السمنة من الدرجة الثانية: الأسباب والعلاج

السمنة من الدرجة الثانية: الأسباب، التأثيرات الصحية، وطرق الوقاية والعلاج

تعد السمنة من أخطر المشكلات الصحية التي يعاني منها العديد من الأفراد حول العالم، وتتراوح درجات السمنة وفقًا لمؤشر كتلة الجسم (BMI)، الذي يُستخدم لتصنيف الوزن ومقارنة الحجم مع الطول. في هذه المقالة، سنتناول السمنة من الدرجة الثانية بشكل مفصل، من حيث التعريف، الأسباب، التأثيرات الصحية المرتبطة بها، بالإضافة إلى خيارات الوقاية والعلاج المتاحة.

تعريف السمنة من الدرجة الثانية

تُصنف السمنة من الدرجة الثانية على أنها حالة طبية تتمثل في زيادة الوزن بشكل مفرط بحيث يشكل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة. يتم تحديد السمنة من خلال مؤشر كتلة الجسم، الذي يتم حسابه باستخدام المعادلة التالية:

$$BMI = \frac{الوزن (كجم)}{الطول^2 (م^2)}$$

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يتم تصنيف السمنة كما يلي:

• الوزن الطبيعي: BMI بين 18.5 و 24.9

• السمنة من الدرجة الأولى: BMI بين 30 و 34.9

• السمنة من الدرجة الثانية: BMI بين 35 و 39.9

• السمنة من الدرجة الثالثة (أو السمنة المفرطة): BMI 40 فأكثر

وبالتالي، فإن السمنة من الدرجة الثانية تتمثل في ارتفاع مؤشر كتلة الجسم ليصل إلى ما بين 35 و 39.9، وهي مرحلة تعتبر أكثر خطورة مقارنة بالسمنة من الدرجة الأولى، حيث تبدأ المشكلات الصحية المرتبطة بالسمنة في الظهور بشكل أكبر.

الأسباب الرئيسية للسمنة من الدرجة الثانية

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى السمنة من الدرجة الثانية، وتعد هذه الأسباب مزيجًا من العوامل الوراثية، البيئية، والسلوكية. أبرز هذه الأسباب تشمل:

1. العوامل الوراثية:
   تعتبر الجينات أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في زيادة الوزن وتسبب السمنة. إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما يعاني من السمنة، فإن احتمالية الإصابة بالسمنة تزداد عند الأبناء. كما أن الجينات قد تؤثر في كيفية توزيع الدهون في الجسم.

2. نمط الحياة:
   يعد نمط الحياة غير الصحي من أبرز الأسباب التي تساهم في السمنة. الأفراد الذين يستهلكون كميات كبيرة من الطعام الغني بالدهون والسعرات الحرارية الفارغة مع قلة النشاط البدني، يكونون أكثر عرضة لزيادة الوزن بشكل مفرط.

3. قلة النشاط البدني:
   في العصر الحديث، أصبح الكثير من الأفراد يعتمدون على وسائل النقل الحديثة ويقضون وقتًا طويلًا في الأماكن المغلقة، مما يقلل من فرص الحركة والنشاط البدني. قلة ممارسة التمارين الرياضية يزيد من فرص اكتساب الوزن الزائد.

4. التغذية غير المتوازنة:
   تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والسكر والملح، مثل الوجبات السريعة والمشروبات الغازية، يؤدي إلى زيادة الوزن بشكل كبير. هذه الأطعمة عادة ما تكون فقيرة في العناصر الغذائية الضرورية مثل الألياف والفيتامينات.

5. الأدوية والعلاج الطبي:
   بعض الأدوية مثل أدوية معالجة الاكتئاب، الأمراض النفسية، والسكري قد تكون سببًا في زيادة الوزن. هذه الأدوية قد تؤدي إلى تغيرات في التمثيل الغذائي أو تزيد من الشهية، مما يؤدي في النهاية إلى السمنة.

6. العوامل النفسية:
   الأفراد الذين يعانون من التوتر النفسي، الاكتئاب، أو اضطرابات الأكل قد يجدون أنفسهم يلجؤون إلى الطعام كوسيلة للتعامل مع مشاعرهم السلبية، مما يزيد من خطر زيادة الوزن.

7. الهرمونات:
   اضطرابات في هرمونات الجسم مثل هرمونات الغدة الدرقية أو هرمونات الأنسولين قد تلعب دورًا في حدوث السمنة. على سبيل المثال، قد يؤدي نقص إفراز هرمونات الغدة الدرقية إلى بطء التمثيل الغذائي وزيادة الوزن.

التأثيرات الصحية للسمنة من الدرجة الثانية

تعتبر السمنة من الدرجة الثانية حالة صحية خطيرة تؤدي إلى العديد من المشكلات الصحية التي تؤثر على جودة الحياة وقد تؤدي إلى تقصير العمر. أبرز هذه التأثيرات تشمل:

1. أمراض القلب والأوعية الدموية:
   يُعد ارتفاع ضغط الدم، تراكم الكولسترول الضار، وتصلب الشرايين من أبرز الأمراض القلبية التي ترتبط بالسمنة. زيادة الوزن تسبب أيضًا ارتفاعًا في مستويات الدهون الثلاثية والكوليسترول، مما يرفع من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

2. السكري من النوع 2:
   يعد مرض السكري من النوع 2 أحد المضاعفات الشائعة للسمنة، حيث يؤدي التراكم الزائد للدهون في الجسم إلى مقاومة الأنسولين، مما يعوق قدرة الجسم على استخدام السكر بشكل طبيعي.

3. مشاكل في الجهاز التنفسي:
   السمنة تؤدي إلى صعوبة في التنفس وزيادة خطر الإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم (توقف التنفس الليلي). كما أن السمنة تؤدي إلى زيادة العبء على الرئتين مما يسبب ضيقًا في التنفس.

4. السرطان:
   هناك أدلة متزايدة تشير إلى أن السمنة قد تزيد من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، مثل سرطان القولون، الثدي، الكبد، والكلى، حيث تلعب الدهون الزائدة دورًا في تحفيز نمو الأورام.

5. التهاب المفاصل:
   يؤدي الوزن الزائد إلى ضغط كبير على المفاصل، وخاصة المفاصل الكبيرة مثل الركبتين والوركين. هذا الضغط يمكن أن يسبب التهابات وآلامًا في المفاصل، ويزيد من خطر الإصابة بالتهاب المفاصل التنكسي.

6. مشاكل نفسية وعاطفية:
   تؤدي السمنة إلى تأثيرات نفسية قوية، مثل الاكتئاب والقلق، نتيجة للضغوط الاجتماعية والصحية التي يواجهها الأفراد. قد يعاني المصابون من تدني تقدير الذات والشعور بالعزلة.

7. مشاكل في الكبد:
   السمنة تزيد من خطر الإصابة بتشحم الكبد، وهي حالة تتراكم فيها الدهون في الكبد، ما قد يؤدي إلى تليف الكبد في المراحل المتقدمة.

الوقاية والعلاج

يمكن الوقاية من السمنة من الدرجة الثانية من خلال اتباع نمط حياة صحي يتضمن الغذاء المتوازن والنشاط البدني المنتظم. في حالات معينة، قد يحتاج الأشخاص المصابون إلى تدخل طبي. فيما يلي بعض الخيارات المتاحة:

1. التغذية الصحية:
   من الضروري اتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على جميع العناصر الغذائية الأساسية من البروتينات، الكربوهيدرات، الدهون الصحية، الفيتامينات والمعادن. يُنصح بتقليل تناول الأطعمة عالية الدهون والسكر، وزيادة استهلاك الفواكه، الخضروات، والحبوب الكاملة.

2. ممارسة الرياضة:
   يجب أن يتضمن نمط الحياة اليومي ممارسة النشاط البدني بانتظام، مثل المشي، الجري، السباحة، أو ركوب الدراجة. الهدف هو ممارسة التمارين لمدة 150 دقيقة على الأقل أسبوعيًا.

3. التدخلات الطبية:
   في الحالات الشديدة، قد تكون الأدوية التي تساعد على تقليل الوزن ضرورية. تستخدم بعض الأدوية التي تساعد في تقليل الشهية أو تحسين التمثيل الغذائي. يجب أن يتم تناول هذه الأدوية تحت إشراف طبي.

4. الجراحة:
   في الحالات التي تفشل فيها الطرق التقليدية للإنقاص من الوزن، قد تكون الجراحة مثل جراحة تكميم المعدة أو ربط المعدة خيارًا فعالًا. هذه العمليات تهدف إلى تقليل حجم المعدة، مما يساعد على تقليل كمية الطعام المستهلك.

5. الدعم النفسي والعاطفي:
   العلاج النفسي يمكن أن يكون مفيدًا للأفراد الذين يعانون من اضطرابات الأكل أو المشاكل النفسية المرتبطة بالسمنة. دعم الأسرة والأصدقاء أيضًا يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في تعزيز التغيير الإيجابي في نمط الحياة.

الخاتمة

تُعتبر السمنة من الدرجة الثانية حالة صحية خطيرة يمكن أن تؤثر على جميع جوانب الحياة الصحية والنفسية. من خلال اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام، يمكن الوقاية من هذه الحالة أو السيطرة عليها. بالنسبة لأولئك الذين يعانون من السمنة الشديدة، يمكن أن تساعد العلاجات الطبية والجراحية في تحسين الوضع الصحي وجودة الحياة بشكل عام.