الفرق بين الملح البحري والصخري

يُعدّ الملح من المكونات الأساسية في النظام الغذائي للإنسان منذ آلاف السنين، ولا تقتصر أهميته على كونه مادة مضافة للطعام لتعزيز النكهة، بل يتعدى ذلك إلى أدوار فسيولوجية مهمة في الجسم، مثل تنظيم توازن السوائل، ونقل الإشارات العصبية، وانقباض العضلات. في هذا الإطار، يبرز نوعان رئيسيان من الملح يُستخدمان في الطهو والصناعة والعلاج: الملح البحري والملح الصخري. وعلى الرغم من كونهما يشتركان في التركيب الكيميائي الأساسي (كلوريد الصوديوم)، إلا أنهما يختلفان في المنشأ، والخصائص الفيزيائية، والتركيب المعدني، والفوائد الصحية.

في هذا المقال الموسع، سنقوم باستعراض الفروقات الجوهرية بين الملح البحري والملح الصخري من حيث المصدر، طريقة الإنتاج، الشكل، الطعم، الاستخدامات، والمكونات المعدنية. كما سنناقش الفوائد الصحية لكل نوع، ومدى تأثيرهما على الصحة العامة، إضافة إلى التحذيرات المرتبطة بالإفراط في استهلاكهما.

أولاً: تعريف ومصدر كل من الملح البحري والصخري

الملح البحري

الملح البحري هو نوع من الأملاح يُستخرج من مياه البحار والمحيطات عبر عملية التبخر الطبيعي أو الصناعي. يتم جمع المياه المالحة في أحواض خاصة، ثم تُترك لتتبخر تحت أشعة الشمس والرياح، ليبقى خلفها بلورات الملح. يعتمد نقاء الملح البحري على نظافة مصدر المياه وطريقة المعالجة. وتتميز بعض أنواعه، مثل “فلور دي سيل” أو “ملح سيل غيراند”، بجودة عالية وتُعتبر من الأملاح الفاخرة.

الملح الصخري

أما الملح الصخري، فيُستخرج من رواسب جيولوجية قديمة مدفونة في باطن الأرض، تكونت نتيجة تبخر البحار الداخلية القديمة منذ ملايين السنين. يُستخرج عبر التعدين أو الحفر في كهوف الملح أو المناجم، مثل منجم “خيويرا” في باكستان، أو منجم “هالستات” في النمسا. يُعرف الملح الصخري أيضاً باسم “الهيمالايا” عندما يكون لونه وردياً نتيجة احتوائه على كميات ضئيلة من المعادن مثل الحديد.

ثانياً: طريقة الإنتاج والمعالجة

ثالثاً: التركيب الكيميائي والمعدني

على الرغم من أن كلا النوعين يحتويان أساسًا على كلوريد الصوديوم، إلا أن هناك تفاوتاً في المكونات الأخرى بسبب مصدرهما وطرق معالجتهما. يحتوي الملح البحري عادةً على آثار من معادن مثل المغنيسيوم، والكالسيوم، والبوتاسيوم، والتي تضيف له نكهة مميزة. في المقابل، يحتوي الملح الصخري على أكثر من 80 نوعًا من المعادن النادرة، بما فيها الحديد، والزنك، والنحاس، التي تمنحه لونه الوردي أو الأحمر.

المعادن النادرة في الملح الصخري:

• الحديد (يعزز إنتاج الهيموغلوبين)

• المغنيسيوم (مهم لوظائف الأعصاب والعضلات)

• الكالسيوم (لصحة العظام)

• الزنك (يعزز المناعة والتئام الجروح)

المعادن في الملح البحري:

• الكالسيوم

• المغنيسيوم

• البوتاسيوم

• آثار من اليود الطبيعي

رابعاً: الفوائد الصحية لكل نوع

فوائد الملح البحري

1. مصدر طبيعي للمعادن: يحتوي الملح البحري على مجموعة من المعادن النزرة التي تساهم في دعم وظائف الجسم الحيوية.

2. يساعد على الترطيب: يساهم في توازن الإلكتروليتات، ما يُعد مهمًا في حالات فقدان السوائل كالتعرق أو الإسهال.

3. يحسن من طعم الطعام: يُستخدم كبديل نقي للملح المعالج في تحضير أطعمة طبيعية وصحية.

4. أقل معالجة: لا يخضع عادة للتكرير الكيميائي، مما يجعله أقل احتواءً على المضافات الصناعية.

فوائد الملح الصخري

1. دعم التوازن القلوي في الجسم: يُعتقد أن المعادن الموجودة في الملح الصخري تساهم في معادلة الحموضة الزائدة في الجسم.

2. يعزز الهضم: يُستخدم تقليديًا في الطب البديل لتحفيز إنتاج العصارات الهضمية.

3. مفيد للبشرة: يدخل في تحضير مقشرات طبيعية ومنتجات العناية بالبشرة.

4. خالي من المواد الكيميائية: لا يحتوي عادةً على عوامل مضادة للتكتل أو مواد حافظة.

خامساً: الاستخدامات غير الغذائية

الملح البحري

• يُستخدم في صناعة مستحضرات التجميل كمكون في المقشرات والأملاح العلاجية.

• يدخل في صناعة الصابون الطبيعي.

• يُستخدم في حمامات البحر المالحة لعلاج الأمراض الجلدية مثل الصدفية.

الملح الصخري

• يُستخدم في العلاجات البديلة مثل جلسات “كهف الملح” لعلاج اضطرابات الجهاز التنفسي.

• يُستخدم كمصابيح ملحية يُعتقد أنها تُنقّي الهواء.

• يدخل في طقوس الاسترخاء والتأمل في ثقافات شرق آسيا.

سادساً: الأثر البيئي وطبيعة الاستدامة

الملح البحري

يتطلب إنتاج الملح البحري مساحات كبيرة من أحواض التبخير، مما قد يؤثر على النظام البيئي الساحلي، كما يمكن أن يتأثر نقاؤه بتلوث البحار والمحيطات. من الناحية الإيجابية، يُعد استهلاك الطاقة في إنتاجه منخفضًا نسبيًا.

الملح الصخري

ينطوي إنتاج الملح الصخري على عمليات تعدين واستخدام معدات ثقيلة، مما قد يؤدي إلى تدهور الأراضي وزيادة انبعاثات الكربون. ومع ذلك، فإن الملح الصخري متوفر بكميات ضخمة، ويمكن اعتباره موردًا طويل الأمد إذا أُديرت مناجمه بشكل مستدام.

سابعاً: المقارنة من حيث الطعم والاستخدام في الطهي

ثامناً: التحذيرات المرتبطة بالاستهلاك

رغم الفوائد المتعددة لكلا النوعين، إلا أن الإفراط في استهلاك الملح يؤدي إلى مخاطر صحية تشمل:

• ارتفاع ضغط الدم

• زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب

• تلف الكلى

• احتباس السوائل في الجسم

توصي منظمة الصحة العالمية بعدم تجاوز استهلاك 5 غرامات من الملح يوميًا للفرد البالغ. وتُشير الأبحاث إلى أن نوعية الملح لا تُلغي أثر الكمية، فحتى الملح الطبيعي أو العضوي يجب تناوله باعتدال.

تاسعاً: الخلاصة والتوصيات

عند الاختيار بين الملح البحري والملح الصخري، يجب مراعاة الهدف من الاستخدام. فإذا كنت تبحث عن نكهة غنية ومتوازنة في الطهي، فقد يكون الملح البحري خيارًا مناسبًا. أما إذا كنت تسعى للحصول على معادن نادرة لدعم توازن الجسم، فالملح الصخري (خاصة ملح الهيمالايا) يُعد خيارًا واعدًا. ومع ذلك، يظل العامل الأهم هو الاعتدال في استهلاك الملح، أيًا كان نوعه.

المراجع العلمية

1. World Health Organization. (2021). Guideline: Sodium intake for adults and children.

2. American Heart Association. (2022). How much sodium should I eat per day?

3. Harvard T.H. Chan School of Public Health. Salt and Sodium: Health Risks.

4. Płaza, M., et al. (2019). “Comparison of mineral content in sea salt, rock salt and processed table salt.” Food Chemistry.

5. Lide, D. R. (2005). CRC Handbook of Chemistry and Physics.