الطبقة الشبكية في نموذج OSI

شرح الطبقة الشبكية (Network Layer) في نموذج OSI

مقدمة

يعتبر نموذج OSI (Open Systems Interconnection) من النماذج الأساسية التي تم تطويرها لفهم تصميم الشبكات وشرح كيفية تفاعل الأجهزة المختلفة في بيئات الشبكات. هذا النموذج، الذي تم تطويره من قبل المنظمة الدولية للمعايير (ISO)، يتكون من سبع طبقات تعمل بشكل متسلسل ومرتبط لتوفير الاتصال بين الأجهزة عبر الشبكة. تَعتبر كل طبقة في هذا النموذج مسؤولة عن وظيفة محددة، وتساهم في تنفيذ العمليات بشكل منظم وبسيط.

من بين هذه الطبقات، تعتبر الطبقة الشبكية (Network Layer) الطبقة الثالثة في نموذج OSI. تلعب هذه الطبقة دورًا حيويًا في إرسال البيانات بين الأجهزة عبر شبكة واسعة النطاق، سواء كانت شبكات محلية أو حتى شبكات ممتدة عبر القارات. في هذا المقال، سنغطي وظائف الطبقة الشبكية، البروتوكولات التي تعمل ضمنها، كيفية عملها، وأهميتها في الاتصال الشبكي.

تعريف الطبقة الشبكية (Network Layer)

الطبقة الشبكية هي المسؤولة عن إرسال البيانات من جهاز إلى جهاز آخر عبر شبكة تحتوي على أكثر من جهازين أو أكثر. تُستخدم هذه الطبقة لضمان نقل البيانات من المصدر إلى الوجهة بشكل سليم ودون فقدان للمعلومات. من خلال هذه الطبقة، يتم تحديد المسار الذي يجب أن تتبعه البيانات عبر الشبكة، وهو ما يعرف بـ التوجيه (Routing).

تعمل الطبقة الشبكية على تحسين الاتصال بين الأنظمة المختلفة، سواء كانت في نفس الشبكة أو عبر شبكات متعددة. يتضمن ذلك تحديد العناوين الفريدة (مثل عنوان IP) للمكونات المتصلة بالشبكة، بالإضافة إلى التأكد من أن البيانات تصل إلى الوجهة المطلوبة بأعلى كفاءة.

وظائف الطبقة الشبكية

1. توجيه البيانات (Routing):
   من أهم وظائف الطبقة الشبكية هو تحديد المسار الأمثل لنقل البيانات من المصدر إلى الوجهة. يتم ذلك باستخدام خوارزميات التوجيه التي تعتمد على الجداول التوجيهية والمعلومات الجغرافية الخاصة بالشبكة.

   التوجيه الديناميكي و التوجيه الثابت هما نوعان من التوجيه الذي يستخدمه البروتوكول. في التوجيه الديناميكي، يتم تحديث الجداول التوجيهية بانتظام حسب حالة الشبكة، بينما في التوجيه الثابت، تكون الجداول ثابتة ولا تتغير إلا يدويًا.

2. العناوين (Addressing):
   على الرغم من أن الطبقة الثانية (طبقة ربط البيانات) تعتمد على العناوين الفيزيائية (MAC Addresses)، إلا أن الطبقة الشبكية تقوم بتحديد العناوين المنطقية (مثل عنوان IP) لتوجيه البيانات عبر الشبكة. كل جهاز في الشبكة يحصل على عنوان فريد يسمح للطبقة الشبكية بالتمييز بين الأجهزة المختلفة.

   في الشبكات الكبيرة مثل الإنترنت، يُستخدم بروتوكول الإنترنت (IP) لتوزيع العناوين عبر الأجهزة المتصلة.

3. تقسيم البيانات (Segmentation and Reassembly):
   تَقوم الطبقة الشبكية بتقسيم البيانات إلى أجزاء أصغر (حزم) قبل إرسالها عبر الشبكة. إذا كانت الحزمة أكبر من الحجم الذي يمكن نقله عبر الشبكة، فإن الطبقة الشبكية تقسم البيانات إلى عدة حزم، ويتم إعادة تجميعها في الوجهة. هذا يسمح بنقل البيانات الكبيرة بشكل أكثر فعالية.

4. إدارة الترافيك (Traffic Control):
   تتحكم الطبقة الشبكية في تدفق البيانات داخل الشبكة. إذا كان هناك ازدحام في الشبكة أو حالة تأخير، تقوم الطبقة الشبكية بتعديل حجم الحزم المرسلة أو قد تؤجل إرسال بعض الحزم لتقليل التأثيرات السلبية على جودة الخدمة.

5. التحكم في الأخطاء (Error Handling):
   على الرغم من أن الطبقة الشبكية لا تضمن ضمان الوصول إلى البيانات بشكل كامل (فهذا يتم في الطبقات العليا)، فإنها تعمل على رصد الأخطاء أثناء النقل. في حال حدوث خطأ، قد يُطلب من الجهاز المرسل إعادة إرسال البيانات.

6. الربط بين الشبكات المختلفة (Inter-networking):
   تلعب الطبقة الشبكية دورًا رئيسيًا في ربط شبكات مختلفة قد تستخدم بروتوكولات مختلفة، من خلال أجهزة مثل الموجهات (Routers). الموجهات تعمل كجسر بين الشبكات المختلفة، مما يتيح تدفق البيانات بين الشبكات المتنوعة.

البروتوكولات المستخدمة في الطبقة الشبكية

تُستخدم العديد من البروتوكولات في الطبقة الشبكية لضمان نقل البيانات بين الأجهزة عبر الشبكات. ومن أشهر هذه البروتوكولات:

1. بروتوكول الإنترنت (IP – Internet Protocol):
   يعد بروتوكول الإنترنت IP من أبرز البروتوكولات المستخدمة في الطبقة الشبكية. يحدد IP كيفية ترقيم الأجهزة وعناوينها على الشبكة. هناك نسختان من هذا البروتوكول: IPv4 و IPv6.

   • IPv4 هو النسخة الأكثر شيوعًا حتى الآن، وتستخدم عناوين من 32 بت، مما يسمح بوجود حوالي 4.3 مليار عنوان فريد.

   • IPv6 تم تطويره لتحل محل IPv4 بسبب نفاد العناوين في الإصدار القديم، ويستخدم عناوين من 128 بت، مما يوفر عددًا هائلًا من العناوين.

2. بروتوكول التوجيه (Routing Protocols):
   هناك العديد من بروتوكولات التوجيه التي تعمل داخل الطبقة الشبكية لضمان وصول البيانات إلى الوجهة المطلوبة. أشهر هذه البروتوكولات تشمل:

   • RIP (Routing Information Protocol): يستخدم هذا البروتوكول خوارزميات بسيطة لتوجيه البيانات بناءً على عدد القفزات (hops) بين الأجهزة.

   • OSPF (Open Shortest Path First): يُستخدم في الشبكات الكبيرة ويعتمد على خوارزميات أكثر تعقيدًا وأسرع في تحديد أفضل مسار.

   • BGP (Border Gateway Protocol): يُستخدم بين شبكات الإنترنت المختلفة ويُعد البروتوكول الأساسي للإنترنت.

3. بروتوكول ICMP (Internet Control Message Protocol):
   يُستخدم بروتوكول ICMP في الطبقة الشبكية لإرسال الرسائل بين الأجهزة في الشبكة بشأن الأخطاء أو الحالات غير الطبيعية، مثل عدم القدرة على الوصول إلى عنوان معين. الأوامر المشهورة التي تستخدم ICMP هي ping و traceroute.

4. BGP (Border Gateway Protocol):
   بروتوكول التوجيه الأكثر شهرة على الإنترنت، ويُستخدم لربط شبكات مختلفة عبر الإنترنت. يعتمد BGP على تبادل معلومات التوجيه بين أجهزة التوجيه في الشبكات الكبيرة. يساعد هذا البروتوكول في تحديد المسارات عبر الإنترنت بأفضل شكل ممكن، استنادًا إلى السياسة وسعة الشبكة.

الأجهزة التي تعمل ضمن الطبقة الشبكية

تتضمن الأجهزة التي تعمل ضمن الطبقة الشبكية:

1. الموجهات (Routers):
   تُعتبر الموجهات هي الأجهزة الرئيسية التي تعمل في الطبقة الشبكية. مهمتها الأساسية هي توجيه البيانات بين الشبكات المختلفة باستخدام بروتوكولات التوجيه مثل BGP و OSPF. تقوم الموجهات بتحليل العنوان الوجهة في كل حزمة بيانات وتحديد أفضل مسار للانتقال إلى الوجهة.

2. المودمات (Modems):
   على الرغم من أن المودم يعمل على تفعيل الاتصال بين الشبكة المنزلية والانترنت، إلا أن بعض المودمات الحديثة يمكن أن تعمل في الطبقة الشبكية. حيث تقوم بتوجيه البيانات بين الأجهزة داخل الشبكة المحلية وبين الشبكة الخارجية.

أهمية الطبقة الشبكية في الاتصال الشبكي

تلعب الطبقة الشبكية دورًا أساسيًا في التأكد من وصول البيانات إلى وجهتها بشكل صحيح، خاصة في الشبكات الكبيرة والمعقدة مثل الإنترنت. من خلال التوجيه المتقدم والعناوين الفريدة، تضمن هذه الطبقة أن البيانات تصل بأعلى كفاءة وبدون مشاكل.

من دون الطبقة الشبكية، كان من المستحيل تقريبًا أن تتواصل الأجهزة عبر الإنترنت أو الشبكات الكبيرة. توفر الطبقة الشبكية أيضًا الأمان والمرونة في إدارة البيانات وتحديد المسارات الأمثل، مما يجعلها حجر الزاوية في نجاح معظم التطبيقات والخدمات الحديثة.

الخلاصة

تعتبر الطبقة الشبكية في نموذج OSI أساسية لضمان تواصل الأجهزة عبر الشبكات المختلفة، من خلال القيام بتوجيه البيانات، تحديد العناوين، تقطيع وإعادة تجميع البيانات، وإدارة الأخطاء. البروتوكولات المختلفة مثل IP و ICMP و BGP تساهم في تأمين وتسهيل عملية التوجيه، مما يضمن أداء شبكي فعال.