مُلخص كتاب “العادات السبع للناس الأكثر فعالية” – الجزء الأول
يعد كتاب “العادات السبع للناس الأكثر فعالية” من أكثر الكتب تأثيراً في مجال تطوير الذات والإدارة الشخصية. وقد ألهم هذا الكتاب ملايين من الأفراد حول العالم من أجل تحسين حياتهم الشخصية والمهنية. الكتاب من تأليف ستيفن كوفي، وهو عبارة عن دليل عملي لتنمية العادات التي تجعل الفرد أكثر فاعلية في تحقيق أهدافه الشخصية والمهنية. في الجزء الأول من الكتاب، يركز كوفي على العادات الثلاثة الأولى التي تعد الأساس الذي يعتمد عليه باقي الكتاب. هذه العادات تركز بشكل أساسي على التوجه نحو الداخل، وتحقيق التوازن في جوانب الحياة الشخصية والمهنية. سنقدم هنا ملخصاً مفصلاً لهذه العادات.
العادة الأولى: كنَ مبدعاً (Be Proactive)
تتمحور هذه العادة حول فكرة أن كل فرد يتحكم في سلوكه وأفعاله، وأنه يمكنه اختيار كيفية الرد على المواقف المختلفة في الحياة. يؤكد كوفي في هذه العادة على أن الأفراد يمكنهم اتخاذ قراراتهم الخاصة بناءً على قيمهم الشخصية، بدلاً من أن يكونوا مجرد ردود فعل للأحداث أو المحفزات الخارجية. بمعنى آخر، تكون هذه العادة متعلقة بالتعامل مع الحياة بشكل نشط، وليس بشكل سلبي أو مدفوع بالظروف.
يشرح كوفي أن الإنسان الذي يتبنى هذه العادة لا يكون ضحية للظروف، بل يسعى دائماً لتغيير نفسه لتحقيق أهدافه. ويصف نوعين من الدوائر في هذا السياق: الدائرة التي تركز على الذات، وهي مجموعة الأمور التي يمكن التحكم فيها، والدائرة التي تركز على الاهتمامات، وهي الأشياء التي لا يمكن للفرد التحكم فيها. الشخص الفعّال هو من يركز على الدائرة التي يمكنه التحكم فيها، مثل تصرفاته، مواقفه، واختياراته، بدلاً من الانشغال بما لا يمكنه تغييره.
العادة الثانية: ابدأ والنهاية في ذهنك (Begin with the End in Mind)
العادة الثانية من العادات السبع هي إحدى أهم الأسس التي يعتمد عليها كوفي لتحقيق النجاح في الحياة. تتمحور هذه العادة حول أهمية تحديد رؤية واضحة لحياتك وأهدافك، بحيث تقوم بتوجيه جهودك نحو هذا الهدف بشكل مستمر. إذ يعتبر كوفي أن حياة الشخص بلا هدف تكون أشبه بالرحلة التي لا وجهة لها، وبالتالي يصعب قياس النجاح أو التقدم.
يشير كوفي إلى أهمية تحديد “الرسالة الشخصية” لكل فرد، وهي مجموعة المبادئ التي يجب أن يسير الإنسان عليها لتحقيق أهدافه. ينصح بأن يتخيل الشخص في بداية حياته، وفي النهاية، ماذا يريد أن يحقق من خلال أعماله وتوجهاته. ويؤكد أن هذا التحديد يساعد في اتخاذ القرارات الصحيحة التي تدعم هذه الأهداف. كما أن العادة الثانية تساعد على التقييم المستمر لما إذا كانت الأفعال التي نقوم بها متوافقة مع الأهداف التي نسعى لتحقيقها.
عند تحديد الأهداف والغايات، يجب أن تكون هذه الأهداف ذات مغزى، قائمة على القيم والمبادئ التي يحترمها الفرد. هذه العادة تشجع على العمل بخطة واضحة ومحددة، بعيداً عن الانشغال بالمشاكل اليومية أو الانغماس في التحديات الصغيرة التي قد تشغل الفرد عن الهدف الأسمى.
العادة الثالثة: ضع الأولويات أولاً (Put First Things First)
بعد أن حدد الفرد أهدافه ورؤيته المستقبلية، تأتي العادة الثالثة، التي تعد ضرورية لتنظيم الوقت والجهد بشكل فعال. في هذه العادة، يشجع كوفي على ترتيب الأولويات بناءً على الأهداف والقيم الشخصية. وهي تدور حول مفهوم إدارة الوقت بشكل يتماشى مع الأهداف الكبرى، بدلاً من الانشغال بالمشاغل اليومية التي لا تقدم تقدمًا حقيقيًا.
يفصل كوفي بين الأنشطة التي تدخل في أربع فئات:
-
الأنشطة العاجلة والمهمة: مثل الأزمات والتحديات التي يجب التعامل معها فوراً.
-
الأنشطة غير العاجلة ولكنها مهمة: مثل التخطيط، التحضير، وتطوير الذات.
-
الأنشطة العاجلة وغير المهمة: مثل المكالمات الهاتفية والطلبات اليومية التي تشتت الانتباه.
-
الأنشطة غير العاجلة وغير المهمة: مثل الأنشطة الترفيهية الزائدة.
ووفقًا لهذه التصنيفات، يجب أن يركز الأفراد على الأنشطة التي تندرج تحت الفئة الثانية، وهي الأنشطة غير العاجلة ولكنها مهمة. هذه الأنشطة تساهم في النمو الشخصي، بناء العلاقات، والتحضير للمستقبل.
من المهم أن يتعلم الشخص أن يقول “لا” للأنشطة التي تندرج في الفئات الأخرى التي تشتت التركيز وتستهلك الوقت دون أن تقدم قيمة حقيقية. يوصي كوفي في هذه العادة بتحديد أولويات الحياة والتأكد من أن الأفعال اليومية متوافقة مع القيم والأهداف طويلة الأجل.
العلاقة بين العادات الثلاثة الأولى
العادات الثلاثة الأولى تمثل الأساس الذي يبني عليه الإنسان شخصيته القوية والفعالة. فهي تركز على تعزيز الوعي الذاتي، ووضع الأهداف، وإدارة الوقت بفعالية. بتطبيق هذه العادات، يصبح الفرد أكثر قدرة على التحكم في حياته بدلاً من أن يكون خاضعاً للظروف أو الأوقات العصيبة.
كيفية تطبيق هذه العادات في الحياة اليومية
إن تطبيق العادات الثلاثة الأولى يتطلب جهداً وممارسة مستمرة. بدايةً، يجب أن يحدد الفرد القيم التي يعتمد عليها في اتخاذ قراراته (العادة الأولى). من ثم، يقوم بتحديد رؤية واضحة لمستقبله وتحديد الأهداف التي يجب أن يسعى لتحقيقها في حياته الشخصية والمهنية (العادة الثانية). وأخيراً، يبدأ بتطبيق مبدأ الأولويات من خلال ترتيب المهام والأعمال التي تحتاج إلى إتمامها وفقاً لأهميتها، مع التركيز على الأهداف الكبرى بدلاً من الانشغال بالتفاصيل الصغيرة (العادة الثالثة).
يعد كتاب “العادات السبع للناس الأكثر فعالية” بمثابة خارطة طريق لكل شخص يسعى لتحسين حياته. في الجزء الأول، يركز كوفي على جعل الأفراد أكثر قدرة على التحكم في حياتهم من خلال العادات الثلاثة الأولى التي توفر أساساً قوياً لبقية العادات التي سيشرحها في الجزء الثاني من الكتاب. وبتطبيق هذه العادات، يستطيع الإنسان أن يصبح أكثر فاعلية في حياته الشخصية والمهنية، محققاً توازناً أكبر، وموظفاً وقته وجهده بشكل أفضل.
