الدوامان للمرأة يدفعان الرجل للزوجة الثانية

في المجتمعات العربية والإسلامية، تظل مسألة تعدد الزوجات قضية حساسة تحمل في طياتها أبعاداً اجتماعية ونفسية ودينية وثقافية معقدة. ومن بين الأسباب التي تدفع بعض الرجال إلى الزواج بزوجة ثانية، يظهر «الدوامان» عند المرأة كعامل مهم ومؤثر للغاية. الدوامان، أو تقلب المزاج والمشاعر عند المرأة، يُعد ظاهرة طبيعية مرتبطة بالدورة الشهرية والتغيرات الهرمونية، لكنه في بعض الأحيان يتحول إلى مصدر توتر وضغط داخل العلاقة الزوجية، مما يدفع الرجل أحياناً إلى البحث عن الاستقرار والهدوء في علاقة زوجية أخرى.

في هذا المقال، سنتناول ظاهرة الدوامان عند المرأة بتفصيل علمي واجتماعي، ونبحث تأثيرها على العلاقة الزوجية، وكيف يمكن أن تكون سبباً مباشراً في اتخاذ الرجل قرار الزواج الثاني. سنستعرض أيضًا أبعاد هذه الظاهرة وتأثيرها على الرجل والأسرة، مع التركيز على الجوانب النفسية والاجتماعية والدينية التي تحيط بهذه القضية.

الدوامان: تعريفه وأسبابه

الدوامان هو اختلال مؤقت في الحالة المزاجية للمرأة يحدث نتيجة تغيرات هرمونية تحدث في الدورة الشهرية. تبدأ هذه التغيرات عادة قبل الحيض ببضعة أيام، وتستمر حتى انتهاء فترة الحيض، مصحوبة بأعراض مختلفة تشمل الاكتئاب، التهيج، القلق، الانفعال، والتعب الجسدي.

يُعرف طبياً بحالة متلازمة ما قبل الحيض (Premenstrual Syndrome – PMS)، والتي تؤثر على 75% من النساء تقريباً بدرجات متفاوتة، إذ تختلف شدة هذه الأعراض بين امرأة وأخرى. في بعض الحالات تكون الأعراض خفيفة ولا تؤثر على الحياة اليومية، أما في حالات أخرى فقد تكون شديدة ومؤثرة على العلاقات الاجتماعية والأسرية.

الأسباب الرئيسية للدوامان هي التغيرات الهرمونية، وبالتحديد انخفاض هرمون السيروتونين في الدماغ، وهو ناقل عصبي مسؤول عن تنظيم المزاج. كما تلعب العوامل النفسية والاجتماعية دوراً في زيادة حدة الأعراض أو تخفيفها.

تأثير الدوامان على العلاقة الزوجية

الدوامان لا يؤثر فقط على المرأة، بل له تأثير كبير على العلاقة الزوجية، إذ ينعكس سلباً على التفاهم والتواصل بين الزوجين. التقلبات المزاجية، التهيج، والانفعال قد تؤدي إلى خلافات متكررة، نزاعات صغيرة قد تتصاعد، وشعور متبادل بالإرهاق العاطفي.

الزوج غالباً ما يجد نفسه في موقف صعب، حيث تتزايد الضغوط عليه للتعامل مع هذه التغيرات النفسية والجسدية لدى زوجته، بينما هو نفسه قد يعاني من عدم فهم أو صبر. قد يشعر بالإحباط، أو يبحث عن ملاذ بديل لتحقيق توازنه النفسي، خاصة إذا لم يكن هناك دعم نفسي أو علاج مناسب للحالة.

يُضاف إلى ذلك أن العادات الاجتماعية وأحياناً نقص الوعي الصحي عند بعض الأزواج يجعلهم يتعاملون مع الحالة بطريقة غير مناسبة، مما يزيد من التوتر والبعد العاطفي.

الدوامان كدافع للزوجة الثانية: الأسباب والدوافع

حين تتكرر الصراعات الزوجية بسبب الدوامان بشكل مستمر، ويشعر الزوج بعدم القدرة على التواصل أو الاستقرار العاطفي مع زوجته الأولى، قد يبدأ التفكير في الزواج الثاني كحل للبحث عن الراحة النفسية.

الأسباب التي تجعل الدوامان يدفع الرجل إلى اتخاذ قرار الزواج الثاني يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1. البحث عن الاستقرار النفسي: الزوج يريد بيئة زوجية هادئة خالية من التوتر المستمر الناجم عن تقلبات المزاج.

2. الشعور بعدم القدرة على التعامل: الإحساس بالعجز أمام ردود الفعل المزاجية المتقلبة يدفعه للبحث عن علاقة أخرى أقل تعقيداً.

3. تأثير الضغط المجتمعي: في بعض المجتمعات، يتقبل المجتمع تعدد الزوجات كحل للأزمات الزوجية، مما يجعل القرار أخف وطأة على الزوج.

4. غياب الدعم النفسي والعلاجي: غياب المعرفة الطبية أو الدعم النفسي المتخصص في التعامل مع الدوامان يزيد من حدة المشكلة ويجعل الزواج الثاني خياراً.

5. الاحتياج العاطفي والجسدي: التغيرات المزاجية قد تؤثر على العلاقة الحميمية بين الزوجين، مما يدفع الزوج للبحث عن علاقة تلبية احتياجاته العاطفية والجسدية.

الآثار السلبية للدوامان على الأسرة

الدوامان لا يؤثر فقط على الزوج والزوجة، بل له تداعيات كبيرة على الأسرة بأكملها، خصوصاً الأطفال. التوتر المستمر بين الزوجين يخلق بيئة منزلية غير مستقرة، ويؤثر على النمو النفسي والعاطفي للأطفال.

الجدول التالي يوضح أبرز آثار الدوامان على الأسرة:

الطرق العلمية والطبية للتعامل مع الدوامان

للحد من تأثير الدوامان على العلاقة الزوجية، يلجأ الأطباء والمعالجون النفسيون إلى عدة طرق علاجية وعلاج الدعم النفسي. من أبرز هذه الطرق:

• العلاج الهرموني: في حالات معينة، يمكن استخدام أدوية لتعديل الهرمونات وتنظيمها لتخفيف أعراض الدوامان.

• العلاج النفسي: استشارة مختصين في الصحة النفسية لدعم الزوجة في التعامل مع الحالة والتخفيف من القلق والاكتئاب.

• تغيير نمط الحياة: مثل ممارسة الرياضة بانتظام، تناول غذاء متوازن، والحصول على نوم كافٍ.

• تقنيات الاسترخاء: تمارين التنفس العميق، اليوغا، وتقنيات التأمل للمساعدة في السيطرة على التوتر.

• الدعم الأسري: توعية الزوج والأهل بفهم طبيعة الدوامان وأثرها، وتعزيز الحوار والتفاهم.

دور الزوج في مواجهة الدوامان ودعم الزوجة

لكي ينجح الزوجان في تجاوز آثار الدوامان، لا بد من تضافر الجهود بين الطرفين. يجب على الزوج أن يتبنى موقفاً صبوراً وواعياً تجاه تقلبات زوجته، ويفهم أن هذه الحالة مؤقتة ومرتبطة بالعوامل الهرمونية.

الدعم النفسي والمساندة العاطفية من الزوج تلعب دوراً حاسماً في تخفيف حدة الأعراض، ويجعل الزوجة تشعر بالأمان والمحبة رغم تقلباتها. التواصل المفتوح والصريح بين الزوجين يحد من سوء الفهم ويخلق بيئة يسودها الاحترام والتعاون.

كما ينصح بزيارة مختصين عند الحاجة وعدم تجاهل الأعراض النفسية التي قد تحتاج لعلاج متخصص. بناء هذا الدعم والتفاهم يقلل كثيراً من فرص التفكير في الزواج الثاني كحل للهروب من التوتر.

الجانب الديني والثقافي في تعدد الزوجات

في الإسلام، أُجيز تعدد الزوجات بشروط وضوابط تهدف إلى تحقيق العدل والمساواة وعدم الإضرار بأي طرف. الزواج الثاني ليس حلاً عشوائياً أو خياراً سهلاً بل له تبعاته ومخاطره التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار.

يؤكد الإسلام على ضرورة العدل في النفقة، والوقت، والمعاملة، ولا يجوز اللجوء للزواج الثاني إلا بعد استنفاد كافة الوسائل لإصلاح العلاقة الزوجية. كما أن اللجوء للزواج الثاني بدافع الهروب من مشكلات الدوامان دون محاولة علاج قد يفاقم المشكلة ويخلق أزمات جديدة.

الجانب الثقافي في بعض المجتمعات يضيف أبعاداً أخرى حيث يُنظر للزوجة الثانية نظرة مجتمعية متباينة بين مؤيد ومعارض، مما يعقد من وضع الأسرة ويزيد الضغوط الاجتماعية.

الخلاصة

الدوامان عند المرأة ظاهرة طبيعية لكنها تحمل تأثيرات عميقة على العلاقة الزوجية، قد تصل في بعض الحالات إلى دفع الرجل للتفكير في الزواج الثاني بحثاً عن الاستقرار والراحة النفسية. هذه الظاهرة تتطلب فهماً عميقاً من الطرفين، وتعاوناً مستمراً بين الزوجين لدعم بعضهما البعض، واللجوء إلى وسائل العلاج النفسي والطبي المتاحة.

التعامل الحكيم مع الدوامان يبدأ من الوعي والمعرفة، مروراً بالتفاهم والحوار، وانتهاءً بالبحث عن حلول علاجية تلبي احتياجات الطرفين دون اللجوء إلى الحلول السريعة التي قد تضر بالأسرة ومستقبلها.

بذلك تتضح أهمية بناء بيئة أسرية متوازنة تستطيع استيعاب هذه التغيرات الطبيعية، وتقديم الدعم الكامل لكل طرف للحفاظ على وحدة الأسرة واستقرارها بعيداً عن التوترات التي قد تجرّ وراءها مشاكل اجتماعية ونفسية معقدة.