في كتابه الممتع والملهم بعنوان “The European Dream”، يقدم الكاتب جيريمي ريفكن رؤية مثيرة حول تدهور “الحلم الأمريكي”. يعتبر ريفكن أن الأمريكيين يعيشون في فترة تراجع حاد، حيث يزدادون عبء العمل، ويحصلون على أجور أقل مما يستحقون، ويتعرضون للضغوط الزمنية. ولكن هناك بدائل، وأبرزها هو “الحلم الأوروبي”، وهو نمط حياة أكثر هدوءًا، وصحة، وازدهارًا، واستدامة.
يقوم ريفكن برسم صورة مقنعة للحياة في أوروبا، حيث يعتبر أن نمط الحياة الأوروبي ليس فقط مرغوبًا، بل قد يكون ضروريًا للحفاظ على الازدهار في العصر الجديد. مع بزوغ الاتحاد الأوروبي، أصبحت أوروبا قوة اقتصادية بحد ذاتها، حيث تفوق إجمالي منتجها المحلي الإجمالي الآن على الولايات المتحدة. وقد حققت أوروبا هذا السيادة الجديدة ليس بدفع أسعار الأسهم بشكل جماعي، أو بتوسيع ساعات العمل، أو بدفع كل أسرة إلى لغز الحاصل على أجرين. بل تعتمد الأوروبا الجديدة على شبكات السوق التي تضع التعاون فوق المنافسة، وتروِّج لفهم جديد للمواطنة يمجِّد رفاه الإنسان والمجتمع بدلاً من الفرد السائد. كما تسلط الضوء على ضرورة اللعب العميق والفراغ لخلق قوة عاملة أفضل وأكثر إنتاجية وصحة.
من العصور الوسطى إلى الحداثة، يستعرض ريفكن بعمق تاريخ أوروبا، وفي النهاية أمريكا أيضًا، ليظهر كيف نجحت القارة تدريجيًا في تطوير وسيلة أكثر تكيفًا وحكمة للعمل والحياة. في “الحلم الأوروبي”، يقترح ريفكن حقيقة قادمة لا يمكن تجاهلها إلا من قبل الأكثر تعصبًا: نموذج المجتمع الأوروبي المرن والتعاوني في ميداني الاقتصاد والمواطنة قد يكون أكثر تناسبًا لتحديات القرن الواحد والعشرين. بل ويمكن أن يحدد “الحلم الأوروبي” القرن الجديد تمامًا كما حدد “الحلم الأمريكي” القرن السابق.
وتتمحور فئة الكتاب حول علم السياسة، وتحديدًا حول الأيديولوجيات السياسية والديمقراطية. تم نشره من قبل دار النشر تارتشر في أغسطس 2004، مما يضيف إلى أهمية العمل وتوقيته. “The European Dream” لا يقتصر على كونه كتابًا فقط، بل هو رحلة تاريخية وثقافية تأخذ القارئ في رحلة استكشافية لفهم كيف ولماذا أوروبا أصبحت مثلاً يحتذى به في الحياة اليومية وفي تطور الأفكار السياسية.