العادات السبع للناس الأكثر فعالية

العادات السبع للناس الأكثر فعالية: الجزء الثاني

تعدّ العادات السبع للناس الأكثر فعالية لمؤلفه ستيفن كوفي من الكتب الكلاسيكية في مجال التنمية الشخصية والإدارة. ينقسم الكتاب إلى جزئين رئيسيين، حيث يتناول الجزء الأول الأساسيات الضرورية لتطوير الذات، بينما يركز الجزء الثاني على العادات الأكثر تعقيداً والمتقدمة التي تساهم في الوصول إلى أعلى مستويات الفعالية في الحياة الشخصية والمهنية.

في هذا المقال، سنتناول الجزء الثاني من الكتاب، الذي يتحدث عن ثلاث عادات أساسية تقود الإنسان إلى التفاعل بشكل فعّال مع محيطه. هذه العادات هي: العادة الرابعة: التفكير الربحي، العادة الخامسة: السعي لفهم الآخرين أولاً، والعادة السادسة: التآزر. سنتعرف في هذا المقال على كيفية تطبيق هذه العادات في الحياة اليومية.

العادة الرابعة: التفكير الربحي – Win-Win

تعتبر العادة الرابعة واحدة من أكثر المفاهيم التي يركّز عليها كوفي في كتابه، وهي تتعلق بتغيير الطريقة التي ينظر بها الفرد إلى العلاقات بينه وبين الآخرين. يطرح كوفي هنا فكرة التفكير الربحي أو “Win-Win”، حيث يعتقد أن أفضل العلاقات بين الأفراد هي تلك التي توفر منفعة متبادلة للجميع. يشير كوفي إلى أن التفكير الربحي يتطلب منظوراً بعيداً عن الأنانية أو التفكير “الربح-الخسارة”، بل يحاول إيجاد حلول يربح فيها كل الأطراف المعنية.

لكن الوصول إلى هذا التفكير ليس أمراً سهلاً. يتطلب الأمر توافر عناصر أساسية منها الاحترام المتبادل، العدالة، الإيمان بوجود فرص غير محدودة، والقدرة على التفاوض بمرونة. يعتمد الأمر على السعي إلى التفاهم المشترك والتعاون، بدلاً من الدخول في صراعات مدمرة تضرّ بالجميع. يعتبر كوفي أن هذا النمط من التفكير لا يقتصر فقط على المواقف المعقدة بل يمتد ليشمل التفاعلات اليومية بين الأفراد.

التطبيقات العملية للتفكير الربحي:

• التفاوض بشكل إيجابي: فبدلاً من السعي لتحقيق مصالح خاصة على حساب الآخرين، يسعى الفرد إلى إيجاد حلول يربح فيها الجميع.

• الاستماع النشط: لتحديد احتياجات الآخرين والتعامل معها بما يعزز التعاون.

• التواصل بوضوح: لضمان أن الجميع على نفس الصفحة فيما يتعلق بالأهداف والنتائج.

يؤكد كوفي أن تطبيق هذه العادة لا يقتصر على العمل فقط، بل يمتد ليشمل العلاقات الشخصية والاجتماعية. يمكن لهذا التغيير أن يؤدي إلى تحسين العلاقات وتقوية الروابط، ما يعزز النجاح الجماعي ويخلق بيئة صحية ومزدهرة.

العادة الخامسة: السعي لفهم الآخرين أولاً، ثم السعي لأن يفهمك الآخرون

العادة الخامسة، التي يعتبرها كوفي أحد الأركان الأساسية في بناء علاقات فعّالة، هي السعي لفهم الآخرين أولاً. هذه العادة تدور حول الاستماع العميق أو ما يعرف بـ”الاستماع الفعّال”. يوضح كوفي أن معظم الناس يتحدثون عن أنفسهم طوال الوقت، لكن القليل منهم يتوقف للاستماع إلى الآخرين بشكل فعلي. إذا كان الهدف هو تحسين التواصل مع الآخرين وبناء علاقات قوية، يجب أن يتعلم الشخص كيفية الاستماع للآخرين بعمق واهتمام.

يتفق العديد من خبراء التواصل أن الاستماع هو مهارة مهمة تُظهر الاحترام للآخرين، وتبني جسرًا من الثقة. وبالرغم من أن كثيرين يظنون أنهم مستمعون جيدون، إلا أن كوفي يذكر أن معظمنا في الحقيقة يستمع للاستجابة، وليس لفهم الآخر. هذه عادة تشوّه التواصل وتؤدي إلى سوء الفهم.

الاستماع الفعّال يتطلب:

• الانتباه التام: أي عدم تشتيت الانتباه أو التفكير في الرد أثناء حديث الآخر.

• تفهم مشاعر الآخر: فهم مشاعر الشخص الآخر ورؤيته دون الحكم عليه.

• إعادة صياغة الكلام: للتأكد من الفهم الصحيح للرسالة المقصودة.

بعد أن يسعى الفرد لفهم الآخرين، يأتي دور العادة التي تليها، وهي السعي لأن يفهمك الآخرون. بعد أن أنشأت تواصلاً فعالًا، يمكنك الآن شرح وجهة نظرك وأفكارك بطريقة تراعي فهم الآخر.

العادة السادسة: التآزر – Synergize

العادة السادسة تتناول مفهوم التآزر، وهو العملية التي تتحقق من خلالها نتائج أكبر من مجموع الأجزاء الفردية. يمكن تفسير هذا المفهوم ببساطة من خلال القول: “الاثنان أفضل من الواحد”. يشير كوفي إلى أن التآزر ينشأ عندما يجتمع الأفراد معاً مع اختلافاتهم لتوليد حلول لا يمكن أن تكون موجودة إذا عمل كل شخص بمفرده.

إن التآزر لا يحدث بشكل طبيعي؛ فهو يتطلب جهداً حقيقياً لبناء بيئة حيث يشعر كل فرد بالأمان والاحترام. يعتمد التآزر على الانفتاح على الأفكار الجديدة، والقدرة على العمل ضمن فرق متنوعة، واستخدام هذه الاختلافات لتعزيز القدرة على الابتكار والإبداع.

مكونات التآزر:

• الاحترام المتبادل: قبول واحتضان الاختلافات.

• الابتكار: العمل معاً لإيجاد حلول جديدة.

• التفاعل الفعّال: ضمان أن كل شخص يُعطى الفرصة للمشاركة والتأثير.

يشرح كوفي كيف أن التآزر يمكن أن يُحدث تغييرات جذرية في بيئات العمل والعلاقات الشخصية، ويقود إلى تحقيق أهداف غير قابلة للتحقيق إذا عمل كل شخص بمفرده. قد يكون التآزر بين الأفراد أو بين فرق العمل أو بين شركات مختلفة، ولكنه يمثل بالتأكيد واحدة من أقوى العادات التي تساهم في زيادة الفعالية.

الخلاصة

يُعد الجزء الثاني من كتاب “العادات السبع للناس الأكثر فعالية” خطوة أساسية نحو تطوير الذات بشكل شامل. مع العادات التي تركز على العلاقات مع الآخرين، يقدّم ستيفن كوفي استراتيجية متكاملة لتحقيق الفعالية الشخصية والمهنية. من خلال التفكير الربحي، والاستماع الفعّال، والتآزر، يمكن للفرد أن يعزز قدرته على العمل الجماعي والتفاعل بفعالية أكبر مع محيطه.

تُعدّ هذه العادات أدوات قوية في بناء بيئة من التعاون والاحترام المتبادل، وهو ما يعزز النجاح على المدى الطويل.