مفهوم الروم والإشمام في اللغة والفقه الإسلامي

مقدمة

تعتبر علوم اللغة العربية من أهم العلوم التي تنير دروب الفهم في مختلف المجالات الإسلامية والشرعية، وخاصة علوم التجويد والقراءات القرآنية التي لها دور كبير في الحفاظ على دقة النطق وسلامة التلاوة. من بين المفاهيم اللغوية والتجويدية التي تلعب دوراً بارزاً في علوم القرآن الكريم، مفهومَي الروم والإشمام، وهما من الأمور التي تعنى بطريقة نطق الحروف والكلمات وفق قواعد محددة، لضمان وضوح المعنى وسلامة اللفظ. هذا المقال يستعرض بالتفصيل مفهوم الروم والإشمام في اللغة والفقه الإسلامي، وأهميتهما في مجال التجويد، مع توضيح الفروقات بينهما، وأمثلة تطبيقية من القرآن الكريم.

تعريف الروم والإشمام في اللغة العربية

الروم

في اللغة العربية، الروم هو النطق بنبرة خفيفة وصوت منخفض عند خروج الحرف، بحيث لا يصل الصوت إلى حد القوة أو الشدة. والروم عموماً معناه الخفّة في النطق، ويقابل الروم في بعض الحالات التشديد أو الإظهار القوي.

يمكن القول أن الروم يدل على تحريك الحرف بحركة بسيطة دون إفراط في الصوت، ويُستخدم هذا المصطلح كثيراً في علم التجويد للإشارة إلى نطق الحروف بطريقة معتدلة ورقيقة.

الإشمام

أما الإشمام في اللغة، فهو الإحساس بامتلاء الفم عند النطق، أو شدة في الإحساس بداخل الفم أثناء النطق بحرف معين. في علم التجويد، الإشمام هو نوع من النطق الذي يُشعر به المتلقي بأن الحرف نُطق بامتلاء شديد في الفم أو تجويفه، أو شعور بأن الصوت قوي وواضح لكنه ليس تشديداً صارخاً.

تعريف الروم والإشمام في علم التجويد

يُعتبر الروم والإشمام من الأحكام الخاصة بالنون والميم الساكنتين، واللذان يندرجان تحت أحكام النون والميم الساكنة والتنوين التي تُعد من أهم الأحكام التجويدية في التلاوة القرآنية.

الروم في التجويد

الروم هو نطق حرف النون أو الميم الساكنة أو التنوين مع تخفيف الصوت، بحيث يكون النطق خفيفاً وهادئاً، مع عدم وجود تشديد أو شدّة في الحرف. ويتم ذلك عندما يلتقي النون الساكنة أو التنوين بحرف من حروف الروم أو الإخفاء، وهذا يخلق صوتاً معتدلاً خفيفاً.

الروم هو العكس من الإشمام، ويظهر في النطق بشكل واضح خصوصاً عند التقاء النون الساكنة أو التنوين بحروف معينة دون تشديد.

الإشمام في التجويد

الإشمام هو نطق حرف الميم الساكنة أو النون الساكنة مع إحساس بامتلاء الفم عند النطق، أي بأن الصوت مشبع أو ممتلئ دون تشديد. ويُعتبر من أنواع الإدغام والاحكام التجويدية التي تنطوي على إدخال حرف ساكن في حرف ساكن بحيث يُشعر بنوع من الامتلاء أو القوة الصوتية، لكنه ليس تشديداً تاماً.

الفرق بين الروم والإشمام

الحروف التي يُطبق عليها حكم الروم

في علم التجويد، يتم تطبيق حكم الروم على النون الساكنة والتنوين عندما تلتقي بحروف معينة تسمى حروف الروم، والتي تقع بين الإظهار والإخفاء، وهي كما يلي:

• الحروف: الدال (د)، التاء (ت)، والثاء (ث)

حينما تأتي النون الساكنة أو التنوين قبل هذه الحروف، يُنطق الحرف بنطق خفيف يسمى الروم.

مثال على الروم

في قوله تعالى: “من ثَمَرَاتٍ” (سورة النحل: 11)، النون الساكنة في كلمة “من” تلتقي بحرف الثاء، فيكون النطق رومياً خفيفاً، أي يُلفظ النون بطريقة هادئة خفيفة لا تشدد فيها الصوت.

تطبيق الإشمام في التلاوة القرآنية

يُطبق حكم الإشمام على الميم الساكنة عندما تلتقي بحرف الميم المتحركة بعدها، فيكون النطق بامتلاء الفم وإحساس قوي داخل الفم، مع إظهار الميم مشددة بعض الشيء دون زيادة مبالغ فيها.

مثال على الإشمام

في قوله تعالى: “أمم” في جملة: “إنهم قوم لا يعقلون”، عندما تتقابل الميم الساكنة مع الميم المتحركة تبدأ الإشمام في النطق.

الإشمام هو إحدى خصائص النطق السليم التي تحفظ التلاوة من الخطأ، وتجعله أقرب إلى النطق القرآني الصحيح.

أهمية الروم والإشمام في حفظ النطق القرآني

الروم والإشمام من الأحكام التي تعزز من سلامة التجويد في التلاوة، وتحافظ على المعنى الدقيق للنص القرآني. الالتزام بهذه الأحكام يضمن:

• وضوح الكلمات والآيات.

• الحفاظ على خصوصية النطق القرآني.

• تجنب اللحن الذي قد يؤدي إلى تغير المعنى.

• المحافظة على جمال التلاوة وروحانيته.

كما أن الإتقان في نطق الروم والإشمام يرفع من مستوى القارئ ويزيد من تأثير التلاوة على المستمع.

العلاقة بين الروم والإشمام وأحكام أخرى في التجويد

الروم والإشمام يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بأحكام النون والميم الساكنة والتنوين مثل الإظهار، الإدغام، والإخفاء. معرفة الفرق بينهم تساعد القارئ على تلاوة سليمة تحفظ الحقوق اللفظية للقرآن.

الخاتمة

الروم والإشمام من الأحكام التجويدية الدقيقة التي تتطلب معرفة علمية وممارسة مستمرة لتلاوة صحيحة وسليمة. فهما يساهمان بشكل فعال في الحفاظ على سلامة النطق القرآني وحفظ المعاني كما أنزلها الله تعالى. وتأتي أهمية فهم هذين الحكمين كجزء من علوم التجويد التي تضمن إخلاص التلاوة، وتحقيق الإحساس الروحي الذي يرتبط بقراءة القرآن الكريم.

المصادر والمراجع

1. القرآن الكريم مع التفسير والتجويد، دار الحديث، القاهرة.

2. ابن الجزري، أبو عبد الله محمد بن محمد، شرح ألفية ابن مالك في التجويد، تحقيق د. عبد الرحمن البيطار، دار الكتب العلمية، بيروت.

هذا المقال استعرض تعريف الروم والإشمام، فروقهما، تطبيقاتهما، وأثرهما في تلاوة القرآن الكريم بشكل تفصيلي ومدعوم بأمثلة وقواعد تجويدية لضمان حفظ الدقة والوضوح في النطق.