الجنين في الشهر السادس

الجنين في الشهر السادس: تطورات نموه والتغيرات التي تحدث للأم

يعد الشهر السادس من الحمل نقطة محورية في تطور الجنين، حيث يكون قد مرّ بأغلب مراحل النمو المبكرة، ويبدأ الآن في اكتساب المزيد من الوزن والطول، مع تطورات كبيرة في الأجهزة الحيوية التي تعمل على تأهيله للحياة خارج الرحم. في هذا المقال، نستعرض التفاصيل الدقيقة التي تتعلق بالجنين في هذا الشهر، وكذلك التغيرات التي تحدث للأم.

نمو الجنين في الشهر السادس

في الشهر السادس من الحمل، أي في الأسبوع الرابع والعشرين إلى الأسبوع السادس والعشرين، يكون الجنين قد وصل إلى مرحلة أكثر تقدماً في تطور أعضائه ووظائفه. يبدأ الجنين في الحصول على المزيد من الصفات الإنسانية، ويكتسب وزناً أكبر، مع تحسن في قدراته الحركية.

1. الطول والوزن

في بداية الشهر السادس، يكون طول الجنين حوالي 23 سم من الرأس إلى المؤخرة، وفي نهاية الشهر يصل طوله إلى حوالي 30 سم. أما بالنسبة للوزن، فيتراوح عادة بين 600 و 800 جرام، ويستمر في الزيادة حتى نهاية الشهر.

2. الجلد والشعر

يستمر الجلد في النمو، لكنه لا يزال رقيقاً وشفافاً إلى حد ما، مما يسمح برؤية الأوعية الدموية التي تمر من خلاله. ومع ذلك، يبدأ الجلد في اكتساب اللون نتيجة لزيادة إنتاج الميلانين. في نهاية الشهر، قد يظهر لدى الجنين بعض الشعر الناعم (الزغب) الذي يغطي جسمه بالكامل، وهو نوع من الشعر الذي يسقط عادة قبل الولادة.

3. الأعضاء الداخلية

في الشهر السادس، تكون أغلب أعضاء الجنين قد تطورت بشكل ملحوظ. تتضمن هذه الأعضاء:

• الرئتين: تبدأ الرئتان في إنتاج مادة السورفاكتانت (Surfactant)، وهي مادة تساعد على إبقاء الحويصلات الهوائية مفتوحة وتمنع انكماش الرئتين بعد الولادة.

• القلب: يكون القلب قد اكتمل نموه ويعمل بشكل فعال، حيث يُسمع نبضه بشكل واضح عند الطبيب باستخدام جهاز الموجات فوق الصوتية.

• الكلى والمثانة: يبدأ الجنين في التبول بشكل منتظم، حيث تنتج الكلى البول الذي يتم تخزينه في المثانة.

• الجهاز الهضمي: يبدأ الجنين في ممارسة الهضم بشكل بسيط، حيث يبتلع السائل الأمنيوسي ويتدفق عبر الجهاز الهضمي. هذه العملية تساعد في تطوير الأمعاء والمعدة.

4. النظام العصبي والحركي

بحلول الشهر السادس، يبدأ الجنين في تحريك عضلاته بشكل أكبر، ويمكن للأم أن تشعر بهذه الحركات بوضوح أكبر. تبدأ الأقدام واليدين في التفاعل، بل ويمكن للجنين أن يرفع يديه أو يركل ساقيه داخل الرحم. الجهاز العصبي في هذه المرحلة ينضج بشكل مستمر، ويبدأ الدماغ في تشكيل شبكة معقدة من الخلايا العصبية التي تساعد على التحكم في الحركات المختلفة.

5. حواس الجنين

خلال الشهر السادس، تبدأ حواس الجنين في التطور بشكل ملحوظ:

• السمع: يبدأ الجنين في سماع الأصوات من البيئة الخارجية، بما في ذلك صوت الأم وصوت ضربات قلبها. من الممكن أن يستجيب للضوضاء العالية بتحركات غير طبيعية.

• البصر: بالرغم من أن الجنين لا يستطيع فتح عينيه في هذه المرحلة، فإن عينيه تبدأ في التفاعل مع الضوء، بحيث يمكنه تمييز الضوء الساطع عندما يتعرض له.

• اللمس: يكتسب الجنين القدرة على الإحساس باللمس، خاصة على الوجه واليدين، ويبدأ في تحريك يديه باتجاه فمه.

التغيرات التي تحدث للأم في الشهر السادس

يُعد الشهر السادس من الحمل فترة مهمة بالنسبة للأم كذلك، حيث تشهد العديد من التغيرات الجسدية والنفسية التي ترافق تطور الجنين. قد تبدأ بعض الأعراض المصاحبة للحمل بالظهور بشكل أكثر وضوحًا، ويجب على الأم أن تكون مستعدة لمواجهتها.

1. زيادة الوزن والتغيرات الجسدية

مع نمو الجنين، تبدأ الأم في اكتساب الوزن بشكل ملحوظ. هذه الزيادة في الوزن لا تقتصر فقط على حجم الجنين، بل تشمل أيضًا السوائل في الجسم والدم، إضافة إلى زيادة في حجم الثديين وزيادة حجم الرحم. قد تشعر الأم بحركة الرحم عند التمدد، مما يؤدي إلى بعض الشعور بعدم الراحة.

2. حركات الجنين

مع نهاية الشهر السادس، تبدأ الأم في الشعور بحركات الجنين بوضوح أكبر. هذه الحركات قد تكون مفاجئة في بعض الأحيان، وقد تشعر بها على شكل ضربات أو ركلات خفيفة في البطن.

3. الألم في أسفل الظهر

مع نمو الجنين وزيادة الوزن، قد تعاني الأم من آلام أسفل الظهر بسبب الضغط المتزايد على العمود الفقري. قد تكون هذه الآلام غير مريحة وقد تؤثر على نشاط الأم اليومية.

4. ضيق التنفس

مع توسع الرحم، قد تشعر الأم بضيق في التنفس بشكل متزايد، حيث يضغط الرحم على الحجاب الحاجز، مما يقلل من المساحة المتاحة للرئتين.

5. التغيرات في البشرة

قد تعاني بعض الأمهات من تغيرات في البشرة، مثل ظهور الكلف (تصبغات جلدية) أو علامات التمدد على البطن والفخذين والصدر. هذه التغيرات قد تختفي بعد الولادة، ولكن قد تحتاج الأم إلى بعض العناية للبشرة خلال هذه الفترة.

6. التقلبات المزاجية

كما هو الحال مع فترات الحمل السابقة، قد تكون هناك تقلبات في المزاج نتيجة للتغيرات الهرمونية. قد تشعر الأم بالحزن أو التوتر بشكل مفاجئ، ولكن ذلك يعد أمرًا طبيعيًا خلال هذه الفترة من الحمل.

العناية والتغذية في الشهر السادس

من أجل ضمان تطور الجنين بشكل صحي، يجب على الأم الاهتمام بتغذيتها جيدًا خلال الشهر السادس. هناك بعض النقاط التي يجب التركيز عليها:

• التغذية المتوازنة: يجب على الأم تناول وجبات غذائية تحتوي على كميات كافية من البروتينات، الكربوهيدرات، الدهون الصحية، والفيتامينات والمعادن.

• الحديد والكالسيوم: يجب تناول مكملات الحديد والكالسيوم لضمان صحة الجنين والأم، حيث أن هذه المعادن ضرورية للنمو السليم للأعضاء والعظام.

• السوائل: يجب شرب كميات كافية من الماء للمساعدة في الحفاظ على التوازن السائل في الجسم والوقاية من الجفاف.

• التمارين الرياضية المعتدلة: يُوصى بممارسة التمارين الرياضية المناسبة للحمل، مثل المشي أو السباحة، لتحسين الدورة الدموية وتعزيز الصحة العامة.

الفحوصات الطبية في الشهر السادس

عادةً ما يُنصح بزيارة الطبيب بشكل دوري خلال الشهر السادس من الحمل، لإجراء بعض الفحوصات الهامة:

• فحص السكر: من المهم فحص مستوى السكر في الدم للكشف عن أي علامات لمرض السكري الحملي.

• فحص ضغط الدم: يجب مراقبة ضغط الدم باستمرار للكشف عن أي أعراض لارتفاع ضغط الدم الحملي.

• موجات فوق صوتية: قد يُطلب من الأم إجراء فحص الموجات فوق الصوتية للتأكد من نمو الجنين وتحديد وضعه داخل الرحم.

الخلاصة

الشهر السادس من الحمل هو مرحلة مهمة ومثيرة في رحلة الأمومة، حيث يكون الجنين قد وصل إلى مرحلة متقدمة من النمو وتطور أعضائه الحيوية. على الرغم من التغيرات الجسدية التي قد تواجهها الأم، فإن الرعاية الصحية الجيدة والتغذية السليمة يمكن أن تساعد في ضمان نمو الجنين بشكل صحي وآمن.