السلوكيات الغريبة للأطفال حديثي الولادة

السلوكيات الغريبة المؤقتة عند الأطفال حديثي الولادة

يمر الأطفال حديثو الولادة بعدد كبير من التغيرات الجسدية والعصبية التي تؤدي إلى ظهور مظاهر وسلوكيات تبدو في ظاهرها غريبة أو غير معتادة للوالدين، خاصة الجدد منهم. وهذه السلوكيات، في معظم الحالات، لا تكون مؤشراً على وجود خلل عضوي أو نفسي، بل تعكس تكيف الجهاز العصبي والجسدي للطفل مع بيئته الجديدة بعد خروجه من الرحم. وتتفاوت هذه المظاهر من طفل لآخر، لكنها غالباً ما تكون مؤقتة وتختفي مع تقدم عمر الطفل خلال الأشهر الأولى. في هذا المقال، يتم تسليط الضوء على أبرز هذه المظاهر والسلوكيات، وتحليل أسبابها الفسيولوجية والنمائية، مع التمييز بين ما يُعد طبيعياً وما قد يستدعي المراقبة.

1. حركات لا إرادية أو ارتعاشية

من أكثر السلوكيات شيوعاً بين حديثي الولادة تلك الحركات الارتجافية التي قد تظهر في الذقن أو الأطراف. يظن البعض أن هذه الحركات تدل على نوبة صرعية أو خلل عصبي، لكنها غالباً ما تكون نتيجة لعدم نضج الجهاز العصبي المركزي.

• الرعشة في الذقن أو اليدين: تحدث عند البكاء أو في أثناء النوم، نتيجة لتفاعل الجهاز العصبي مع المنبهات الخارجية.

• الارتعاش عند الاستيقاظ المفاجئ: يُعرف هذا باسم “منعكس مورو” وهو استجابة تلقائية تنم عن صحة الأعصاب.

• متى تقلق؟ إذا كانت الحركات مصحوبة بتغير في اللون أو فقدان للوعي أو كانت لا تتوقف عند لمس الطرف المرتعش.

2. التنفس غير المنتظم

يتنفس الطفل حديث الولادة بطريقة تختلف عن البالغين، وهو ما قد يبدو مقلقاً لمن يلاحظ هذه السلوكيات للمرة الأولى.

• التنفس الدوري: يتنفس الطفل بسرعة لفترة وجيزة، ثم يتوقف عن التنفس لعدة ثوانٍ، ثم يعاود التنفس مجدداً.

• أسباب هذه الظاهرة: يعود ذلك إلى عدم نضوج مركز التحكم في التنفس داخل الدماغ.

• يختفي عادةً خلال الأسابيع الستة الأولى من عمر الطفل.

3. حركات العيون الغريبة

يتصرف الطفل حديث الولادة بعينيه بطريقة غير معتادة في بعض الأحيان:

• تذبذب حركة العينين: قد تظهر العين وكأنها تتحرك بشكل لا إرادي.

• الحول المؤقت: يُلاحظ انحراف بسيط في إحدى العينين، وهو أمر شائع بسبب ضعف العضلات المحركة للعين، ويزول عادةً بعمر 3-6 أشهر.

• الرمش المتكرر أو البطء في فتح الجفن: نتيجة لتحفيزات عصبية غير مكتملة النضج.

4. إصدار أصوات غريبة أثناء النوم أو الرضاعة

يصدر الطفل أصواتاً كالأنين أو الشخير الخفيف أو التنفس بصوت مرتفع، خاصة أثناء النوم:

• أصوات “الغروغرة” أو الشخير: نتيجة لمرور الهواء في المجاري التنفسية الضيقة.

• أصوات عند الرضاعة: تشير أحياناً إلى ابتلاع هواء زائد، وهي ليست بالضرورة علامة على مشكلة.

• اختلاف الأصوات حسب الوضعية: في وضع النوم على الظهر قد تكون الأصوات أعلى بسبب تراكم اللعاب أو الحليب في البلعوم.

5. البكاء دون سبب واضح

البكاء وسيلة التعبير الوحيدة لدى الرضيع، وقد يبكي لأسباب غير ظاهرة مثل:

• المغص أو انزعاج في الأمعاء.

• التحفيز الزائد من الضوء أو الصوت.

• الحاجة إلى الاتصال الجسدي أو الحضن.

ومن السلوكيات الغريبة أن بعض الأطفال يبدؤون بالبكاء بشكل فجائي دون مقدمات ويهدؤون بسرعة مماثلة.

6. تغير لون الجلد المفاجئ

من المظاهر التي تثير القلق عند الأهل، لكن غالبها يعود إلى أسباب فسيولوجية طبيعية:

• اللون المزرق في اليدين والقدمين: شائع جداً بسبب ضعف الدورة الدموية المحيطية في الأيام الأولى.

• تغير اللون عند البكاء الشديد: قد يصبح الوجه محمراً جداً نتيجة الضغط العضلي والتنفس السريع.

• اللون الرخامي للبشرة (mottling): بسبب تفاعل الأوعية الدموية مع درجة الحرارة الباردة.

7. حركات الوجه الغريبة

قد تظهر على وجه الطفل تعبيرات متغيرة بين الابتسام والعبوس والدهشة في غياب أي محفز خارجي:

• الابتسامة التلقائية: تظهر خلال النوم غالباً، ويُعتقد أنها ناتجة عن نشاط عصبي داخلي وليس عن استجابة شعورية.

• حركات الفم كالمضغ أو المص: تحدث في غياب حلمة أو زجاجة، تعبيراً عن رد الفعل الطبيعي للبحث عن الغذاء.

8. التشنجات المعوية وإخراج الغازات

تظهر على بعض الأطفال تعبيرات وجه متألمة أو حركات شد للأرجل نحو البطن:

• الغازات والمغص: نتيجة لعدم نضج الجهاز الهضمي وتغير الفلورا المعوية.

• الشد والتقلص العضلي: يحدث غالباً بعد الرضاعة أو أثناء التغوط.

9. الارتكاسات العصبية اللا إرادية

الطفل مزود بمجموعة من الانعكاسات العصبية (reflexes) التي تُعد علامات طبيعية للنمو العصبي:

10. اختلاف في حرارة الأطراف عن بقية الجسم

تشكو بعض الأمهات من أن أطراف الطفل (اليدين والقدمين) تكون أبرد من بقية الجسد، وهو أمر طبيعي لأن نظام تنظيم الحرارة لدى حديث الولادة لا يزال غير مكتمل.

11. تغيرات في الإخراج والبراز

يتبدل لون وقوام البراز لدى الأطفال في الأسابيع الأولى، ويظهر سلوك غريب أحياناً في توقيت الإخراج:

• براز العقي: أسود ولزج خلال أول 2-3 أيام.

• براز الانتقال: بني أو أخضر مع بداية الرضاعة.

• براز أصفر سائل: علامة على الرضاعة الطبيعية المنتظمة.

• إخراج متكرر أو نادر: كلاهما طبيعي في الأيام الأولى، بشرط ألا يصاحبه علامات جفاف أو فقدان وزن مفرط.

12. الرضاعة العشوائية أو غير المنتظمة

في الأيام الأولى، قد يرضع الطفل بفواصل زمنية غير منتظمة، وقد يرضع لفترة قصيرة ثم ينام:

• سبب السلوك: عدم انتظام الساعة البيولوجية، أو التعب الناتج عن الولادة.

• سلوك المص العشوائي: يمص إصبعه أو بطانية دون جوع فعلي.

13. تغير شكل الرأس

نتيجة للمرور في قناة الولادة، يظهر شكل الرأس بشكل غير متناظر أو ممتد قليلاً للأعلى أو الجوانب:

• الرأس المخروطي: طبيعي جداً ويزول تدريجياً خلال أسابيع.

• انتفاخ بسيط في اليافوخ: طالما أنه ليس مشدوداً أو مصحوباً بحمى فهو لا يدعو للقلق.

14. إفرازات من الأعضاء التناسلية أو الثدي

قد تظهر إفرازات أو تورم في ثديي الرضيع أو نزول قطرات دم من المهبل عند الإناث، وهو أمر طبيعي ويُعزى إلى:

• التأثير الهرموني من الأم: تنتقل الهرمونات إلى الجنين أثناء الحمل، وتُفرز تدريجياً بعد الولادة.

• يختفي خلال أيام إلى أسبوعين.

15. النوم العميق أو المتقطع وغير المنتظم

ينام الطفل لساعات طويلة، أو قد يبدو أنه لا ينام أبداً إلا قليلاً، ويصحو بشكل مفاجئ، مما يثير القلق عند الأهل.

• النوم المتقطع: يرجع إلى حاجة الطفل المتكررة للرضاعة أو تغيير الحفاض.

• حركة العين السريعة أثناء النوم: من خصائص النوم العميق عند حديثي الولادة.

16. التثاؤب المتكرر أو التمطي

قد يتكرر تثاؤب الطفل أو تمطيط جسده بطريقة ملفتة، ويُعد ذلك مظهراً لنشاط عصبي طبيعي.

الخلاصة:

جميع هذه السلوكيات الغريبة عند الأطفال حديثي الولادة تُعد طبيعية في الغالب وتعكس تطورهم الطبيعي وتكيفهم مع بيئتهم الجديدة. المهم هو أن تُفهم هذه السلوكيات في سياقها النمائي، وألا تُؤخذ كعلامة مرضية إلا إذا رافقتها مؤشرات خطرة مثل ازرقاق الجسم، تغير الوعي، الحمى، فقدان الوزن السريع أو توقف الإخراج.

المصادر:

• American Academy of Pediatrics (AAP)

• World Health Organization (WHO): “Caring for the newborn at home” – 2020