحديده مسبقًا. وهذا الفهم العميق لهذه الأدوات اللغوية يعزز قدرة المتحدث على التعبير بدقة ووضوح في مختلف السياقات اللغوية، ويسهم في تطوير مهارات التواصل اللغوي في اللغة العربية.
