السلوكيات الخاطئة للطفل في سن الفطام
تعد مرحلة الفطام من أكثر الفترات حساسية في حياة الطفل والأم على حد سواء. ففي هذه المرحلة، يمر الطفل بتغيرات جسدية وعاطفية، بينما تتغير الروتينات المعتادة للأم أيضًا. على الرغم من أن الفطام يعد خطوة مهمة في نمو الطفل، إلا أنه يصاحبه العديد من التحديات. من بين هذه التحديات، تبرز السلوكيات الخاطئة التي قد يمر بها الطفل نتيجة لهذا الانتقال من الرضاعة الطبيعية إلى الأطعمة الصلبة أو الحليب الاصطناعي. يعاني العديد من الأطفال في هذه المرحلة من سلوكيات غير مرغوب فيها، وذلك بسبب التغيرات الجسدية والعاطفية التي يمرون بها. في هذا المقال، سنتناول السلوكيات الخاطئة التي قد يظهرها الطفل في سن الفطام، بالإضافة إلى الأسباب التي تؤدي إليها، وكيفية التعامل معها.
1. التمرد على الطعام الجديد
واحدة من أبرز السلوكيات الخاطئة التي قد تظهر عند الأطفال في سن الفطام هي التمرد على الطعام الجديد. في البداية، يرفض الطفل تناول الأطعمة الصلبة أو الأطعمة الجديدة التي يتم تقديمها له. يعود هذا الرفض إلى عدة عوامل، منها الخوف من التغيير أو الإحساس بالقلق من الطعام الجديد الذي ليس لديه خبرة سابقة به. كما أن الطفل في هذه المرحلة قد يشعر بقلق من فقدان الأمان الذي كان يشعر به أثناء الرضاعة الطبيعية.
يجب على الأمهات التحلي بالصبر في هذه المرحلة. من الضروري تقديم الطعام للطفل بشكل تدريجي وفي أوقات ثابتة، حيث إن الانتقال المفاجئ أو تغيير روتين الطعام بشكل غير مدروس قد يزيد من القلق لدى الطفل.
2. البكاء المستمر أو النوبات العصبية
البكاء المستمر والنوبات العصبية تعد من السلوكيات الطبيعية التي قد تحدث خلال مرحلة الفطام. الطفل في هذه المرحلة يكون في حالة توتر نفسي، حيث يشعر بالانفصال عن مصدر الأمان الذي كان يتمثل في الرضاعة الطبيعية. تتسبب هذه النوبات العصبية في محيط الأسرة في كثير من الأحيان في ضغوط نفسية للأم، مما قد يؤدي إلى تقلبات مزاجية بين الأم والطفل.
من المهم أن يتفهم الوالدان أن هذه النوبات قد تكون جزءًا من عملية التكيف التي يمر بها الطفل في هذا السن. كذلك، يمكن للأم التخفيف من حدة هذه السلوكيات من خلال تقديم الدعم العاطفي والطمأنينة للطفل، مما يعزز شعوره بالأمان.
3. الميل إلى مص الأصابع أو الأشياء الأخرى
بعد الفطام، قد يبدأ الطفل في اللجوء إلى مص أصابعه أو مص أي شيء آخر قريب منه. هذه العادة تعتبر من السلوكيات الخاطئة التي يعبر فيها الطفل عن حاجته للأمان والراحة، خاصةً بعد توقف الرضاعة الطبيعية. قد يشعر الطفل بأن هذه العادة تمنحه إحساسًا بالأمان الذي كان يشعر به أثناء الرضاعة.
إن مص الأصابع أو الأشياء الأخرى لا يشير بالضرورة إلى مشكلة نفسية، ولكنه قد يصبح عادة مزعجة إذا استمرت لفترة طويلة. لتقليل هذه العادة، يمكن استخدام أساليب تدريجية، مثل توفير بدائل للطفل، مثل اللعب أو استخدام الحلمات الاصطناعية الخاصة بالفم.
4. رفض النوم في فترات الليل
خلال مرحلة الفطام، قد يواجه الأطفال صعوبة في التكيف مع النوم في فترات الليل. يعود السبب في ذلك إلى أن الرضاعة الطبيعية كانت بمثابة وسيلة لتهدئة الطفل وتعزيز نومه. بعد الفطام، قد يصاب الطفل بالقلق والتوتر بسبب الانفصال عن الرضاعة الليلية، مما يؤدي إلى الاستيقاظ المستمر خلال الليل.
للتعامل مع هذه المشكلة، من المهم أن يلتزم الوالدان بروتين ثابت للنوم، بما في ذلك محيط هادئ ونشاطات مريحة قبل النوم، مثل القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة. قد يحتاج الطفل لبعض الوقت للتعود على هذا التغيير.
5. العدوانية أو السلوكيات غير اللائقة
قد تظهر بعض السلوكيات العدوانية عند الأطفال في سن الفطام، مثل العض أو الضرب أو التصرفات العدوانية تجاه الأقران أو الكبار. هذه السلوكيات قد تكون نتيجة لتراكم المشاعر السلبية، مثل الغضب أو الإحباط، التي يشعر بها الطفل بسبب الفطام. في بعض الأحيان، قد لا يكون الطفل قادرًا على التعبير عن مشاعره بشكل مناسب، فيلجأ إلى السلوكيات العدوانية كوسيلة لإظهار انزعاجه.
للتعامل مع هذه السلوكيات، يجب على الوالدين أن يظهروا قدرًا كبيرًا من الفهم والمساندة للطفل. يجب أن يتعلم الطفل كيف يعبر عن مشاعره بشكل صحيح، ويمكن للوالدين أن يعززوا من مهارات الطفل الاجتماعية من خلال تعليماته تدريجيًا حول كيفية التفاعل بلطف واحترام مع الآخرين.
6. التعلق المفرط بالأم
من السلوكيات الشائعة في مرحلة الفطام هو التعلق المفرط بالأم. قد يبدأ الطفل في إظهار تعلق كبير بالأم بعد الفطام، وهو ما يعكس خوفه من فقدان الرضاعة التي كانت تمثل له مصدرًا أساسيًا للراحة والأمان. في بعض الأحيان، قد يظهر هذا التعلق في صورة رغبة الطفل المستمرة في البقاء بالقرب من الأم أو الاعتماد عليها بشكل مفرط.
من المهم أن يعترف الوالدان بأن هذا التعلق جزء من عملية التأقلم، وأنه من الطبيعي أن يشعر الطفل ببعض القلق في هذه الفترة الانتقالية. ومع ذلك، يمكن تقليل هذا التعلق من خلال توفير بيئة محببة وآمنة للطفل، والتفاعل مع الأب والأفراد الآخرين في الأسرة بطريقة دافئة ورحيمة، مما يساعد الطفل على توسيع دائرة الأمان ليشمل المحيطين به.
7. التغيرات في عادات الأكل
قد تطرأ تغيرات على عادات الأكل لدى الطفل في سن الفطام. قد يبدأ الطفل في رفض الطعام أو تناول كميات صغيرة جدًا، وهو ما يمثل سلوكًا خاطئًا يؤثر على نموه بشكل سليم. قد يكون السبب في هذا التغير هو عدم تأقلم الطفل بعد مع الطعام الجديد أو انزعاجه من التغيير في نظام الرضاعة الذي كان يعتاده.
لتقليل هذه المشكلة، يجب على الأم تقديم الطعام للطفل بطريقة جذابة ومحفزة، بالإضافة إلى التنوع في الأطعمة لتشجيعه على التجربة. في بعض الأحيان، يمكن أن يساعد تقديم الطعام بشكل مختلف أو مزين بطريقة ملونة على جذب انتباه الطفل وزيادة استمتاعه بالطعام.
8. الإفراط في تناول الحليب الصناعي
في بعض الحالات، قد يتجه الطفل إلى الإفراط في تناول الحليب الصناعي بعد الفطام. قد يحدث ذلك نتيجة شعور الطفل بالحاجة إلى الراحة أو الأمان الذي كان يحصل عليه من خلال الرضاعة الطبيعية. الإفراط في الحليب الاصطناعي قد يؤدي إلى مشاكل صحية، مثل زيادة الوزن غير الصحية أو مشاكل في الجهاز الهضمي.
يجب على الوالدين مراقبة الكميات التي يتناولها الطفل من الحليب الصناعي والتأكد من أن الطفل يحصل على كفايته من العناصر الغذائية الأخرى من الأطعمة الصلبة. كما يمكن استشارة الطبيب أو أخصائي التغذية لمتابعة نظام الطفل الغذائي بشكل مناسب.
الخاتمة
إن مرحلة الفطام هي مرحلة حاسمة في حياة الطفل، وهي تمثل نقطة تحول في نموه الجسدي والعاطفي. على الرغم من السلوكيات الخاطئة التي قد تظهر خلال هذه المرحلة، فإنها لا تعتبر مؤشرًا على وجود مشكلة دائمة. من خلال الدعم النفسي والصبر، يمكن للأم والأب مساعدة الطفل على التكيف مع التغييرات بشكل تدريجي وآمن.
