الفرق بين كتابة المحتوى التسويقي وكتابة المحتوى: تحليل معمق ودليل شامل

في عالم يتسارع فيه التطور الرقمي بوتيرة مذهلة، أصبحت الكتابة وسيلة مركزية لبناء العلامات التجارية، والتواصل مع الجمهور، وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمؤسسات والأفراد على حدّ سواء. غير أن ثمة خلطًا شائعًا بين مفهومين رئيسيين في هذا السياق: “كتابة المحتوى” و”كتابة المحتوى التسويقي”. وعلى الرغم من وجود تداخل جزئي بينهما، إلا أن الفرق بينهما جوهري من حيث الهدف، والأسلوب، والاستراتيجية، والجمهور المستهدف، وأدوات القياس.

هذا المقال يهدف إلى تقديم تحليل معمّق للفرق بين كتابة المحتوى وكتابة المحتوى التسويقي، مع إبراز دور كل منهما في البيئة الرقمية، وتوضيح أيّهما الأفضل بناءً على الأهداف المرجوّة.

أولًا: تعريف كتابة المحتوى (Content Writing)

كتابة المحتوى هي عملية إنتاج نصوص مكتوبة تهدف إلى تقديم معلومات أو معرفة أو ترفيه بطريقة منظمة ومفهومة ومتماسكة. وغالبًا ما تتسم كتابة المحتوى بالحياد والتركيز على تقديم قيمة معرفية للقارئ دون السعي المباشر للبيع أو الترويج.

الأهداف الأساسية لكتابة المحتوى

• التثقيف ونقل المعرفة: تقديم معلومات دقيقة ومبسطة حول موضوع معين.

• التوعية: رفع مستوى الوعي لدى الجمهور بمواضيع علمية أو اجتماعية أو ثقافية.

• الترفيه: تقديم محتوى مشوق في مجالات مثل القصص أو الأخبار أو الثقافة العامة.

• تحسين محركات البحث (SEO): تعزيز ظهور الموقع الإلكتروني في نتائج البحث من خلال محتوى غني بالكلمات المفتاحية.

• بناء الثقة: ترسيخ صورة المؤسسة أو الموقع كجهة موثوقة تقدم معلومات دقيقة وموضوعية.

الأمثلة على كتابة المحتوى

• المقالات العلمية والثقافية والتعليمية.

• تدوينات المدونات التي تقدم تحليلات أو نصائح أو دراسات حالة.

• النصوص الإخبارية.

• النصوص التعريفية بالمفاهيم والمصطلحات.

• الوثائق الإرشادية وكتيبات التعليمات.

ثانيًا: تعريف كتابة المحتوى التسويقي (Copywriting)

كتابة المحتوى التسويقي، أو ما يُعرف بـ Copywriting، هي فنّ صياغة الكلمات بطريقة تهدف إلى دفع القارئ إلى اتخاذ إجراء معين، سواء كان شراء منتج، أو التسجيل في خدمة، أو الضغط على رابط، أو التواصل مع الشركة. إنها كتابة موجهة بدقة لإقناع وتحفيز وخلق دافع لدى المستهلك.

الأهداف الأساسية لكتابة المحتوى التسويقي

• تحفيز المبيعات: إقناع العميل بشراء منتج أو الاشتراك في خدمة.

• زيادة معدلات التحويل: تحويل الزوار إلى عملاء فعليين.

• بناء الهوية التجارية: ترسيخ صورة العلامة التجارية في ذهن الجمهور.

• خلق انطباع عاطفي: استخدام الكلمات لإثارة مشاعر تؤثر على اتخاذ القرار.

• جذب الانتباه في وقت قصير: الكتابة المكثفة والمباشرة التي تُحدث تأثيرًا فوريًا.

الأمثلة على كتابة المحتوى التسويقي

• الإعلانات النصية (Google Ads، Facebook Ads).

• العناوين الجذابة والبنرات الترويجية.

• النصوص المرافقة للمنتجات والخدمات في المواقع الإلكترونية.

• رسائل البريد الإلكتروني الدعائية.

• السكريبتات الإعلانية للفيديوهات الترويجية.

• الصفحات المقصودة (Landing Pages).

ثالثًا: الفرق الجوهري بين كتابة المحتوى وكتابة المحتوى التسويقي

رابعًا: تقاطع الكتابتين في استراتيجية المحتوى

رغم الفروقات الواضحة، إلا أن كتابة المحتوى وكتابة المحتوى التسويقي ليسا عالمين منفصلين كليًا، بل هما عنصران متكاملان ضمن الاستراتيجية الشاملة للمحتوى الرقمي. ففي كثير من الأحيان، يكون المقال التثقيفي الذي يجذب الجمهور إلى الموقع هو الخطوة الأولى في رحلة العميل، يليه إعلان أو صفحة مقصودة مكتوبة بأسلوب تسويقي لإتمام عملية التحويل.

مثال تطبيقي

شركة تبيع مكملات غذائية:

• كتابة المحتوى: مقالات تثقيفية حول فوائد الفيتامينات، أهمية التغذية السليمة، أضرار نقص العناصر الغذائية.

• كتابة المحتوى التسويقي: إعلان يُظهر فوائد مكمل معين مع خصم 20%، وصف المنتج مع CTA واضح “اشترِ الآن”.

خامسًا: أيّهما أفضل؟

الإجابة تعتمد كليًا على الهدف. لا يمكن القول إن أحد النوعين أفضل بشكل مطلق. كلاهما يخدم غرضًا مختلفًا، وله دوره في مسار المبيعات وعملية بناء العلامة التجارية.

• إن كان الهدف هو جذب جمهور جديد من خلال محركات البحث، فإن كتابة المحتوى تكون مثالية.

• إن كان الهدف هو بيع منتج أو خدمة مباشرة، فإن كتابة المحتوى التسويقي هي الخيار الأنسب.

• في الحملات المتكاملة، يتم المزج بين الاثنين لتحقيق أثر تسويقي شامل.

سادسًا: المهارات المطلوبة في كل نوع من الكتابة

سابعًا: متى تحتاج الشركات إلى كل نوع؟

تعتمد الشركات الكبرى على مزيج استراتيجي من النوعين:

• الشركات التقنية: تستخدم كتابة المحتوى لشرح منتجاتها المعقدة، وكتابة المحتوى التسويقي لإبراز القيمة.

• العلامات التجارية الناشئة: تحتاج إلى المحتوى التسويقي لإثبات وجودها بسرعة.

• المواقع الإخبارية والثقافية: تركز على كتابة المحتوى لضمان زيارة متكررة وبناء الثقة.

• المتاجر الإلكترونية: تحتاج إلى المحتوى التسويقي في صفحات المنتجات والمحتوى التعليمي لرفع ترتيبها في نتائج البحث.

ثامنًا: الاتجاهات المستقبلية

مع تطور الذكاء الاصطناعي والتحليلات السلوكية، أصبح من المهم الجمع بين النوعين من الكتابة بطريقة ذكية. فالمحتوى اليوم يجب أن يكون:

• غنيًا بالمعلومات.

• مُصاغًا بأسلوب يُراعي سلوك القارئ.

• مؤثرًا من الناحية النفسية.

• محسّنًا لمحركات البحث.

• ذا طابع إنساني وليس آلي.

الكتابة الفعالة أصبحت مزيجًا من العمق المعلوماتي والتحفيز التسويقي، حيث تدمج المقالات بين تقديم القيمة وبين زرع نداءات للإجراء بطريقة غير مباشرة.

الخاتمة

التمييز بين كتابة المحتوى وكتابة المحتوى التسويقي ضروري لبناء استراتيجية رقمية فعالة. كلا النوعين يلعب دورًا تكميليًا في دورة حياة العميل. الأول يبني العلاقة والثقة والمصداقية، والثاني يحوّل هذه العلاقة إلى نتائج ملموسة. لا غنى عن أحدهما في عالم تتداخل فيه المعلومات مع التسويق بشكل غير مسبوق.

المصادر:

1. Content Marketing Institute – https://contentmarketinginstitute.com

2. HubSpot Blog – https://blog.hubspot.com