العصب السابع ووظائفه

العنوان المقترح للمقال:

العصب السابع ووظائفه واضطراباته

مقدمة

العصب السابع، المعروف طبيًا باسم العصب الوجهي (Facial Nerve)، هو أحد الأعصاب القحفية الإثني عشر، ويحمل الرقم السابع بينها، وهو العصب المسؤول عن مجموعة من الوظائف الحيوية والمعقدة في الوجه. تتنوع مسؤوليات هذا العصب بين التحكم في تعابير الوجه، وتنظيم الغدد اللعابية والدّمعية، وتوصيل الإحساس بالتذوق من جزء من اللسان. يمتد من جذع الدماغ ويمر عبر قاعدة الجمجمة والوجه ليصل إلى عضلات التعبير الوجهي. تَعرُّض هذا العصب لأي خلل أو ضرر قد يؤدي إلى مشاكل صحية كبيرة تؤثر على مظهر الوجه ووظائفه.

البنية التشريحية للعصب السابع

ينشأ العصب السابع من النواة الحركية الواقعة في الجسر (Pons) في جذع الدماغ، ويخرج من الجمجمة عبر الثقبة الإبرية الخشائية (Stylomastoid Foramen)، ليبدأ بعد ذلك في التفرع إلى عدة فروع رئيسية تخدم مناطق مختلفة من الوجه.

يتكون العصب السابع من مكونات متعددة تشمل:

1. الألياف الحركية (Motor Fibers): وهي المسؤولة عن تحريك عضلات الوجه والتعبير.

2. الألياف الحسية (Sensory Fibers): تنقل الإحساس بالتذوق من الثلثين الأماميين للسان.

3. الألياف السمبتاويّة (Parasympathetic Fibers): تغذي الغدد الدمعية واللعابية وتلعب دورًا في التحكم بإفرازاتها.

يمر العصب عبر قناة الوجه (Facial Canal) داخل العظم الصدغي، ويطلق فروعًا متعددة قبل أن يصل إلى وجه الإنسان، ومن أبرز هذه الفروع:

وظائف العصب السابع

يتحكم العصب السابع في وظائف عديدة تتداخل بين الحركة والإحساس والتنظيم الذاتي للغدد، ومنها:

• التعبيرات الوجهية: مثل الابتسام، العبوس، رفع الحاجبين، إغلاق العينين.

• إفراز الدموع واللعاب: من خلال تحفيز الغدة الدمعية والغدد اللعابية (تحت الفك وتحت اللسان).

• الإحساس بالتذوق: في الجزء الأمامي من اللسان.

• حماية العين: عبر التحكم في العضلة الدويرية العينية التي تغلق الجفن.

• الحس العميق: في بعض المناطق من الأذن الخارجية.

أسباب اضطرابات العصب السابع

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى تأثر العصب السابع، وتشمل:

1. شلل الوجه النصفي (شلل بيل Bell’s Palsy): وهو السبب الأكثر شيوعًا، يحدث فجأة وغالبًا ما يكون في جهة واحدة من الوجه، ويُعتقد أن السبب التهاب فيروسي يؤدي إلى انتفاخ العصب ضمن قناته.

2. الإصابات الرضية: مثل كسر في العظم الصدغي، أو إصابة مباشرة في الوجه.

3. الأورام: مثل الورم العصبي السمعي أو الأورام في قاعدة الجمجمة.

4. العدوى: مثل فيروس الهربس، أو التهاب الأذن الوسطى أو الداخلية.

5. السكتة الدماغية: قد تؤثر على مراكز التحكم الحركي للعصب في الدماغ.

6. الأمراض المزمنة: مثل السكري، أو التصلب اللويحي المتعدد.

7. العمليات الجراحية: خاصة التي تشمل الأذن أو الغدة النكافية.

الأعراض الشائعة لاضطرابات العصب السابع

تظهر أعراض اضطرابات العصب السابع بشكل واضح على الوجه، ويمكن تلخيصها في الآتي:

• ضعف أو شلل في جهة واحدة من الوجه.

• صعوبة في إغلاق العين أو الابتسام.

• تدلي جانب واحد من الفم.

• نقص في إفراز الدموع أو اللعاب.

• تغيرات في الإحساس بالتذوق.

• حساسية مفرطة للأصوات (Hyperacusis) في الأذن المقابلة للجهة المصابة.

• ألم خلف الأذن في بعض الحالات.

تشخيص اضطرابات العصب السابع

يعتمد التشخيص على الفحص السريري التفصيلي إضافة إلى الفحوصات المساعدة التي قد تشمل:

• التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): للكشف عن وجود أورام أو التهابات.

• التصوير الطبقي المحوري (CT): لتقييم العظم الصدغي.

• التخطيط الكهربائي للعضلات (EMG): لتحديد مدى الضرر في العصب.

• اختبار التذوق أو إفراز الدموع: لتقييم الوظائف الحسية والسمبتاويّة.

العلاج والتأهيل

يتوقف نوع العلاج على سبب الاضطراب، ومدى شدته، وزمن ظهوره، ومن أبرز طرق العلاج ما يلي:

1. العلاج الدوائي

• الكورتيكوستيرويدات (مثل البريدنيزون): تُعطى خلال أول 72 ساعة من بدء الأعراض وتعد فعالة جدًا في حالات شلل بيل.

• مضادات الفيروسات: عند الاشتباه بإصابة فيروسية.

• مسكنات الألم ومضادات الالتهاب.

2. العلاج الطبيعي

• تمارين لتقوية عضلات الوجه.

• تحفيز كهربائي للعصب.

• تدليك عضلات الوجه لتحسين التروية الدموية.

3. الجراحة

• تُجرى في حالات نادرة مثل الضغط الناتج عن ورم أو كسر.

• عمليات ترميم للأعصاب في حال وجود تلف دائم.

مآل الحالة واستجابة الجسم

تختلف مدة الشفاء حسب السبب وشدة الإصابة. معظم حالات شلل بيل مثلاً تتحسن خلال أسابيع، وقد يعود الوجه إلى طبيعته خلال 3 إلى 6 أشهر. إلا أن بعض الحالات قد تترك آثارًا دائمة تشمل:

• تشنج عضلات الوجه.

• التقلصات اللاإرادية.

• حركات غير إرادية (مثل حركة العين عند الابتسام – الظاهرة المسماة Synkinesis).

الوقاية والدعم

لا توجد طرق محددة للوقاية من شلل بيل، لكن يمكن تقليل عوامل الخطر من خلال:

• السيطرة على الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع الضغط.

• تجنب التعرض للبرد الشديد مباشرة بعد التعرق.

• معالجة التهابات الأذن أو الحلق مبكرًا.

• دعم الحالة النفسية والاجتماعية للمريض.

الخلاصة

العصب السابع الوجهي هو من الأعصاب القحفية شديدة الأهمية والحساسية، ويؤثر بشكل مباشر على تعابير الوجه ووظائفه الحيوية. إن أي اضطراب في هذا العصب يترك أثراً واضحًا على المريض نفسيًا ووظيفيًا، مما يستدعي تشخيصًا دقيقًا وسريعًا مع تدخل علاجي مناسب. ورغم أن بعض الحالات تُشفى تلقائيًا، فإن التوعية والفحص المبكر والالتزام بالخطة العلاجية تظل من أهم العوامل المؤثرة في تحسين النتائج وتقليل المضاعفات.

المراجع:

• Baugh RF, et al. “Clinical practice guideline: Bell’s palsy.” Otolaryngology–Head and Neck Surgery. 2013.

• Kandel ER, Schwartz JH, Jessell TM. Principles of Neural Science. McGraw-Hill Medical, 5th Edition.