الفرق بين وسائل الإعلام الاجتماعية والشبكات الاجتماعية

في العصر الرقمي الحديث، أصبحت مفاهيم مثل “وسائل الإعلام الاجتماعية” و”الشبكات الاجتماعية” جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية. ومع ذلك، وعلى الرغم من التداخل الواضح بين المصطلحين في الاستخدام اليومي، إلا أن هناك فرقاً جوهرياً بينهما من حيث الوظيفة والبنية والغرض والنتائج. لقد أصبح من الضروري التفريق بين هذين المصطلحين لفهم البيئة الرقمية بشكل أكثر دقة وتحليلاً. في هذا المقال، سيتم التعمق في شرح الفرق بين وسائل الإعلام الاجتماعية والشبكات الاجتماعية بشكل مفصل، مع استعراض الجوانب التقنية والاجتماعية والثقافية المتعلقة بهما، إلى جانب التطور التاريخي لكل منهما، والتأثيرات الاجتماعية والنفسية المترتبة على استخدامهما.

أولاً: المفهوم العام لكل من وسائل الإعلام الاجتماعية والشبكات الاجتماعية

وسائل الإعلام الاجتماعية (Social Media)

وسائل الإعلام الاجتماعية هي أدوات وتطبيقات رقمية تسمح للمستخدمين بإنشاء وتبادل المحتوى، مثل النصوص والصور والفيديوهات والصوتيات، عبر الإنترنت. يتم تصميم هذه الوسائط لنقل المعلومات والأخبار والآراء إلى جمهور واسع. تشمل وسائل الإعلام الاجتماعية المنصات التي تتيح النشر العام للمحتوى، مثل:

• فيسبوك (Facebook)

• يوتيوب (YouTube)

• تيك توك (TikTok)

• إنستغرام (Instagram)

• تويتر (X)

وسائل الإعلام الاجتماعية تُستخدم أساسًا لتوصيل الرسائل من فرد إلى جمهور أو من جهة إلى مجتمع واسع، وقد تكون تفاعلية أو غير تفاعلية.

الشبكات الاجتماعية (Social Networks)

الشبكات الاجتماعية تشير إلى بنية من العلاقات بين الأفراد أو الكيانات ترتكز على التفاعل المباشر أو غير المباشر بينهم. في السياق الرقمي، هي منصات تتيح للمستخدمين بناء علاقات اجتماعية، تكوين مجتمعات، التواصل والتفاعل مع الأصدقاء والعائلة والزملاء، كما تسهّل تبادل الأفكار والمعلومات بطريقة أكثر خصوصية وتنظيماً.

من الأمثلة البارزة على الشبكات الاجتماعية:

• LinkedIn (شبكة مهنية)

• فيسبوك (كشبكة تواصل اجتماعي)

• سناب شات (تفاعلي اجتماعي)

• واتساب (منصة محادثات اجتماعية)

ثانياً: الفرق من حيث البنية والتقنية

ثالثاً: التطور التاريخي للمصطلحين

تطور وسائل الإعلام الاجتماعية

بدأ ظهور وسائل الإعلام الاجتماعية مع تطور الإنترنت إلى ما يُعرف بالويب 2.0، وهو الجيل الذي مكّن المستخدمين من أن يكونوا منتجين للمحتوى بدلاً من مجرد متلقين. أولى المنصات التي أسهمت في هذا التحول كانت منصات التدوين (مثل Blogger)، ثم مواقع مشاركة الصور والفيديو (مثل Flickr وYouTube)، وصولًا إلى الشبكات الاجتماعية التي تحولت إلى وسائل إعلام.

يوتيوب، مثلاً، بدأ كموقع لمشاركة الفيديوهات، ثم تحول إلى وسيلة إعلامية ذات تأثير عالمي، خاصة مع انتشار ظاهرة المؤثرين (Influencers) وصنّاع المحتوى.

تطور الشبكات الاجتماعية

أما الشبكات الاجتماعية فقد تطورت من فكرة المنتديات وغرف الدردشة إلى منصات أكثر تعقيدًا. بدأت بمنصات مثل MySpace، ثم جاء فيسبوك وغير الطريقة التي يتواصل بها الناس. تطورت الشبكات الاجتماعية لتشمل مجالات مهنية (مثل LinkedIn)، ومجتمعات متخصصة (مثل Reddit)، وتطبيقات محادثة (مثل Telegram وWhatsApp).

مع الوقت، أصبحت بعض الشبكات الاجتماعية تلعب أدوار وسائل الإعلام، والعكس بالعكس، مما أدى إلى التداخل المفاهيمي بين المصطلحين.

رابعاً: التأثيرات الاجتماعية والنفسية

تأثير وسائل الإعلام الاجتماعية

وسائل الإعلام الاجتماعية تؤثر بشكل كبير في تشكيل الرأي العام، وتعتبر اليوم من أهم أدوات التسويق الرقمي والتأثير السياسي والاجتماعي. غير أن الإفراط في استخدامها قد يؤدي إلى:

• الإدمان الرقمي

• تضخيم الصورة الذاتية

• الانعزال الاجتماعي

• القلق والاكتئاب

ويرجع ذلك إلى طبيعتها العامة وتركزها على الأداء والمقارنة بالمجتمع.

تأثير الشبكات الاجتماعية

في المقابل، الشبكات الاجتماعية تلعب دورًا أكبر في تعزيز العلاقات الشخصية، لكنها لا تخلو من آثار سلبية أيضًا، مثل:

• فقدان الخصوصية

• التعرض للمضايقات أو التنمر

• الميل إلى الانغلاق داخل فقاعات فكرية (Echo Chambers)

غير أن الطابع الاجتماعي للشبكات يجعلها أكثر دفئًا وإنسانية من وسائل الإعلام الاجتماعية ذات الطابع العام والبث الأحادي.

خامساً: استخدامات كل منهما في المجالات المختلفة

سادساً: تقاطع المفهومين

من المهم الإشارة إلى أن هناك تقاطعاً واضحًا بين وسائل الإعلام الاجتماعية والشبكات الاجتماعية في كثير من المنصات. فعلى سبيل المثال:

• فيسبوك يعمل كوسيلة إعلامية من خلال المنشورات العامة وصفحات العلامات التجارية، وفي الوقت نفسه هو شبكة اجتماعية تتيح تكوين علاقات ومجموعات تفاعلية.

• تويتر بدأ كشبكة اجتماعية، لكنه تحول إلى منصة إعلامية يتم استخدامها لنقل الأخبار العاجلة والتعليق العام.

هذا التقاطع يخلق نوعًا من الغموض في تصنيف بعض المنصات، لكنه لا يلغي الفروقات الجوهرية التي تم شرحها سابقًا.

سابعاً: التحول نحو الهجين الرقمي

أدى تطور التكنولوجيا إلى دمج وظائف وسائل الإعلام والشبكات في كيانات هجينة. على سبيل المثال، أصبحت بعض الشبكات الاجتماعية مزودة بخصائص بث حي وإنشاء محتوى، فيما أضافت منصات وسائل الإعلام ميزات تواصل اجتماعي مثل الرسائل الفورية والتفاعل عبر القصص.

هذا التحول يُعد انعكاسًا طبيعيًا للتغير في سلوك المستخدم الرقمي الذي يسعى إلى:

• الحصول على المعلومة بسرعة

• التفاعل مع المجتمعات الرقمية

• التعبير عن الذات

• التأثير في الآخرين ومتابعة المؤثرين

ثامناً: التحديات المستقبلية

مع تزايد الاعتماد على الوسائط الرقمية بمختلف أنواعها، تواجه كل من وسائل الإعلام الاجتماعية والشبكات الاجتماعية تحديات معقدة، أبرزها:

• الخصوصية وحماية البيانات

• الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة

• التحكم في الخوارزميات والانحياز الخفي

• المحتوى الضار والعنيف

• أثر الذكاء الاصطناعي على التفاعل البشري

هذه التحديات تُبرز أهمية الفهم العميق للفرق بين المنصات الإعلامية ومنصات الشبكات الاجتماعية، لما له من أثر على كيفية استهلاك المعلومات وبناء العلاقات الاجتماعية والثقافية.

تاسعاً: خاتمة تحليلية

التمييز بين وسائل الإعلام الاجتماعية والشبكات الاجتماعية ليس مجرد فصْل لغوي أو تصنيفي، بل يعكس اختلافات جوهرية في البنية والوظيفة والتأثير. فبينما تركز وسائل الإعلام الاجتماعية على النشر والإعلام والتأثير الواسع، تركز الشبكات الاجتماعية على التفاعل وبناء العلاقات والتواصل المباشر. وفهم هذا الفارق يُعد ضرورة معرفية لفهم السياق الرقمي الحديث وتحليله على نحو أكثر دقة ومنهجية.

المراجع:

1. Kaplan, A. M., & Haenlein, M. (2010). Users of the world, unite! The challenges and opportunities of social media. Business Horizons.

2. boyd, d. m., & Ellison, N. B. (2007). Social Network Sites: Definition, History, and Scholarship. Journal of Computer-Mediated Communication.