الغدة الدرقية: وظائف وأمراض

كم غدة درقية في جسم الإنسان؟

الغدة الدرقية هي إحدى الغدد الصماء الأساسية في جسم الإنسان، تلعب دورًا حيويًا في تنظيم العمليات الحيوية المختلفة التي تعتمد عليها حياة الإنسان اليومية. رغم أن معظم الناس يتعرفون على الغدة الدرقية عند الحديث عن اضطرابات هرمونية مثل قصور الغدة الدرقية أو فرط نشاط الغدة الدرقية، إلا أن القليلين يدركون أن هناك في الواقع غدة درقية واحدة فقط في جسم الإنسان. وعلى الرغم من أنها غدة واحدة، إلا أن شكلها وموضعها في الجسم وتكوينها المعقد يجعلها واحدة من أبرز وأهم الغدد في الجهاز الغددي.

تعريف الغدة الدرقية ووظيفتها

الغدة الدرقية هي غدة على شكل فراشة، تقع في الجزء الأمامي من العنق، تحت الحنجرة وفوق القصبة الهوائية. تقوم الغدة الدرقية بإفراز هرمونات ضرورية لتنظيم العديد من وظائف الجسم، بما في ذلك التمثيل الغذائي، درجة حرارة الجسم، والنمو. الهرمونات الرئيسية التي تفرزها الغدة الدرقية هي “هرمون الثيروكسين” (T4) و”هرمون ثلاثي يود الثيرونين” (T3). تقوم هذه الهرمونات بتنظيم عملية الأيض، أي التفاعلات الكيميائية التي تحدث في الخلايا لاستخراج الطاقة من الغذاء.

علاوة على ذلك، تفرز الغدة الدرقية أيضًا هرمون الكالسيتونين الذي يساعد في تنظيم مستوى الكالسيوم في الدم عن طريق تقليل تركيز الكالسيوم في الدم، مما يساهم في صحة العظام والأسنان.

التركيب الفسيولوجي للغدة الدرقية

الغدة الدرقية هي غدة كبيرة الحجم نسبيًا، وتحتوي على العديد من الفصوص التي تشكل الجزء الأكبر من تكوينها. تتكون الغدة الدرقية من فصين رئيسيين يتصلان في المنتصف بواسطة نسيج ضام يُسمى “الإيزوفاجوس” (isthmus)، وهو يمثل الجسر بين الفصين. وقد يظهر هذا التركيب في صورة فراشة، حيث يعتبر الفصان الرئيسيان بمثابة الأجنحة التي تحيط بالقصبة الهوائية.

عند النظر إلى تركيب الغدة الدرقية على مستوى الأنسجة، نجد أن الغدة تحتوي على خلايا تُسمى “الخلايا الجريبية”، والتي هي المسؤولة عن إفراز هرمونات T3 وT4. هناك أيضًا نوع آخر من الخلايا يُسمى “الخلايا بين الجريبية” (parafollicular cells)، والتي تفرز هرمون الكالسيتونين.

عملية إفراز الهرمونات

الغدة الدرقية تتحكم في مستوى الهرمونات عن طريق نظام معقد يتضمن الدماغ، وبالتحديد الغدة النخامية (pituitary gland). تعتمد الغدة النخامية على ملاحظات مستوى الهرمونات في الدم لتنظيم كمية الهرمونات التي تُفرز من الغدة الدرقية. على سبيل المثال، عندما ينخفض مستوى هرمون الثيروكسين (T4) في الدم، يتم إرسال إشارات من الغدة النخامية لتحفيز الغدة الدرقية على إفراز المزيد من الهرمونات. وبالمثل، عندما يكون هناك مستوى مرتفع من هرمون T4 في الدم، تُرسل إشارات من الغدة النخامية لتقليل إفراز هذه الهرمونات.

تشخيص اضطرابات الغدة الدرقية

الغدة الدرقية، كغيرها من الغدد، يمكن أن تواجه مشاكل صحية قد تؤثر على وظائف الجسم بشكل كبير. تتنوع اضطرابات الغدة الدرقية بين قصور الغدة الدرقية (hypothyroidism) وفرط نشاط الغدة الدرقية (hyperthyroidism). كل من هذه الحالات تؤثر على مستوى الهرمونات في الجسم وتؤدي إلى مجموعة متنوعة من الأعراض الصحية.

قصور الغدة الدرقية

يحدث قصور الغدة الدرقية عندما لا تفرز الغدة الدرقية كمية كافية من الهرمونات. يؤدي ذلك إلى تباطؤ الأيض وتراكم السموم في الجسم. من أبرز الأعراض التي قد تظهر على الشخص المصاب بقصور الغدة الدرقية: التعب الشديد، زيادة الوزن، الشعور بالبرودة، جفاف الجلد، وفقدان الشعر.

فرط نشاط الغدة الدرقية

على العكس من ذلك، يحدث فرط نشاط الغدة الدرقية عندما تُفرز الغدة الدرقية كمية مفرطة من الهرمونات. يؤدي ذلك إلى تسريع الأيض بشكل غير طبيعي، مما يسبب زيادة في مستوى الطاقة. الأعراض التي قد تشير إلى فرط نشاط الغدة الدرقية تشمل: فقدان الوزن غير المبرر، زيادة ضربات القلب، القلق، وصعوبة في النوم.

تأثير الغدة الدرقية على الجسم

الغدة الدرقية تؤثر بشكل مباشر على كل عضو تقريبًا في الجسم، وخاصة الأعضاء الحيوية مثل القلب والدماغ والأعضاء التناسلية. يعتبر تأثيرها على الجهاز العصبي والمزاج من أهم الجوانب التي يتم رصدها عند حدوث اضطرابات في هذه الغدة.

التأثير على القلب

الهرمونات التي تفرزها الغدة الدرقية تساهم في تنظيم ضربات القلب. على سبيل المثال، عندما يكون مستوى هرمونات الغدة الدرقية مرتفعًا (فرط النشاط)، قد يحدث تسارع في ضربات القلب (خفقان القلب)، بينما قد يؤدي قصور الغدة الدرقية إلى بطء في ضربات القلب.

التأثير على الوزن

الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في الغدة الدرقية يعانون من تغيرات كبيرة في الوزن. زيادة الوزن قد تكون مرتبطة بقصور الغدة الدرقية، بينما فقدان الوزن غير المبرر يرتبط عادةً بفرط نشاط الغدة الدرقية.

التأثير على الجلد والشعر

يؤثر مستوى هرمونات الغدة الدرقية أيضًا على صحة الجلد والشعر. في حالات قصور الغدة الدرقية، قد يعاني الشخص من جفاف البشرة وتلف الشعر، بينما في حالات فرط النشاط قد يصبح الشعر هشًا وسريع التالف.

التأثير على المزاج والذاكرة

يمكن أن تؤثر اضطرابات الغدة الدرقية بشكل كبير على المزاج والتركيز. الاضطرابات قد تؤدي إلى الاكتئاب، القلق، وصعوبة التركيز، وهو ما يؤثر في النهاية على الأداء اليومي للشخص.

كيف يتم علاج اضطرابات الغدة الدرقية؟

يختلف علاج اضطرابات الغدة الدرقية وفقًا لنوع المشكلة التي يعاني منها الشخص. في حالة قصور الغدة الدرقية، يتم علاج الشخص باستخدام أدوية تحتوي على هرمونات صناعية تشبه الهرمونات الطبيعية التي تفرزها الغدة الدرقية، مثل هرمون “الليفوثيروكسين” (levothyroxine). هذه الأدوية تساعد في تعويض نقص الهرمونات في الجسم وتحسين الأعراض.

أما في حالة فرط نشاط الغدة الدرقية، فقد يتطلب العلاج استخدام الأدوية المضادة للغدة الدرقية التي تمنع الغدة من إفراز المزيد من الهرمونات. في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر استخدام العلاج باليود المشع أو حتى جراحة لإزالة جزء من الغدة الدرقية.

الختام

على الرغم من أن الغدة الدرقية هي غدة واحدة في الجسم، فإن تأثيرها واسع ومعقد. فهي ليست مجرد عضو صغير، بل هي عنصر رئيسي في تنظيم العديد من الوظائف الحيوية في الجسم. لذا، من الضروري الحفاظ على صحة هذه الغدة من خلال الفحوصات المنتظمة والاهتمام بالصحة العامة لتجنب اضطراباتها التي قد تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة.