“العمود الثامن”، كتابٌ يحمل بين طياته عمق الإنسان وتأملاته في عالم يتشابك فيه الأفق مع الحياة، ويستمد نغماته من تجارب الناس وروح الأماكن. يأخذنا الكاتب ناصر الظاهري في رحلة فريدة من نوعها إلى عوالم اللغة والإحساس، حيث يتقن الفنان تركيب الكلمات ببراعة، وكأنه يرسم لوحات فنية بأسلوبه السلس والممتع.
في صفحات “العمود الثامن”، نجد أنفسنا أمام عالم مشبع بعبق المدن ورحابة الأماكن، حيث تقسم المدن عناوينها، وتتجلى أوجاع الإنسان في حروف الكتابة. يكون مراد الكاتب عرق الناس الطيبين، مبتغياً تجربة السباحة في فهم لغة الحياة بكل تياراتها وتناقضاتها. يكمن سر الكتاب في تأملاته العميقة في اللغة، حيث يكون غوصاً في عيون المرأة وعمقها، حيث تتحول العيون إلى جزء من زرقة البحر أو غابة من الأسئلة.
العمود الثامن ليس مجرد جرس يرن، بل هو قصيدة تتغنى بلغة القلب. يأخذنا الكاتب في رحلة إلى الأماكن الدافئة حيث ينبعث عبير الأمهات، يختار أن يكون للناس ومعهم، يتلاعب بالكلمات ببراعة ويقطع أقصر الطرق بالأمنيات والنيات. يكون خياراً للوصول إلى الأشياء الجميلة دون أن يتسبب في سفك دماء أو تنصيب مشانق لشهوات باخوس.
وكما يقول الحكيم الحطيم، يتفرد العمود الثامن بمساحة من الظل تكفي لاستراحة رجل عرجاء أعيته رحلة السفر والترحال. يكون ملاذاً للقارئ الباحث عن هدوء وسكينة في ظلام النهار والليالي. يقدم الكاتب المشاهدة بأسلوبه الفريد، حيث يترك للقارئ حرية التأمل والتأمل فقط.
وتظهر مقالات ناصر الظاهري كمساحات بانورامية على شاشات الأذهان، تنقل القارئ إلى عوالم الوطن والإنسان، وتشد الانتباه بعناوينها الملهمة مثل “القدس بين لغة الأشياء ولغة الإنشاءات” و”أمة تقرأ أمة ترقى”، مستعرضة أفق الصحافة والإعلام بأسلوب متميز وطرح عميق. يظهر الكتاب كوحدة فنية تجمع بين الأسلوب المتميز والمحتوى الذي يعكس رؤية فريدة للكاتب ناصر الظاهري.
