الزكام: الأسباب والعلاج الفعّال

الزكام: أسبابه وطرق الوقاية منه وعلاجاته

الزكام هو أحد الأمراض الفيروسية الأكثر شيوعًا في العالم، ويعتبر من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى غياب الأفراد عن العمل أو الدراسة، خاصة خلال فصول الشتاء. يسبب هذا المرض إزعاجًا كبيرًا للمصابين به نظرًا للأعراض التي ترافقه من احتقان في الأنف، وسيلان الأنف، واحتقان الحلق، وعطاس، وإرهاق عام. رغم أنه مرض خفيف في أغلب الأحيان ولا يتسبب في مضاعفات خطيرة، إلا أن الزكام يمكن أن يؤثر بشكل كبير على جودة الحياة اليومية.

أسباب الزكام

الزكام ينتج عن العدوى بالفيروسات التي تهاجم الجهاز التنفسي العلوي، وعلى رأس هذه الفيروسات يأتي فيروس “الأنفلونزا”، بالإضافة إلى العديد من الفيروسات الأخرى مثل الفيروسات الأنفية (Rhinoviruses) التي تعد السبب الأكثر شيوعًا للزكام. تنتقل هذه الفيروسات من شخص لآخر عن طريق القطيرات الهوائية التي يتم إطلاقها عندما يسعل المصاب أو يعطس. كما يمكن أن تنتقل العدوى من خلال لمس الأسطح الملوثة بالفيروسات ومن ثم لمس الأنف أو الفم.

تتكاثر هذه الفيروسات بسرعة في الأجواء الباردة والرطبة، وهو ما يفسر زيادة معدل الإصابة بالزكام خلال فصلي الخريف والشتاء. من العوامل الأخرى التي تساهم في انتشار الزكام أيضًا، التواجد في أماكن مزدحمة مثل المدارس والمكاتب والمواصلات العامة حيث يسهل انتقال الفيروس بين الأفراد.

الأعراض المصاحبة للزكام

تختلف أعراض الزكام من شخص لآخر، ولكن الأعراض الأكثر شيوعًا تشمل:

• احتقان الأنف: يعتبر هذا العرض الأكثر شيوعًا بين المصابين بالزكام. يسبب احتقان الأنف صعوبة في التنفس عن طريق الأنف، مما يؤدي إلى الشعور بعدم الراحة.

• سعال وعطاس: السعال قد يكون جافًا أو مصحوبًا بمخاط، ويحدث نتيجة لتهيج الحلق أو الجهاز التنفسي.

• سيلان الأنف: يمكن أن يكون المخاط سميكًا أو مائيًا، ويحدث نتيجة لاستجابة الجسم لوجود الفيروس.

• إرهاق عام: يشعر المصاب بالزكام بالتعب والخمول العام، مما يؤثر على قدرته على القيام بالأنشطة اليومية.

• التهاب الحلق: يمكن أن يشعر المريض بآلام خفيفة في الحلق بسبب التورم والالتهاب الناتج عن الفيروس.

• صداع وأوجاع في الجسم: قد يعاني البعض من آلام في الرأس أو الجسم، وهو ما يصاحب بعض الحالات.

عادة ما تبدأ الأعراض في الظهور بعد يوم إلى يومين من التعرض للفيروس، وتستمر لفترة تتراوح بين 7 إلى 10 أيام. ومع ذلك، قد يشعر بعض الأشخاص بتحسن بعد بضعة أيام فقط، في حين قد يعاني آخرون من الأعراض لفترة أطول.

طرق الوقاية من الزكام

رغم أن الزكام يعتبر مرضًا غير خطير في الغالب، إلا أن الوقاية منه أمر بالغ الأهمية للحد من انتشاره وتجنب الإصابة به. هناك عدة طرق يمكن اتباعها لتقليل خطر الإصابة بالزكام، نذكر منها:

1. غسل اليدين بشكل متكرر: يُعد غسل اليدين من أبرز الطرق التي يمكن من خلالها الوقاية من الزكام. يجب غسل اليدين بالصابون والماء الدافئ لمدة 20 ثانية على الأقل، وخاصة قبل تناول الطعام وبعد العطس أو السعال. يمكن أيضًا استخدام معقم اليدين الذي يحتوي على الكحول إذا لم تتوافر المياه والصابون.

2. تجنب ملامسة الأنف أو الفم: يجب تجنب لمس الوجه بأيدٍ ملوثة بالفيروسات التي قد تكون عالقة على الأسطح الملوثة مثل مقابض الأبواب أو الهواتف أو لوحات المفاتيح.

3. تعزيز المناعة: المحافظة على جهاز مناعي قوي هو مفتاح الوقاية من الزكام. يمكن تعزيز المناعة عن طريق تناول نظام غذائي متوازن يحتوي على الفواكه والخضروات الغنية بالفيتامينات والمعادن، وكذلك ممارسة الرياضة بانتظام.

4. الابتعاد عن الأشخاص المصابين بالزكام: تجنب الاتصال المباشر مع الأشخاص الذين يعانون من الزكام، خاصة في الأيام التي تكون فيها الأعراض في ذروتها.

5. استخدام المناديل عند العطس أو السعال: العطس أو السعال قد ينقل الفيروسات إلى الهواء أو الأسطح. من الأفضل دائمًا تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي يمكن التخلص منه فورًا.

6. تهوية الأماكن المغلقة: فتح النوافذ للسماح بدخول الهواء النقي يعد من الوسائل المهمة في الحد من انتشار الفيروسات في الأماكن المغلقة. كما يساعد التنظيف المستمر للأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر في تقليل فرصة انتقال العدوى.

7. تلقي التطعيمات الوقائية: في بعض الحالات، يمكن أن تساعد بعض اللقاحات مثل لقاح الأنفلونزا في الوقاية من أنواع معينة من الزكام.

علاج الزكام

الزكام، كما ذكرنا، هو مرض غالبًا ما يشفى تلقائيًا دون الحاجة إلى تدخل طبي. مع ذلك، يمكن أن تساعد بعض العلاجات في تخفيف الأعراض وتسريع الشفاء. تشمل العلاجات المتاحة للزكام:

1. الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية:

   • مضادات الاحتقان: تساعد هذه الأدوية في تخفيف احتقان الأنف من خلال تقليص الأوعية الدموية في الأنف.

   • مسكنات الألم: مثل الأسيتامينوفين (Tylenol) أو الإيبوبروفين (Advil) التي تساعد في تخفيف الصداع وآلام الجسم.

   • مضادات الهيستامين: التي قد تساعد في تخفيف سيلان الأنف والعطس، خاصة في حالات الزكام المصحوبة بالحساسية.

2. العلاج المنزلي:

   • الراحة التامة: الحصول على قسط كافٍ من الراحة يعد من أهم وسائل تسريع الشفاء. يساعد النوم الكافي في تعزيز جهاز المناعة والتخفيف من التعب.

   • السوائل الدافئة: شرب السوائل الدافئة مثل الشاي بالأعشاب أو مرق الدجاج يمكن أن يخفف من الاحتقان ويساعد في ترطيب الحلق.

   • الغرغرة بالماء الدافئ والملح: يمكن أن يساعد هذا في تخفيف آلام الحلق والتهاب اللثة.

   • استخدام البخار: استنشاق بخار الماء الساخن يساعد في تخفيف احتقان الأنف.

3. العلاج بالأعشاب:

   • العسل والليمون: يعتبر العسل علاجًا فعالًا لتهدئة الحلق المتعب. يمكن إضافة العسل إلى ماء دافئ مع قليل من عصير الليمون.

   • الزنجبيل: يعتبر الزنجبيل من الأعشاب الطبيعية المفيدة في علاج الزكام بفضل خصائصه المضادة للفيروسات. يمكن تناوله في شكل شاي دافئ.

   • الثوم: يعتبر الثوم من المواد الطبيعية التي تقوي المناعة ويمكن تناوله نيئًا أو إضافته إلى الطعام.

4. علاج الاحتقان:

   • استخدام جهاز الترطيب: يساعد جهاز الترطيب في إضافة الرطوبة إلى الهواء، مما يقلل من جفاف الحلق والأنف.

   • تطبيق المراهم الموضعية: بعض المراهم التي تحتوي على المنثول أو الكافور يمكن أن تساعد في تخفيف احتقان الأنف.

مضاعفات الزكام

رغم أن الزكام في حد ذاته يعتبر مرضًا خفيفًا، إلا أنه قد يؤدي إلى بعض المضاعفات في بعض الحالات. على سبيل المثال، قد يتسبب الزكام في تطور بعض الأمراض الأخرى مثل:

• التهاب الجيوب الأنفية: بسبب انسداد الأنف، قد تحدث التهابات في الجيوب الأنفية، مما يؤدي إلى آلام شديدة في الوجه وحول العينين.

• التهاب الأذن الوسطى: قد يتسبب الزكام في انسداد الأذن الوسطى، مما يؤدي إلى ألم في الأذن وصعوبة في السمع.

• العدوى الثانوية: في بعض الحالات، قد يسبب الزكام الإصابة بعدوى بكتيرية مثل التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي.

الخاتمة

الزكام مرض شائع ولكنه غالبًا ما يكون غير خطير. قد تكون الوقاية منه والتعامل مع أعراضه أمرًا بسيطًا إذا تم اتخاذ التدابير الوقائية المناسبة مثل غسل اليدين بشكل متكرر وتجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما أن الراحة واستخدام العلاجات المنزلية والأدوية يمكن أن تساهم في تسريع الشفاء.