الدهون الثلاثية: الأسباب والعلاج

الدهون الثلاثية: تعرّف عليها، آثارها الصحية، وكيفية تنظيمها

الدهون الثلاثية هي نوع من الدهون التي تتواجد في الدم وتعد أحد المصادر الرئيسية للطاقة في الجسم. لكن رغم ذلك، فإن ارتفاع مستويات هذه الدهون في الدم يمكن أن يكون عاملاً مسببًا للعديد من الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والشرايين. يتم تخزين الدهون الثلاثية في الخلايا الدهنية لاستخدامها لاحقًا كمصدر للطاقة عند الحاجة. على الرغم من أن الدهون الثلاثية تعتبر جزءًا أساسيًا من العمليات البيولوجية الطبيعية، فإنّ تناول كميات كبيرة منها، خاصة من الأطعمة التي تحتوي على سكريات وكربوهيدرات مكررة، يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية.

1. ما هي الدهون الثلاثية؟

الدهون الثلاثية هي جزيئات دهنية تتكون من ثلاث جزيئات من الأحماض الدهنية مرتبطة بجزيء واحد من الجليسرول. عندما تتناول الطعام، يقوم الجسم بتكسير الدهون من الأطعمة، سواء كانت زيوت نباتية أو دهون حيوانية، ويتم امتصاص هذه الدهون وتحويلها إلى دهون ثلاثية. يتم نقل الدهون الثلاثية عبر الدم إلى خلايا الجسم لتخزينها أو استخدامها كمصدر للطاقة.

2. كيفية استخدام الدهون الثلاثية في الجسم

عند تناول الطعام، يتم تحويل السعرات الحرارية الزائدة التي لا يحتاجها الجسم فورًا إلى دهون ثلاثية وتخزينها في الأنسجة الدهنية. عند الحاجة إلى طاقة، تقوم الخلايا بتحرير هذه الدهون الثلاثية عبر الدم وتستخدمها في أداء وظائف الجسم المختلفة، سواء في أداء الأنشطة اليومية أو أثناء ممارسة الرياضة.

يتحكم الجسم في هذه العملية بشكل معقد؛ فعندما تكون مستويات الدهون الثلاثية مرتفعة، يكون الجسم أكثر عرضة لاستخدامها بدلاً من الدهون المخزنة في الخلايا. من هذا المنطلق، تعتبر الدهون الثلاثية أحد العوامل التي تؤثر في توازن الطاقة في الجسم، وبالتالي في الوزن وصحة القلب.

3. كيف يتم قياس الدهون الثلاثية؟

يمكن قياس مستويات الدهون الثلاثية في الدم من خلال فحص الدم الذي يُعرف باسم “اختبار الدهون”. يتم قياس مستويات الدهون الثلاثية من خلال فحص مستوى الكوليسترول والدهون في الدم، وعادة ما يتم هذا الفحص في إطار فحوصات روتينية للصحة العامة.

ينبغي أن تكون مستويات الدهون الثلاثية في الدم ضمن الحدود الطبيعية. وتعد المعدلات المثالية لمستوى الدهون الثلاثية كالتالي:

• مستوى طبيعي: أقل من 150 ملغم/ديسيلتر.

• مرتفع بشكل خفيف: بين 150 إلى 199 ملغم/ديسيلتر.

• مرتفع: بين 200 إلى 499 ملغم/ديسيلتر.

• مرتفع للغاية: أكثر من 500 ملغم/ديسيلتر.

4. أسباب ارتفاع الدهون الثلاثية

يمكن أن تكون أسباب ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية في الدم متعددة ومتنوعة، وتشمل:

4.1. النظام الغذائي السيء

• الإفراط في تناول الطعام: تناول كميات كبيرة من الأطعمة ذات السعرات الحرارية المرتفعة يمكن أن يساهم في زيادة الدهون الثلاثية.

• الأطعمة الغنية بالسكريات المكررة: السكر والمشروبات الغازية والمخبوزات المحلاة يمكن أن ترفع مستويات الدهون الثلاثية.

• الكربوهيدرات المكررة: مثل الخبز الأبيض والمعكرونة، يمكن أن تتسبب أيضًا في ارتفاع الدهون الثلاثية في الدم.

4.2. زيادة الوزن والسمنة

زيادة الوزن، خاصةً الدهون التي تتراكم في منطقة البطن، تزيد من خطر ارتفاع الدهون الثلاثية. الجسم يختزن هذه الدهون الزائدة في الأنسجة الدهنية ويمكن أن تُطلقها مجددًا إلى الدم عند الحاجة.

4.3. قلة النشاط البدني

عدم ممارسة النشاط البدني الكافي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية في الدم. النشاط البدني يساعد الجسم في حرق الدهون الثلاثية وبالتالي تقليل مستوياتها.

4.4. المشاكل الصحية

• داء السكري من النوع الثاني: مستويات الجلوكوز المرتفعة يمكن أن تساهم في زيادة الدهون الثلاثية.

• ارتفاع ضغط الدم: يعتبر ضغط الدم المرتفع من العوامل التي تساهم في اضطراب عملية معالجة الدهون في الجسم.

• التدخين: يمكن أن يؤدي التدخين إلى تغيير طريقة معالجة الدهون في الدم.

4.5. عوامل وراثية

في بعض الحالات، قد تكون هناك عوامل وراثية تسهم في زيادة الدهون الثلاثية. الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من ارتفاع الدهون الثلاثية أو أمراض القلب قد يكونون أكثر عرضة لهذا النوع من الارتفاع.

5. الآثار الصحية للدهون الثلاثية المرتفعة

ارتفاع الدهون الثلاثية في الدم قد يؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية، ويعتبر من العوامل الخطيرة التي يمكن أن تساهم في تطور الأمراض المزمنة مثل:

5.1. أمراض القلب والشرايين

يعد ارتفاع الدهون الثلاثية أحد العوامل المساهمة في مرض الشريان التاجي. يمكن أن يؤدي تراكم الدهون في الأوعية الدموية إلى تصلب الشرايين (تصلب الشرايين) وبالتالي تقليل تدفق الدم إلى القلب.

5.2. السكتة الدماغية

تشير الدراسات إلى أن ارتفاع الدهون الثلاثية قد يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بسبب تأثيرها على صحة الأوعية الدموية. يمكن أن يؤدي تراكم الدهون في الأوعية إلى انسداد تدفق الدم إلى الدماغ.

5.3. التأثير على الكبد

يمكن أن يؤدي تراكم الدهون الثلاثية في الكبد إلى حالة تعرف بتشمع الكبد الدهني. في هذه الحالة، تتراكم الدهون داخل خلايا الكبد، مما قد يؤدي إلى حدوث التهابات وتلف الأنسجة.

5.4. متلازمة الأيض

الدهون الثلاثية المرتفعة تعد من العلامات الرئيسية لمتلازمة الأيض، التي تتضمن مجموعة من العوامل مثل السمنة، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع السكر في الدم، وارتفاع الكوليسترول. يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب.

6. كيفية تقليل الدهون الثلاثية في الدم

من المهم التحكم في مستويات الدهون الثلاثية في الدم للحفاظ على صحة القلب والجسم بشكل عام. فيما يلي بعض الطرق التي يمكن أن تساعد في تقليل مستويات الدهون الثلاثية:

6.1. اتباع نظام غذائي صحي

• تقليل السكريات والكربوهيدرات المكررة: يفضل التقليل من تناول الأطعمة الغنية بالسكر مثل الحلويات والمشروبات الغازية.

• زيادة تناول الأطعمة الغنية بالألياف: مثل الخضروات، الفواكه، الحبوب الكاملة والمكسرات، حيث تساعد الألياف في تقليل الدهون الثلاثية.

• اختيار الدهون الصحية: مثل الدهون غير المشبعة الموجودة في زيت الزيتون، الأفوكادو، والمكسرات، مع تقليل الدهون المشبعة الموجودة في اللحوم الدهنية والمنتجات الألبانية كاملة الدسم.

6.2. ممارسة التمارين الرياضية

يعد النشاط البدني أحد الطرق الفعالة في تقليل الدهون الثلاثية. يوصى بممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة على الأقل خمس مرات في الأسبوع، مثل المشي السريع أو ركوب الدراجة.

6.3. الحفاظ على وزن صحي

التحكم في الوزن من خلال النظام الغذائي وممارسة الرياضة يعد أمرًا أساسيًا في تقليل الدهون الثلاثية. يساعد فقدان الوزن في تقليل الدهون الزائدة في الجسم وتحسين مستوى الدهون في الدم.

6.4. الإقلاع عن التدخين

التدخين يساهم في ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية وزيادة مخاطر أمراض القلب. يمكن للإقلاع عن التدخين أن يساعد في تحسين صحة القلب وتقليل الدهون الثلاثية.

6.5. تناول الأدوية عند الحاجة

في بعض الحالات، قد يحتاج المرضى الذين يعانون من مستويات عالية جدًا من الدهون الثلاثية إلى أدوية تقلل من هذه المستويات. قد يوصي الطبيب بأدوية مثل الأستاتينات أو الأدوية التي تحتوي على أحماض أوميغا-3.

7. الخاتمة

الدهون الثلاثية هي جزء لا يتجزأ من وظائف الجسم الطبيعية، ولكن ارتفاع مستوياتها في الدم يعد من الأمور الخطيرة التي تؤدي إلى العديد من المشكلات الصحية مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية. من خلال تغيير نمط الحياة مثل اتباع نظام غذائي صحي، ممارسة الرياضة، والحفاظ على وزن صحي، يمكن تقليل مستويات الدهون الثلاثية في الدم والوقاية من المشاكل الصحية المرتبطة بها.

إنّ فحص الدهون الثلاثية بانتظام واتباع إرشادات الطبيب يمكن أن يساعد في الحفاظ على صحة جيدة وتجنب مضاعفات ارتفاع الدهون الثلاثية.