الفرق بين المناقصة والمزايدة: دراسة موسعة في مفهومي التعاقد والمنافسة الحكومية والتجارية

تعد عمليات التعاقد والمشتريات من الركائز الأساسية التي تقوم عليها أي مؤسسة حكومية أو خاصة تسعى إلى تنفيذ مشروعاتها وتأمين احتياجاتها من السلع والخدمات. ومن بين الأدوات القانونية والإجرائية التي تستخدمها هذه المؤسسات لضمان المنافسة العادلة والشفافية والالتزام بالقوانين، تأتي كل من المناقصة والمزايدة كآليتين رئيسيتين لتحقيق هذا الهدف. رغم التشابه الظاهري بينهما في كونهما وسائل تنافسية للحصول على عقود أو توريدات، إلا أن الفرق بين المناقصة والمزايدة جوهري ويشمل الجوانب القانونية والإجرائية والموضوعية.

تعريف المناقصة والمزايدة

المناقصة هي عملية يتم من خلالها دعوة عدد من الموردين أو المقاولين لتقديم عروضهم لتوريد سلعة أو تنفيذ عمل محدد وفق مواصفات وشروط معلنة مسبقاً. الهدف من المناقصة هو اختيار العرض الأمثل من حيث السعر والجودة والشروط الفنية والمالية، بحيث تضمن المؤسسة المشتري الحصول على أفضل قيمة مقابل المال مع الالتزام بالمعايير المحددة.

المزايدة هي عملية تنافسية يتم فيها طرح سلعة أو خدمة أو حق معين للبيع أو التأجير، بحيث يتقدم المشاركون بعروض سعرية متزايدة (في المزايدة العلنية) أو تنافسية بهدف الحصول على الحق أو السلعة المعروضة بأعلى سعر ممكن. وغالباً ما تستخدم المزايدات في بيع الأصول أو العقارات أو حقوق الامتياز أو غيرها من السلع التي لها قيمة مادية واضحة يمكن تحديدها بسعر نهائي.

الخصائص الأساسية لكل من المناقصة والمزايدة

1. الهدف والغرض

• المناقصة تهدف بشكل رئيسي إلى شراء أو التعاقد على تنفيذ خدمات أو مشروعات معينة وفق معايير محددة، حيث تقوم المؤسسة بطلب عروض لتلبية حاجة محددة، ويتم تقييم العروض بناءً على الجودة والسعر معاً.

• المزايدة تهدف بشكل أساسي إلى بيع أو تأجير أصل أو حق أو سلعة، حيث تتنافس الأطراف على تقديم أعلى سعر ممكن، ويركز التقييم على السعر الأعلى فقط.

2. طريقة التقديم والتقييم

• في المناقصة، يتم تقديم عروض تفصيلية تتضمن السعر، والجوانب الفنية، والجدول الزمني، والشروط الأخرى، ويتم تقييم العروض وفق معايير محددة مسبقاً تشمل الجودة والكفاءة والسعر.

• في المزايدة، يكون التنافس مركزاً على السعر فقط، حيث يزداد السعر تدريجياً من قبل المتنافسين إلى أن يصل إلى أعلى سعر يرضي البائع.

3. نوع المنافسة

• المناقصة تعتمد على منافسة متعددة الأبعاد تشمل السعر، الجودة، المدة الزمنية، الشروط المالية والفنية.

• المزايدة تعتمد على منافسة سعرية بحتة.

4. طبيعة العملية

• المناقصة غالباً ما تكون سرية، حيث يتم تقديم العروض في مظروف مغلق يتم فتحه بعد انتهاء المهلة المحددة.

• المزايدة عادة ما تكون علنية وشفافة، حيث يتم الإعلان عن العروض السعرية بشكل مباشر أمام المتنافسين.

5. الأهداف الاقتصادية والتنظيمية

• المناقصة تهدف إلى تحقيق أفضل قيمة اقتصادية من خلال اختيار العرض المتوازن بين السعر والجودة والمدة.

• المزايدة تهدف إلى تحقيق أعلى عائد مادي من بيع الأصول أو الحقوق.

الأشكال والأنواع

أنواع المناقصات

• المناقصة المفتوحة: حيث يتم الإعلان عنها للجميع دون قيد.

• المناقصة المغلقة: تتم الدعوة فيها لموردين محددين فقط.

• المناقصة الثنائية: بين طرفين فقط.

• المناقصة الإلكترونية: تتم عبر المنصات الرقمية.

أنواع المزايدات

• المزايدة العلنية: تتم علناً أمام الجمهور ويتم رفع العروض علناً.

• المزايدة المغلقة: يقدم فيها كل طرف عرضه سرّياً دون اطلاع الآخرين.

• المزايدة الإلكترونية: تتم عبر الإنترنت.

الإطار القانوني والتنظيمي

تختلف القوانين المنظمة للمناقصات والمزايدات بين الدول، لكنها عادة ما تتضمن قوانين خاصة للمشتريات الحكومية لضمان الشفافية ومنع الفساد. وتشترط القوانين عادة إتباع إجراءات محددة في الإعلان عن المناقصات أو المزايدات، وتحديد معايير واضحة لاختيار الفائز، مع ضرورة التزام جميع الأطراف بالقواعد المحددة لضمان المنافسة العادلة.

في الدول العربية، مثل مصر والسعودية والإمارات، توجد تشريعات واضحة تنظم عمليات المناقصات والمزايدات لضمان التزام الجهات الحكومية والخاصة بمعايير الشفافية والعدالة.

متى تستخدم المناقصة ومتى تستخدم المزايدة؟

• المناقصة تستخدم عند الحاجة إلى شراء سلع أو خدمات معقدة تتطلب دراسة فنية ومالية متأنية، مثل مشاريع البناء، التوريدات الطبية، تكنولوجيا المعلومات.

• المزايدة تستخدم غالباً في بيع الأصول الثابتة مثل العقارات، المعدات المستعملة، حقوق الامتياز، أو في الحالات التي يكون فيها السعر هو العامل الأساسي في اتخاذ القرار.

مقارنة تفصيلية بين المناقصة والمزايدة

أهمية كل من المناقصة والمزايدة في تعزيز الشفافية والمنافسة

تلعب المناقصات والمزايدات دوراً محورياً في بناء بيئة تنافسية صحية تقلل من مخاطر الفساد والمحسوبية وتوفر عدالة في توزيع الفرص بين الموردين والمقاولين. من خلال تنظيم هذه العمليات بشكل دقيق وشفاف، تضمن الجهات الحكومية والخاصة الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة وتحقيق أهدافها الاقتصادية والتنموية.

كما أن الاعتماد على أنظمة إلكترونية حديثة في المناقصات والمزايدات يسهم في تسهيل العملية وتحقيق أعلى مستويات الحوكمة الرشيدة.

الخلاصة

تختلف المناقصة والمزايدة في جوهر الهدف وطريقة التنفيذ ومعايير الاختيار. فالمناقصة ترتكز على دراسة متكاملة تتضمن السعر والجودة والشروط، وتستخدم عادة لشراء سلع وخدمات معقدة. أما المزايدة فتتمحور حول المنافسة السعرية، وتهدف إلى بيع أو تأجير أصول أو حقوق معينة.

مع تطبيقهما السليم، يشكل كل منهما أداة فعالة في تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد العامة والخاصة، ويعزز من مبدأ الشفافية والعدالة في التعاملات التجارية والحكومية.

المراجع:

1. القانون الموحد للمناقصات والمزايدات في الدول العربية، اتحاد المحامين العرب، 2020.

2. “إدارة المشتريات والمناقصات”، تأليف د. خالد عبد الله، دار الفكر، 2018.