السيلان في حديثي الولادة: أسباب، أعراض، تشخيص، وعلاج شامل

يُعتبر السيلان (Gonorrhea) من الأمراض المنقولة جنسياً التي تُسببها بكتيريا نيisseria gonorrhoeae. وعلى الرغم من ارتباطه غالباً بفئة البالغين، إلا أن السيلان يمكن أن يصيب حديثي الولادة، وهو ما يُعرف بـ السيلان الوليدي أو السيلان الخِلقي، ويحدث نتيجة انتقال العدوى من الأم المصابة إلى الطفل أثناء الولادة الطبيعية عبر قناة الولادة. هذا المقال يعرض تفصيلاً شاملاً لمفهوم السيلان في حديثي الولادة، أسبابه، أعراضه، طرق تشخيصه، وكيفية علاجه والوقاية منه.

مفهوم السيلان في حديثي الولادة

السيلان في حديثي الولادة هو التهاب ناتج عن عدوى بكتيرية تصيب الطفل حديث الولادة، وينتقل الفيروس عادة أثناء مروره بقناة الولادة المصابة بالعدوى. يمكن أن يصيب السيلان الرضيع في عدة مناطق، أهمها العين (التهاب الملتحمة السيلاني)، الجهاز التنفسي، والمفاصل.

السيلان الوليدي لا ينتقل عبر الحمل داخل الرحم بشكل شائع، وإنما يحدث غالبًا أثناء الولادة، ولذلك يُطلق عليه أحيانًا “السيلان الخِلقي” لكن المصطلح أدق هو “السيلان الوليدي”.

أسباب الإصابة بالسيلان عند حديثي الولادة

ينتج السيلان عن الإصابة ببكتيريا نيisseria gonorrhoeae، وهي بكتيريا عصوية سالبة الغرام تنمو في المناطق الرطبة من الجسم مثل المهبل، عنق الرحم، القضيب، المستقيم، والمثانة.

تنتقل العدوى إلى حديثي الولادة عبر:

• مرور الطفل أثناء الولادة الطبيعية عبر قناة الولادة المصابة.

• ملامسة الأغشية المخاطية المصابة، خاصة العين.

أما عن عوامل الخطورة، فتشمل:

• إصابة الأم بمرض السيلان أثناء الحمل دون علاج.

• عدم الكشف المبكر عن العدوى في الأم أثناء فترة الحمل.

• الولادة الطبيعية بدون اتخاذ إجراءات وقائية لمنع انتقال العدوى.

أعراض السيلان في حديثي الولادة

تختلف أعراض السيلان عند حديثي الولادة باختلاف موقع الإصابة ودرجة شدتها، وتظهر عادة خلال الأيام الأولى أو الأسابيع الأولى بعد الولادة. أهم الأعراض تشمل:

1. التهاب الملتحمة السيلاني (التهاب العين)

• احمرار شديد في العين.

• خروج إفرازات صفراء أو خضراء لزجة من العين.

• تورم في الجفون.

• حساسية الطفل للضوء.

• إحساس بالتهيج وعدم الراحة.

يُعد التهاب الملتحمة السيلاني من أكثر أشكال السيلان الوليدي شيوعًا، ويشكل خطورة كبيرة لأنه إذا لم يُعالج بسرعة قد يؤدي إلى تلف القرنية وفقدان البصر.

2. عدوى الجهاز التنفسي

• صعوبة في التنفس.

• السعال المستمر.

• تكرار التهابات الجهاز التنفسي.

يحدث هذا عندما تنتشر العدوى من العين إلى الجهاز التنفسي أو عن طريق استنشاق البكتيريا.

3. التهاب المفاصل الوليدي

• تورم وألم في المفاصل.

• صعوبة في حركة الأطراف.

• الحمى.

يحدث هذا في حالات نادرة عندما تنتشر العدوى في الجسم وتصل إلى المفاصل.

4. أعراض عامة

• الحمى.

• فقدان الشهية.

• الخمول والتهيج.

• تأخر في النمو إذا استمرت العدوى بدون علاج.

تشخيص السيلان عند حديثي الولادة

تبدأ عملية التشخيص بفحص سريري دقيق يركز على الأعراض الظاهرة، لا سيما التهاب العين والإفرازات، ثم يتم تأكيد التشخيص باستخدام الطرق المخبرية التالية:

• مسحة من إفرازات العين: تُؤخذ المسحة لفحص وجود بكتيريا نيisseria gonorrhoeae بواسطة الزراعة البكتيرية أو تقنيات الفحص الجزيئي مثل PCR.

• فحص الدم: لتقييم وجود عدوى منتشرة في الجسم.

• تصوير الأشعة أو الفحوصات الأخرى: في حالات الاشتباه بعدوى الجهاز التنفسي أو المفاصل.

يعتبر التشخيص المبكر دقيقًا وفعالًا في منع المضاعفات الخطيرة التي قد تؤدي إلى فقدان البصر أو إصابات أخرى.

علاج السيلان عند حديثي الولادة

العلاج يعتمد على استخدام المضادات الحيوية المناسبة للقضاء على البكتيريا والتقليل من خطر المضاعفات. أهم النقاط في العلاج:

1. المضادات الحيوية

• السيفترياكسون: هو العلاج الأساسي، يُعطى عن طريق الحقن الوريدي أو العضلي بجرعة مناسبة حسب وزن الطفل وحالته.

• العلاج الموضعي للعين: يشمل قطرات أو مراهم مضادة للبكتيريا مثل البوليماكسين أو الإريثروميسين.

2. متابعة طبية دقيقة

يجب مراقبة حالة الطفل عن كثب خلال فترة العلاج، للتأكد من تحسن الأعراض وعدم تطور المضاعفات.

3. علاج المضاعفات

• في حالة التهاب المفاصل، قد يُستخدم العلاج الداعم مثل المضادات الالتهابية وتدخلات طبيعية للمساعدة في استعادة الحركة.

• علاج أي عدوى ثانوية في الجهاز التنفسي أو غيرها.

الوقاية من السيلان الوليدي

تعتبر الوقاية من السيلان في حديثي الولادة من الأولويات الطبية لضمان سلامة وصحة الطفل، وتتضمن إجراءات مهمة تتمثل في:

1. فحص الأم خلال فترة الحمل

• الكشف المبكر عن السيلان وغيره من الأمراض المنقولة جنسياً.

• إجراء اختبارات دورية للحامل في الثلث الأول والأخير من الحمل.

2. علاج الأم المصابة

• إعطاء المضادات الحيوية اللازمة للأم في فترة الحمل للقضاء على العدوى.

• ضمان امتثال الأم للعلاج وعدم إنجازه بشكل جزئي.

3. العناية أثناء الولادة

• استخدام تقنيات آمنة تقلل من انتقال العدوى أثناء الولادة.

• تجنب الولادة الطبيعية في حالة وجود عدوى نشطة دون علاج مع ضرورة اللجوء إلى الولادة القيصرية في بعض الحالات.

4. العلاج الوقائي للطفل

• تطبيق قطرات مضادة للبكتيريا في العين للمواليد مباشرة بعد الولادة (علاج بروفايلاكسي) للوقاية من التهاب الملتحمة السيلاني.

• مراقبة الطفل بعناية بعد الولادة لفحص أي أعراض محتملة.

المضاعفات المحتملة للسيلان في حديثي الولادة

عدم علاج السيلان الوليدي بسرعة وكفاءة قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، منها:

• فقدان البصر: بسبب التهاب القرنية والتليف.

• التهاب المفاصل المزمن: قد يسبب تشوهات حركية دائمة.

• العدوى المنتشرة (تعفن الدم): مما يهدد حياة الطفل.

• مشاكل في الجهاز التنفسي: التهاب الشعب الهوائية والرئتين.

تزيد المضاعفات خطورة على حياة الطفل خصوصًا في الحالات التي لا يتم فيها التشخيص والعلاج المبكر.

مقارنة بين السيلان والتهابات العين الوليدية الأخرى

في حديثي الولادة، هناك عدة أسباب لالتهاب العين، أبرزها:

خلاصة

السيلان في حديثي الولادة هو حالة طبية خطيرة تستدعي اهتمامًا خاصًا بسبب احتمال انتقال العدوى من الأم أثناء الولادة. يؤثر هذا المرض بشكل خاص على العين، لكنه قد يشمل أيضاً الجهاز التنفسي والمفاصل. التشخيص المبكر والعلاج السريع باستخدام المضادات الحيوية الفعالة أساسيان لتجنب المضاعفات التي قد تكون مهددة للحياة أو مدمرة للجهاز البصري. الوقاية تبدأ من الكشف والعلاج المناسب للأم خلال فترة الحمل، وتطبيق الإجراءات الوقائية للطفل بعد الولادة. تكامل هذه الإجراءات يُعد الضمان الأهم لحماية الأطفال من هذه العدوى الخطيرة وتأمين نموهم الصحي.

المصادر والمراجع

1. Centers for Disease Control and Prevention (CDC), Gonorrhea – Neonatal Conjunctivitis.

2. World Health Organization (WHO), Sexually transmitted infections (STIs) fact sheet.