السكري النوع 2 عند الأطفال

السكري من النوع 2 لدى الأطفال والمراهقين: مشكلة صحية في تزايد

يعد السكري من النوع 2 أحد الأمراض المزمنة التي كانت في الماضي مرتبطة بالغالبية العظمى من البالغين، إلا أنه في السنوات الأخيرة، أصبح يشكل تهديداً صحياً متزايداً للأطفال والمراهقين. في هذا المقال، نستعرض بشكل شامل تطور مرض السكري من النوع 2 في هذه الفئة العمرية، الأسباب الكامنة وراءه، الأعراض المميزة له، وكيفية الوقاية والعلاج.

ما هو السكري من النوع 2؟

يُعرَّف السكري من النوع 2 بأنه اضطراب في عملية التمثيل الغذائي، حيث يعجز الجسم عن استخدام الأنسولين بشكل فعال، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم. على عكس السكري من النوع 1، الذي يتسبب فيه ضعف في إفراز الأنسولين بسبب تدمير خلايا البنكرياس، فإن النوع 2 يسبب مقاومة للأنسولين، ما يعني أن خلايا الجسم لا تستجيب للأنسولين بشكل جيد.

انتشار السكري من النوع 2 لدى الأطفال والمراهقين

من الملاحظ أن حالات السكري من النوع 2 قد زادت بشكل ملحوظ في فئة الأطفال والمراهقين، وهي ظاهرة تشير إلى تغييرات ملحوظة في نمط الحياة، بما في ذلك تزايد معدلات السمنة وقلة النشاط البدني، إضافة إلى تزايد استهلاك الأطعمة الغنية بالسكر والدهون المشبعة. وفقاً للعديد من الدراسات، ارتفعت معدلات الإصابة بالسكري من النوع 2 بين الأطفال والمراهقين بشكل كبير في العقدين الأخيرين.

تقدر البيانات من المعهد الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى أن 8 من كل 1000 طفل في الولايات المتحدة يعانون من السكري من النوع 2. على الرغم من أن هذه الأرقام قد تختلف من منطقة إلى أخرى، فإن الاتجاه العام يشير إلى زيادة ملحوظة في الإصابة بهذا المرض بين الأطفال.

أسباب السكري من النوع 2 لدى الأطفال والمراهقين

تتعدد العوامل التي تساهم في تطور السكري من النوع 2 لدى الأطفال والمراهقين، وأبرزها:

1. السمنة

تعد السمنة أحد أبرز العوامل المساهمة في تطوير السكري من النوع 2. الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة يكونون أكثر عرضة لتطوير مقاومة الأنسولين، وهو ما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم. تشير الدراسات إلى أن أكثر من 80% من الأطفال الذين يصابون بالسكري من النوع 2 يعانون من السمنة.

2. قلة النشاط البدني

يلعب النشاط البدني دورًا مهمًا في تنظيم مستويات السكر في الدم. الأطفال الذين لا يمارسون نشاطات بدنية كافية معرضون بشكل أكبر لتطوير السكري من النوع 2. قلة النشاط البدني تؤدي إلى زيادة الوزن وارتفاع مستويات الدهون في الجسم، مما يزيد من خطر الإصابة بالمرض.

3. النظام الغذائي غير الصحي

الأنظمة الغذائية الغنية بالسكر، الدهون المشبعة، والأطعمة المصنعة تلعب دورًا كبيرًا في زيادة معدلات الإصابة بالسكري من النوع 2. تناول الوجبات السريعة والمشروبات الغازية يزيد من خطر الإصابة بالمرض، خاصة عندما يكون هذا النظام الغذائي مصحوبًا بقلة النشاط البدني.

4. العوامل الوراثية

تلعب الوراثة أيضًا دورًا في تطور السكري من النوع 2. إذا كان أحد الوالدين أو الأقارب من الدرجة الأولى يعاني من مرض السكري، فإن الأطفال يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض.

5. عوامل اجتماعية واقتصادية

العوامل الاجتماعية والاقتصادية تؤثر أيضًا في احتمالية إصابة الأطفال بالسكري من النوع 2. الأطفال الذين يعيشون في بيئات منخفضة الدخل قد لا يحصلون على التغذية السليمة أو الفرص الكافية لممارسة النشاط البدني.

أعراض السكري من النوع 2 لدى الأطفال والمراهقين

تشمل الأعراض المبكرة للسكري من النوع 2 لدى الأطفال:

• العطش الشديد: يحتاج الأطفال المصابون بالسكري إلى شرب كميات كبيرة من الماء بسبب الجفاف الناتج عن ارتفاع مستويات السكر في الدم.

• التبول المتكرر: يحدث نتيجة زيادة كمية الماء التي يتم التخلص منها من الجسم.

• الجوع الزائد: يؤدي ارتفاع السكر في الدم إلى الشعور بالجوع المستمر.

• التعب العام: يعاني الأطفال المصابون بالسكري من الشعور بالتعب والإرهاق المستمر.

• بطء التئام الجروح: من الأعراض التي قد تلاحظها العائلات في الأطفال المصابين بالسكري.

• الرؤية المشوشة: يحدث بسبب التأثيرات على العين نتيجة ارتفاع مستويات السكر في الدم.

من المهم ملاحظة أن السكري من النوع 2 قد لا يكون مصحوبًا دائمًا بأعراض واضحة، مما يجعل الكشف المبكر عن المرض أمرًا صعبًا.

تشخيص السكري من النوع 2 لدى الأطفال والمراهقين

يتم تشخيص السكري من النوع 2 من خلال اختبارات الدم التي تقيس مستوى السكر في الدم. تشمل الاختبارات الأكثر شيوعًا:

• اختبار مستوى السكر في الدم الصائم: حيث يتم قياس السكر في الدم بعد صيام لمدة 8 ساعات.

• اختبار HbA1c: يقيس مستوى السكر في الدم على مدى فترة زمنية طويلة (من 2 إلى 3 أشهر).

• اختبار تحدي الجلوكوز الفموي: حيث يتم قياس مستويات السكر بعد تناول جرعة معينة من الجلوكوز.

طرق الوقاية والعلاج

1. الوقاية من السكري من النوع 2

الوقاية من السكري من النوع 2 تتطلب تغييرات في نمط الحياة منذ مرحلة الطفولة. من أهم الخطوات الوقائية:

• تحسين النظام الغذائي: يجب أن يتبع الأطفال نظامًا غذائيًا متوازنًا يحتوي على الفواكه والخضروات، الحبوب الكاملة، والبروتينات الخفيفة.

• زيادة النشاط البدني: يُوصى للأطفال بالمشاركة في الأنشطة البدنية لمدة 60 دقيقة على الأقل يوميًا.

• تقليل وقت الشاشة: الحد من الوقت الذي يقضيه الأطفال في استخدام الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية والتلفزيون.

• تشجيع النوم الجيد: ينبغي أن يحصل الأطفال على قسط كافٍ من النوم كل ليلة.

2. العلاج

علاج السكري من النوع 2 لدى الأطفال يتطلب مزيجًا من التغييرات في نمط الحياة والأدوية. تشمل خيارات العلاج:

• تغيير نمط الحياة: يشمل ذلك تعديل النظام الغذائي، ممارسة الرياضة بانتظام، وتقليل الوزن في حالة السمنة.

• الأدوية: في بعض الحالات، قد يحتاج الأطفال إلى أدوية مثل الميتفورمين لتحسين استجابة الجسم للأنسولين.

• متابعة طبية مستمرة: من المهم مراقبة مستويات السكر في الدم بشكل دوري للتأكد من أن العلاج يعمل بشكل فعال.

خاتمة

تزايد معدلات السكري من النوع 2 لدى الأطفال والمراهقين يمثل تحديًا صحيًا كبيرًا يتطلب اهتمامًا عاجلاً من الأطباء، الأهالي، والمجتمع بشكل عام. من خلال التوعية وتوفير بيئة صحية داعمة، يمكن الحد من انتشار هذا المرض وتحسين جودة حياة الأطفال المصابين به.