الحمية قليلة الكربوهيدرات و انسداد الشرايين

حمية قليلة الكربوهيدرات قد تسبب انسداد الشرايين: دراسة تكشف المخاطر الصحية

في السنوات الأخيرة، أصبحت الحميات الغذائية قليلة الكربوهيدرات، مثل حمية كيتو وحمية باليو، من بين الأكثر شهرة في العالم بسبب فاعليتها في فقدان الوزن وتحسين مستويات السكر في الدم. ومع ذلك، بدأت الدراسات الحديثة تشير إلى أن هذه الحميات قد تحمل مخاطر صحية غير متوقعة، من بينها زيادة خطر انسداد الشرايين وأمراض القلب والأوعية الدموية. في هذا المقال، نناقش دراسة حديثة تشير إلى العلاقة المحتملة بين تناول كميات قليلة من الكربوهيدرات وظهور مشاكل صحية مرتبطة بالشرايين.

مقدمة: حمية قليلة الكربوهيدرات بين الفوائد والمخاطر

تعد الحميات قليلة الكربوهيدرات من بين الأنظمة الغذائية التي تستقطب الكثير من الاهتمام بسبب نتائجها السريعة في مجال فقدان الوزن. يرتكز هذا النوع من الحميات على تقليل استهلاك الكربوهيدرات والتركيز على البروتينات والدهون كمصادر رئيسية للطاقة. ورغم الفوائد العديدة لهذه الحميات، مثل تحسين مستويات سكر الدم لدى مرضى السكري من النوع 2، فإن العديد من الدراسات قد أظهرت آثاراً جانبية قد تكون خطيرة على المدى الطويل.

دراسة حديثة: الكربوهيدرات وانسداد الشرايين

أظهرت دراسة نشرت في المجلة العلمية The Journal of Clinical Investigation أن الحميات قليلة الكربوهيدرات قد تؤدي إلى زيادة مستويات الكوليسترول الضار (LDL) في الجسم، وهو عامل رئيسي في تراكم الدهون داخل جدران الشرايين. يمكن أن يؤدي هذا التراكم إلى انسداد الشرايين، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب مثل التصلب العصيدي والنوبات القلبية. تعتبر هذه الدراسة أول دراسة شاملة تسلط الضوء على كيفية تأثير حميات الكربوهيدرات المنخفضة على الصحة القلبية من خلال زيادة هذا النوع من الكوليسترول.

كيف تؤثر الحمية قليلة الكربوهيدرات على مستوى الكوليسترول؟

الكوليسترول هو مادة شبيهة بالدهون توجد في الدم وتساعد في بناء خلايا صحية. ومع ذلك، يمكن أن يصبح الكوليسترول ضاراً عندما يرتفع مستواه في الدم. يساهم البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL)، المعروف بالكوليسترول “الضار”، في تراكم الدهون داخل جدران الشرايين، مما يؤدي إلى تضيق الشرايين وانسدادها بمرور الوقت. الحميات قليلة الكربوهيدرات، التي تعتمد بشكل رئيسي على الدهون والبروتينات، قد تؤدي إلى زيادة في مستوى الكوليسترول الضار، مما يساهم في هذا التراكم.

عند تقليل الكربوهيدرات في النظام الغذائي، قد يؤدي ذلك إلى زيادة استهلاك الدهون المشبعة، خاصةً إذا كانت الحمية تحتوي على اللحوم الحمراء، الزبدة، والدهون الحيوانية. هذه الأطعمة يمكن أن ترفع من مستويات الكوليسترول الضار، ما يعرض القلب والشرايين لمخاطر أكبر. وبالرغم من أن بعض الدراسات قد أظهرت انخفاضاً في مستوى الدهون الثلاثية عند اتباع حميات قليلة الكربوهيدرات، فإن الزيادة في الكوليسترول الضار تجعل من هذه الحميات موضوعاً مثيراً للجدل بين الباحثين.

العلاقة بين الحمية والكوليسترول: كيف يفسر العلماء ذلك؟

يقول بعض العلماء أن العلاقة بين الكربوهيدرات والكوليسترول تتعلق بالتأثير المباشر على الأنسجة والشرايين. عند تقليل الكربوهيدرات، يستهلك الجسم الدهون كمصدر رئيسي للطاقة. هذا التغيير في النظام الغذائي يؤدي إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار في الدم، والذي يتم تخزينه في الأنسجة الدهنية، مما يؤدي إلى تراكم الدهون في الأوعية الدموية. هذا التراكم يمكن أن يسبب انسداداً في الشرايين ويزيد من خطر الإصابة بالتصلب العصيدي، وهي الحالة التي تصبح فيها الشرايين ضيقة وصلبة نتيجة لتراكم الدهون والكوليسترول.

إضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي الحميات قليلة الكربوهيدرات إلى تغييرات في التوازن الهرموني للجسم، حيث يؤثر انخفاض الكربوهيدرات على مستويات الأنسولين، مما يزيد من خطر مقاومة الأنسولين. هذه الحالة تساهم بدورها في ارتفاع مستويات الدهون والكوليسترول في الدم.

الآثار الطويلة الأمد: انسداد الشرايين وأمراض القلب

من المعروف أن انسداد الشرايين هو أحد الأسباب الرئيسية لأمراض القلب والأوعية الدموية. وعندما تتراكم الدهون داخل الشرايين، فإن هذا يعوق تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية مثل القلب والدماغ. وعليه، فإن الانسداد يمكن أن يؤدي إلى نوبات قلبية، سكتات دماغية، وأمراض قلبية أخرى. وبحسب الدراسة الأخيرة، فإن الحميات قليلة الكربوهيدرات قد تجعل الأشخاص أكثر عرضة لهذه المشكلات الصحية على المدى الطويل.

بعض الدراسات السابقة كانت قد أظهرت علاقة بين استهلاك الدهون المشبعة والأمراض القلبية، لكن دراسة The Journal of Clinical Investigation أضافت بُعداً جديداً إلى هذا النقاش، حيث أظهرت تأثير الحميات قليلة الكربوهيدرات على تراكم الدهون في الشرايين.

هل هناك بدائل صحية؟

في حين أن الحميات قليلة الكربوهيدرات قد تكون فعالة لفقدان الوزن على المدى القصير، فإن الباحثين يوصون بتبني نمط حياة غذائي متوازن من أجل الوقاية من أمراض القلب والشرايين. حمية البحر الأبيض المتوسط، التي تركز على تناول الدهون الصحية مثل زيت الزيتون، الأسماك، والمكسرات، قد تكون بديلاً جيداً. هذه الحمية توفر كميات معتدلة من الكربوهيدرات، وتحسن من مستويات الكوليسترول في الدم وتقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب.

التوصيات الوقائية

• التوازن الغذائي: من المهم تبني نظام غذائي متوازن يحتوي على جميع العناصر الغذائية الضرورية. تناول كميات معتدلة من الكربوهيدرات، والابتعاد عن الدهون المشبعة والعالية في الكوليسترول.

• التمارين الرياضية: ممارسة الرياضة بانتظام تساهم في تحسين صحة القلب والأوعية الدموية. يمكن للتمارين مثل المشي السريع، السباحة، وركوب الدراجة أن تساعد في تقليل مستوى الدهون الثلاثية والكوليسترول الضار.

• المتابعة الطبية: يجب على الأشخاص الذين يتبعون حميات غذائية قليلة الكربوهيدرات إجراء فحوصات دورية لمستويات الكوليسترول وضغط الدم للتحقق من عدم وجود مشاكل صحية ناتجة عن الحمية.

الخلاصة

رغم الفوائد المعروفة للحميات قليلة الكربوهيدرات، مثل فقدان الوزن وتحسين مستويات السكر في الدم، فإن هناك دراسة جديدة تشير إلى أنها قد تساهم في زيادة خطر انسداد الشرايين وأمراض القلب والأوعية الدموية. من المهم مراعاة هذه المخاطر المحتملة عند التفكير في اتباع هذه الحميات، واتخاذ خطوات وقائية لضمان الحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية على المدى الطويل.