الدافع الخارجي: تعريفه، أنواعه، وكيفية تأثيره على السلوك البشري
يعد الدافع الخارجي أحد المفاهيم النفسية الأساسية التي تساهم في تفسير العديد من السلوكيات البشرية، وهو يشير إلى العوامل والظروف التي تدفع الأفراد للقيام بأنشطة معينة استجابةً لمؤثرات أو مكافآت خارجية. يختلف هذا النوع من الدافع عن الدافع الداخلي الذي ينشأ من الحوافز الذاتية أو الرغبات الشخصية. في هذا المقال، سنقوم بتفصيل ما هو الدافع الخارجي، كيف يعمل، وكيف يؤثر على السلوك البشري في مختلف السياقات.
تعريف الدافع الخارجي
الدافع الخارجي هو المحرك الذي يدفع الشخص إلى اتخاذ إجراء أو أداء مهمة بناءً على مكافآت أو عقوبات خارجية، مثل المال، الشهرة، الجوائز، أو أي مكافأة أخرى ملموسة. يتمثل هذا النوع من الدافع في أن الفرد لا يقوم بالسلوك من أجل الرغبة الداخلية في إنجازه أو في متعة العمل نفسه، بل لأنه يسعى لتحقيق مكافأة محددة أو لتجنب عقوبة معينة.
في السياقات المختلفة، يمكن أن يكون الدافع الخارجي محركًا رئيسيًا للأفراد في العديد من الأنشطة مثل العمل، الدراسة، الرياضة، وحتى في الحياة اليومية.
أنواع الدافع الخارجي
هناك العديد من الأنواع التي يمكن تصنيف الدافع الخارجي ضمنها، والتي تختلف بحسب نوع المكافآت أو العقوبات المترتبة على السلوكيات التي يتخذها الأفراد. تشمل هذه الأنواع ما يلي:
-
الدافع المادي:
يشمل المكافآت الملموسة مثل المال أو الهدايا أو الجوائز المادية التي يحصل عليها الشخص بعد إتمام مهمة معينة. على سبيل المثال، قد يعمل موظف بجد لأنه يتوقع الحصول على مكافأة مالية أو زيادة في الراتب بعد فترة من الأداء الجيد. -
الدافع الاجتماعي:
يعتمد هذا النوع من الدافع على رغبة الفرد في الحصول على تقدير اجتماعي أو قبول من الآخرين. قد يسعى الفرد إلى تحقيق أهداف معينة للحصول على الإعجاب أو الاعتراف من الأصدقاء، الزملاء، أو أفراد العائلة. مثال على ذلك، قد يقوم شخص بتفوق في الدراسة أو العمل للحصول على تقدير أو تعبير عن الفخر من قبل أفراد المجتمع المحيطين به. -
الدافع المرتبط بالسلطة أو الهيمنة:
يتعلق هذا النوع من الدافع برغبة الشخص في السيطرة على مواقف معينة أو الحصول على مكانة أعلى بين الآخرين. قد يسعى الأفراد إلى الحصول على السلطة في العمل أو في المجالات الاجتماعية لتحقيق التقدير والاعتراف بقدرتهم على التأثير في الآخرين. -
الدافع الناجم عن الخوف من العقاب:
هذا النوع من الدافع يحفز الأفراد على أداء سلوكيات معينة لتجنب العقوبات أو التهديدات. فبدلاً من السعي وراء المكافآت، يسعى الشخص لتجنب المواقف السلبية التي قد تترتب على الإهمال أو عدم أداء المهمة بشكل صحيح. -
الدافع الزمني:
يرتبط هذا النوع من الدافع بالضغط الزمني الذي قد يفرضه شخص آخر أو الظرف المحيط. على سبيل المثال، قد يؤدي الموعد النهائي للعمل إلى حوافز خارجية تحفز الفرد على إتمام المهمة قبل انتهاء الوقت المحدد.
كيفية تأثير الدافع الخارجي على السلوك البشري
تعتبر العوامل الخارجية محركًا أساسيًا للعديد من الأشخاص في اتخاذ القرارات وتنفيذ المهام. تؤثر هذه العوامل على الفرد بطرق مختلفة، بعضها إيجابي يعزز من الأداء، والبعض الآخر قد يكون له آثار سلبية على التحفيز الداخلي للشخص.
-
تحفيز الأداء والإنتاجية:
يعد الدافع الخارجي أحد العوامل الرئيسية التي تحفز الأفراد على أداء المهام بفعالية. ففي بيئة العمل، قد يؤدي تقديم مكافآت مالية أو جوائز للمتميزين إلى زيادة الحافز والاهتمام بالعمل، مما يعزز من الإنتاجية العامة. -
تعزيز الالتزام بالقواعد والتوجيهات:
في العديد من المؤسسات التعليمية أو المهنية، يعد الدافع الخارجي وسيلة فعالة في ضمان اتباع الأفراد للتوجيهات والقوانين. على سبيل المثال، قد تكون عقوبات مثل الغرامات أو الخصومات الحوافز التي تمنع الأفراد من خرق القوانين أو تجاوز المعايير المطلوبة. -
مخاطر التأثير على الدافع الداخلي:
بينما يمكن أن يؤدي الدافع الخارجي إلى زيادة الحافز للأداء في المواقف القصيرة الأمد، فإن الإفراط في الاعتماد على المكافآت الخارجية قد يؤدي إلى تقليل الدافع الداخلي. هذا يشير إلى ما يسمى “إزالة التحفيز الداخلي”، حيث يفقد الأفراد حافزهم الطبيعي للاستمرار في النشاط بمجرد زوال المكافأة الخارجية. -
التنافس والمقارنة الاجتماعية:
الدافع الاجتماعي قد يؤدي إلى خلق جو من التنافس بين الأفراد، مما يعزز من روح التحدي والتفوق. لكن في بعض الأحيان، قد يتحول هذا التنافس إلى ضغوط نفسية أو حالة من القلق المستمر إذا كان الهدف الوحيد هو الحصول على تقدير الآخرين دون الاكتراث بالتطور الشخصي أو المتعة في العمل نفسه. -
القدرة على التحمل والمرونة في مواجهة التحديات:
في بعض الحالات، يمكن أن يعزز الدافع الخارجي من قدرة الأفراد على التحمل والتعامل مع التحديات. فالأفراد الذين يعملون بهدف الحصول على مكافأة معينة قد يبدون استعدادًا أكبر لتجاوز الصعوبات والتحديات التي تواجههم في الطريق إلى هدفهم.
تأثير الدافع الخارجي في الحياة اليومية
يمكن ملاحظة تأثير الدافع الخارجي في الحياة اليومية على مختلف الأصعدة. في العمل، على سبيل المثال، قد يتأثر الأداء بوجود حوافز مادية مثل المكافآت السنوية أو الترقيات. في الحياة الاجتماعية، قد يلعب التقدير الاجتماعي أو التفاخر أمام الأقران دورًا مهمًا في تشكيل سلوكيات الأفراد. وحتى في حياتنا اليومية، قد يكون للسعي وراء مظهر معين أو الحصول على إعجاب الآخرين تأثير على اختياراتنا.
من جانب آخر، قد تؤدي المكافآت الخارجية إلى تحسين حياة الفرد بشكل مؤقت، لكنها قد تكون غير مستدامة إذا لم يدمجها الشخص مع دوافع داخلية حقيقية، كالرغبة في التعلّم أو تحسين الذات. إن الاعتماد الزائد على الحوافز الخارجية يمكن أن يؤدي إلى سلوكيات قصيرة المدى، أو ما يعرف بمبدأ “التحفيز الخارجي الزائد”، الذي يثبط من الإبداع والابتكار.
في الختام
الدافع الخارجي هو قوة مؤثرة في العديد من جوانب حياتنا، سواء كان في العمل، الدراسة، أو حتى في سلوكياتنا اليومية. وعلى الرغم من أنه يعد عاملًا مهمًا في تحفيز السلوك البشري وتحقيق الأهداف، إلا أن المبالغة في الاعتماد عليه قد تؤدي إلى تقليل من الدوافع الداخلية الضرورية لتحقيق تطور مستدام. من المهم أن يتم التوازن بين الدوافع الخارجية والداخلية لتحقيق أفضل أداء وتحقيق النجاح في الحياة الشخصية والمهنية على حد سواء.
