الشيخ رمضان عبد المعز: دعوة واعتدال

الشيخ رمضان عبد المعز: سيرة علم وعطاء دعوي

الشيخ رمضان عبد المعز، من أبرز الدعاة المعاصرين في العالم العربي، وأحد الوجوه المألوفة في الساحة الإعلامية والدينية المصرية، التي أثرت الخطاب الإسلامي بأسلوب متميز، متوازن، ومعتدل. ينتمي إلى مدرسة الأزهر الشريف، التي طالما أنجبت أجيالًا من العلماء الذين حملوا مشعل الوسطية والاعتدال في الفكر الإسلامي، وساهموا في نشر تعاليم الدين الحنيف بين الناس بأسلوب يراعي الواقع ويتفاعل مع قضايا الإنسان اليومية.

يمتاز الشيخ رمضان عبد المعز بأسلوب خطابي هادئ وعقلاني، يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويُحسن ربط النصوص الدينية بواقع الحياة اليومية للناس، مما جعله يحظى بجمهور واسع من مختلف الشرائح الاجتماعية والعمرية، خاصةً في ظل الانفتاح الإعلامي الذي أتاح له مساحة واسعة لإيصال فكره ومنهجه إلى ملايين المتابعين في مصر والعالم العربي.

النشأة والتعليم

وُلد الشيخ رمضان عبد المعز في مصر، وتلقى تعليمه الديني في أروقة الأزهر الشريف، حيث نهل من علوم الشريعة الإسلامية على أيدي نخبة من العلماء، وتمرس في الفقه وأصول الدين والتفسير والحديث. يُعرف عنه تضلعه في اللغة العربية وآدابها، واطلاعه الواسع على كتب التراث الإسلامي، مما ساهم في تكوين شخصية دعوية متكاملة، تمتزج فيها الفصاحة بالحكمة، والبصيرة بالتواضع.

حصل الشيخ على مؤهلات علمية عليا من الأزهر، مكنته من الالتحاق بالعمل الدعوي الرسمي، فكان خطيبًا وإمامًا، ثم عمل في مجالات متعددة كالدعوة، والتدريس، والإرشاد، قبل أن يبرز اسمه في المجال الإعلامي عبر القنوات الفضائية المختلفة.

المسيرة الدعوية والإعلامية

بدأ الشيخ رمضان عبد المعز نشاطه الدعوي منذ سنوات شبابه الأولى، حيث كان يشارك في الدروس والخطب التي تُلقى في المساجد الكبرى، ومن ثم انتقل إلى الإعلام، الذي شكّل نقطة تحول كبيرة في مسيرته، إذ أتاح له المجال للتفاعل المباشر مع ملايين المتابعين. وقد اشتهر ببرامجه التي تُبث عبر الفضائيات المصرية والعربية، وعلى رأسها قناة “الحياة” وقناة “الناس”، حيث قدّم مجموعة من البرامج الدينية والاجتماعية، التي لاقت رواجًا كبيرًا مثل:

• برنامج “لعلهم يفقهون”: الذي يقدمه منذ سنوات، ويُعد من أكثر البرامج الدينية متابعة في مصر، حيث يناقش فيه قضايا معاصرة تهم الأسرة والمجتمع، ويربطها بتعاليم الإسلام السمحة، بطريقة مبسطة وسلسة تجذب المشاهد وتدفعه للتفكر والتأمل.

• برنامج “الدين والحياة”: وهو أحد البرامج التي لاقت قبولًا جماهيريًا واسعًا، لما يتسم به من شمولية في الطرح، واهتمام بقضايا الناس اليومية في ضوء الإسلام.

• بالإضافة إلى مشاركاته العديدة في الحلقات الرمضانية، والندوات العامة، والمداخلات الإعلامية التي يناقش فيها قضايا فكرية وأخلاقية تمس حياة المسلمين اليوم.

الأسلوب الخطابي والمنهجي

ما يميز الشيخ رمضان عبد المعز عن كثير من الدعاة المعاصرين هو أسلوبه الهادئ الرصين، البعيد عن التهويل أو إثارة المشاعر الغاضبة. فهو يتبنى خطابًا دعويًا متزنًا، قائمًا على القيم الوسطية التي نادى بها القرآن الكريم، وركزت عليها السنة النبوية، ومثّلت أساس دعوة الأزهر الشريف منذ قرون.

يحرص في خطابه على:

• الربط بين النصوص الشرعية والواقع المعاصر، مع تقديم حلول عملية تنبع من جوهر الشريعة.

• تبسيط المعلومة الدينية دون إخلال بالمعنى أو تفريط في الأمانة العلمية.

• مراعاة اختلافات الجمهور من حيث المستوى الثقافي والعلمي والاجتماعي.

• الابتعاد عن الخطاب المتشدد أو الإقصائي، بل يدعو دائمًا إلى التيسير، والرفق، والرحمة، والبعد عن الغلو.

كما أن خطبه تتسم بطابع وجداني قوي، يلامس القلب والعقل، وتُبنى على التسلسل المنطقي والفهم العميق لنفسيات المستمعين. فهو لا يكتفي بنقل المعلومة، بل يفسرها ويوجهها، ويوصلها إلى السامع كرسالة أخلاقية ودعوية في آن واحد.

اهتمامه بقضايا المجتمع والأسرة

يولي الشيخ رمضان عبد المعز اهتمامًا بالغًا بالقضايا الاجتماعية، وعلى رأسها قضايا الأسرة وتربية الأبناء، والعلاقات الزوجية، وتعزيز القيم الأخلاقية بين الناس. وفي برامجه المتنوعة، يتناول هذه القضايا بأسلوب تربوي يراعي الفروق الثقافية ويستند إلى تعاليم الإسلام ومقاصده العليا.

ومن القضايا التي يركز عليها باستمرار:

• أهمية برّ الوالدين، وضرورة الحفاظ على روابط الأسرة.

• معالجة الخلافات الأسرية بطرق سلمية تقوم على التفاهم والرحمة، لا الصدام.

• الدعوة إلى القيم الإنسانية مثل الصدق، والأمانة، والعفة، والعدل.

• مكافحة ظواهر العنف اللفظي والمجتمعي، خاصة بين الأزواج، وفي بيئة العمل.

وقد أدرك أهمية الإعلام كوسيلة لبث هذه الرسائل، فوظف المنصات المختلفة – المرئية والمسموعة – لنشر هذا الفكر القيمي، بما يضمن وصوله إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور.

دعوته إلى الوسطية ومواجهة التطرف

من أبرز ما يتبناه الشيخ رمضان عبد المعز هو دعوته المستمرة إلى الوسطية في الفكر والممارسة، والتي يرى فيها صمام أمان للأمة الإسلامية من الانزلاق نحو الغلو أو الانحلال. وهو يرفض التصنيفات الحادة التي تُقصي المخالف، ويؤمن بالحوار البناء الذي يعزز التعايش السلمي داخل المجتمعات.

وفي سياق مواجهة التطرف، يؤكد الشيخ في خطاباته وبرامجه على:

• أن الإسلام دين رحمة، لا عنف، وأن النصوص الدينية لا تُستخدم لتبرير العنف.

• أن العمل الدعوي لا يكون بالتكفير أو التفسيق، بل بالإقناع والرحمة والتعليم.

• أن العقل الإسلامي السليم هو الذي يجمع بين النص والاجتهاد، ويوازن بين الثوابت والمتغيرات.

• أن الوعي الديني الحقيقي لا يتجزأ، بل يشمل العقيدة والعبادة والمعاملة.

ومن خلال ذلك، استطاع أن يكون من الأصوات المعتدلة التي تسعى إلى رأب الصدع داخل المجتمعات الإسلامية، والدعوة إلى الوحدة والعودة إلى جوهر الإسلام.

حضوره الجماهيري ومكانته الإعلامية

يحظى الشيخ رمضان عبد المعز بمتابعة واسعة عبر الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي، إذ يواكب تطور الوسائل الحديثة في التواصل، ويستخدمها في إيصال رسالته إلى جمهور أكبر. وله العديد من المقاطع المرئية القصيرة المنتشرة على المنصات مثل “يوتيوب” و”فيسبوك”، حيث يعرض فيها تأملات قرآنية، ورسائل وعظية قصيرة، ونصائح اجتماعية.

كما يتمتع بحضور قوي في الندوات الدينية، والمناسبات العامة، والمؤتمرات الإسلامية، حيث يُدعى للمشاركة فيها كمحاضر أو موجه ديني. وقد أسهم هذا الحضور في تعزيز مكانته بين الناس، الذين يرونه داعيةً مخلصًا، صادقًا في كلمته، واضحًا في رسالته.

مواقفه من القضايا المعاصرة

يُعد الشيخ رمضان عبد المعز من الدعاة الذين لم ينعزلوا عن قضايا مجتمعاتهم، بل شارك بآرائه ومواقفه في قضايا الساعة، سواءً في القضايا الاجتماعية، أو القيم الأخلاقية، أو حتى السياسية حين تستدعي الضرورة ذلك، شريطة أن تبقى الكلمة نابعة من ضمير ديني وإنساني.

من مواقفه:

• التأكيد على أهمية حفظ الوطن واستقراره، وربط ذلك بالمقاصد العليا للشريعة.

• الدعوة إلى نبذ الفتن، وعدم الانسياق وراء الشائعات التي تمزق المجتمع.

• الحث على العمل والإنتاج واحترام المهن، واعتبار ذلك جزءًا من العبادة.

• التأكيد على أهمية الحوار بين الأديان والثقافات، وبناء جسور التفاهم بين الناس.

الجدول التالي يوضح أبرز محطات حياته وتأثيره:

الخاتمة

الشيخ رمضان عبد المعز هو مثال للداعية العصري الذي جمع بين الأصالة والتجديد، وقدم نموذجًا ناجحًا في الدعوة الإسلامية المعتدلة، التي تُعلي من قيمة الإنسان، وتُبرز الجمال في الدين، وتسعى إلى الإصلاح لا التصادم. وقد ترك بصمة مميزة في قلوب متابعيه، ليس فقط بما يقدمه من علم، بل بخلقه، وتواضعه، وصدقه، وهو ما جعله واحدًا من الأصوات النادرة التي تُجمع عليها قلوب الناس في زمن كثُر فيه الجدل واختلطت فيه المفاهيم.

المراجع:

1. برامج الشيخ على قناة الحياة، خاصة “لعلهم يفقهون”.

2. الأرشيف الإعلامي لبرامج قناة الناس.