الفرق بين صلاة الشروق والضحى

الفرق بين صلاة الشروق وصلاة الضحى

الصلاة في الإسلام هي الركن الثاني من أركان الدين، وهي عبادة يتقرب بها المسلمون إلى الله سبحانه وتعالى. تتعدد أنواع الصلوات في الإسلام وتتنوع في أوقاتها وأغراضها، وقد وردت العديد من الأحاديث التي تشجع على أداء بعض الصلوات في أوقات محددة، مثل صلاة الشروق وصلاة الضحى. وعلى الرغم من أن هاتين الصلاتين قد تندرجان تحت فئة “الصلوات النافلة”، إلا أنهما تختلفان في وقت الأداء، في عدد الركعات، وفي الأجر المترتب عليهما. في هذا المقال، سنستعرض الفرق بين صلاة الشروق وصلاة الضحى من حيث المعنى والوقت والمشروعية والفضل.

أولاً: تعريف صلاة الشروق وصلاة الضحى

صلاة الشروق هي الصلاة التي تؤدى بعد شروق الشمس، ويبدأ وقتها بعد أن تشرق الشمس ويستمر حتى ارتفاعها قيد رمح. ووقت صلاة الشروق قصير، وتسمى أحيانًا “صلاة الإشراق”، وهي تعتبر من النوافل التي تؤدى بعد صلاة الفجر وقبل بداية صلاة الظهر.

أما صلاة الضحى فهي صلاة نافلة يمكن أداؤها في الوقت الممتد من بعد شروق الشمس حتى قبل صلاة الظهر. وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة الضحى هي صلاة تُؤدى في وقت الضحى، أي عندما يبدأ النهار في الارتفاع ويظهر الضوء بشكل واضح، ويستمر وقتها حتى قبل أذان الظهر.

ثانياً: وقت صلاة الشروق وصلاة الضحى

وقت صلاة الشروق:

وقت صلاة الشروق هو الوقت الذي يلي شروق الشمس مباشرة، وتبدأ من بعد شروق الشمس حتى قُدَم الشمس. يتراوح هذا الوقت عادةً بين 10 إلى 15 دقيقة بعد شروق الشمس. لذلك، فإن وقت أداء صلاة الشروق ضيق جدًا مقارنةً بصلاة الضحى.

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة” (صحيح الترغيب).

في هذا الحديث يظهر الفضل العظيم الذي أعده الله تعالى لمن يؤدي صلاة الشروق بعد صلاة الفجر.

وقت صلاة الضحى:

أما صلاة الضحى فتبدأ من بعد شروق الشمس وتنتهي قبل صلاة الظهر. وتعتبر هذه الصلاة من النوافل التي يكثر فيها الأجر والمغفرة، فقد ورد في الحديث الشريف: “يصبح على كل عضو من أعضاء بني آدم صدقة، وكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تسبحة صدقة، وكل ضحى يؤديه الإنسان تصحبه، وإن صلاة الضحى تعدل الأجر” (صحيح مسلم).

ثالثاً: عدد ركعات صلاة الشروق وصلاة الضحى

عدد ركعات صلاة الشروق:

تتكون صلاة الشروق عادةً من ركعتين فقط، ولكن قد يتبادر إلى الأذهان التساؤل عن صفتها وعدد الركعات المقررة. يمكن أن يصليها المسلم منفردًا أو في جماعة، كما أنه يمكن أداء صلاة الشروق بعد أداء صلاة الفجر والجلوس في المسجد في انتظار شروق الشمس، كما ورد في بعض الأحاديث النبوية، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة” (صحيح الترمذي).

عدد ركعات صلاة الضحى:

أما صلاة الضحى فتتراوح عدد ركعاتها بين ركعتين وأربع أو ست أو حتى ثماني ركعات، ويقول بعض العلماء إنه يمكن أن تصلى أكثر من ذلك، إلا أن صلاة الضحى الأكثر شيوعًا هي أربع ركعات. جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “في كل يومٍ تصدق على كل مفصلٍ من مفاصل جسمك صدقة، فإذا صليت الضحى فقد أديت عن ذلك صدقة” (صحيح مسلم).

وبذلك تكون صلاة الضحى أكثر مرونة في عدد الركعات من صلاة الشروق، ويمكن أداء المزيد من الركعات على حسب رغبة المسلم.

رابعاً: فضل صلاة الشروق وصلاة الضحى

فضل صلاة الشروق:

لقد ذكر العديد من الأحاديث الشريفة التي تحث المسلم على صلاة الشروق. من أبرز هذه الأحاديث ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: “من صلى الفجر في جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة” (صحيح الترغيب). في هذا الحديث، يظهر عظيم الأجر الذي وعد الله به من يؤدي صلاة الشروق في جماعة مع ذكر الله حتى وقت الشروق.

وعليه، فإن أداء صلاة الشروق في هذا الوقت يكون له أجر عظيم، ويشمل ذلك أجر حجة وعمرة، وهي من النوافل التي تحمل الكثير من الفضل.

فضل صلاة الضحى:

أما صلاة الضحى، فهي صلاة نافلة عظيمة أيضًا، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “في كل يومٍ تصدق على كل مفصلٍ من مفاصل جسمك صدقة، فإذا صليت الضحى فقد أديت عن ذلك صدقة” (صحيح مسلم). يشير هذا الحديث إلى أهمية صلاة الضحى باعتبارها نوعًا من أنواع الصدقة التي تساهم في تطهير النفس والتقرب إلى الله تعالى.

وقد ورد في بعض الأحاديث أن صلاة الضحى هي بمثابة تعويض عن صدقات عديدة، كما أن لها فضلًا في تطهير قلب المسلم وزيادة حسناته.

خامساً: المشروعية والأجر

المشروعية:

كل من صلاة الشروق وصلاة الضحى تعد من الصلوات النافلة المؤكدة، التي يتمنى المسلمون القيام بها في أوقات محددة للحصول على الأجر والثواب. وعلى الرغم من أن كلا الصلاتين ليستا من الفرائض، إلا أن الإكثار منهما في الحياة اليومية يعد من أسباب التقرب إلى الله ورفع الدرجات. وقد أكدت السنة النبوية على المشروعية الكاملة لهاتين الصلاتين من خلال أحاديث صحيحة ودعوات صادقة من النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين.

الأجر:

الأجر الذي يترتب على صلاة الشروق وصلاة الضحى عظيم، سواء في الدنيا أو في الآخرة. فالحديث عن صلاة الشروق ذكر الأجر العظيم لمن يؤديها بعد صلاة الفجر، بحيث يكون له أجر حجة وعمرة. أما صلاة الضحى، فهي من أسباب تطهير النفس، ومحو الذنوب، وزيادة الحسنات. فقد ورد في الحديث: “من صلى الضحى فله بكل ركعة أجر”.

سادساً: الفروق الجوهرية بين صلاة الشروق وصلاة الضحى

1. الوقت: وقت صلاة الشروق ضيق جدًا ويبدأ من بعد شروق الشمس حتى قيد رمح، بينما وقت صلاة الضحى يمتد من شروق الشمس حتى قبل الظهر.

2. العدد: صلاة الشروق عادةً ما تكون من ركعتين فقط، بينما صلاة الضحى يمكن أن تكون من 2 إلى 8 ركعات حسب قدرة المسلم ورغبته.

3. الفضل: صلاة الشروق لها فضل عظيم، خاصة لمن يؤديها بعد صلاة الفجر في جماعة، أما صلاة الضحى فهي من العبادات التي يمكن أن تؤدى في وقت طويل وتؤدي إلى أجر عظيم.

خاتمة

من خلال ما سبق، يتضح الفرق بين صلاة الشروق وصلاة الضحى في جوانب متعددة، بدءًا من وقت الأداء وعدد الركعات وصولاً إلى الأجر المترتب عليهما. ورغم أن كلا الصلاتين من النوافل التي لا تفرض على المسلم، إلا أن لهما فضلًا كبيرًا في تعميق العلاقة مع الله تعالى وزيادة الأجر في الدنيا والآخرة.