قصة الثعلب والدجاجة: حكاية الخداع والمكر
منذ قديم الزمان، كانت الغابات الواسعة والمروج الخضراء ملاذًا للكثير من الحيوانات، حيث تعيش في تناغم مع الطبيعة، وتستطيع كل منها أن تجد لنفسها مكانًا آمنًا بعيدًا عن خطر الحيوانات الأخرى. ولكن، كما هي عادة الحياة في الطبيعة، لم يكن هناك أمان دائم أو مكان بعيد عن المكر والخداع، خاصة عندما يدخل الثعلب في المعادلة.
مقدمة
كان هناك ثعلب ذكي وماكر يعيش في إحدى الغابات الكثيفة. لم يكن هذا الثعلب عاديًا، بل كان معروفًا بذكائه الحاد وبراعته في تنفيذ الخطط الخبيثة التي تمكنه من الحصول على ما يريد دون أن يشعر به أحد. في المقابل، كانت هناك دجاجة رقيقة وبريئة، تعيش في مزرعة قريبة، حيث تربيها سيدة طيبة القلب. كانت الدجاجة لا تعرف أن هناك تهديدًا يلوح في الأفق، وأن مصيرها سيعتمد على كيفية التعامل مع المواقف المفاجئة.
بداية الحكاية
ذات يوم، قرر الثعلب أن يغير روتينه المعتاد ويبحث عن طعام جديد. كان يشعر بالجوع، وفي تلك اللحظة خطرت له فكرة. عرف أن المزرعة التي تقع على أطراف الغابة كانت تحتوي على دجاجات كثيرة، وقد رأى العديد منها أثناء تجواله في تلك المنطقة. فأخذ يخطط كيف يمكنه الحصول على واحدة من تلك الدجاجات اللذيذة دون أن يثير الشكوك.
الثعلب كان يعرف جيدًا أن المزرعة ليست مجرد مكان يسهل الوصول إليه، بل كان هناك سور عالٍ يحيط بها، مما يمنع دخول الحيوانات البرية مثل الثعلب. إلا أن الثعلب، بما له من براعة وذكاء، استطاع أن يجد ثغرة صغيرة في السور كانت تشكل مدخلًا غير مرئي للعديد من الحيوانات. وبذلك، بدأ يخطط لدخول المزرعة في الوقت المناسب.
الخطة المحكمة
مرت الأيام، وكان الثعلب كلما اقترب من المزرعة، يراقب عن كثب. لاحظ أن هناك وقتًا محددًا في اليوم كانت فيه المزرعة تهدأ، حيث تخرج السيدة لتقوم ببعض الأعمال الأخرى في الحديقة، مما يتيح فرصة مثالية للثعلب كي يدخل ويبحث عن فريسته. في أحد الأيام، قرر الثعلب أن ينفذ خطته، فانتظر حتى خرجت السيدة من المزرعة واتجهت نحو الحديقة، مما جعله يعتقد أن اللحظة قد حانت.
دخل الثعلب بهدوء من الثغرة التي اكتشفها في السور، واتجه مباشرة نحو المكان الذي كانت تبيت فيه الدجاجات. كانت جميع الدجاجات نائمة أو غارقة في بحثهن عن الحبوب. لكن الثعلب كان يبحث عن واحدة بالذات. لقد كان يراقب الدجاجة البيضاء الصغيرة التي كانت دائماً تجلس بعيدًا عن بقية الدجاجات. لم يكن يعرف لماذا، لكن كانت هذه الدجاجة تمثل له طعامًا شهيًا، كما كان يعتقد.
لقاء الثعلب والدجاجة
بينما كان الثعلب يقترب من قفص الدجاجات، شعر بشيء من الحذر. كان يعلم أن الدجاجة لن تكون سهلة المنال إذا اكتشفت خطته. لذا، بدأ يفكر في كيفية إغراء الدجاجة خارج قفصها. وتذكر الثعلب أنه يمتلك قدرة مدهشة على التحدث والتحايل على الآخرين. فعندما اقترب من الدجاجة البيضاء، بدأ يتحدث إليها بصوت منخفض.
قال الثعلب: “مرحبًا يا دجاجة الجميلة، كيف حالك اليوم؟”
أجابته الدجاجة بحذر، غير مدركة لما يخبئه لها: “أنا بخير، ولكن من أنت؟ ولماذا تتحدث إليّ؟”
ابتسم الثعلب ابتسامة ماكرة وقال: “أنا صديقك، وأنا هنا لأساعدك. أليس من الممل أن تكوني دائمًا في هذا القفص المغلق؟ هناك عالم كبير بالخارج، يمكنك أن تذهبي إليه، والعيش بحرية دون قيود.”
كانت الدجاجة تتردد في البداية، لكن كلمات الثعلب كانت مغرية جدًا. فقد كانت تشعر بالملل من الروتين اليومي داخل المزرعة، وفي الوقت نفسه كانت تشعر بحاجتها إلى الخروج واستكشاف العالم الخارجي.
وأضاف الثعلب: “إذا كنت ترغبين في ذلك، يمكنك الخروج من هذا القفص الآن. فأنا سأساعدك في ذلك، وسأكون صديقًا لك.”
فخ الثعلب
أخذت الدجاجة تفكر في كلام الثعلب، وكان من السهل عليها أن تنخدع بكلامه المعسول. فقد كانت تحلم بالحرية والابتعاد عن القفص. وافقت على الفور وخرجت من القفص، دون أن تدرك أن ذلك كان بالضبط ما يريده الثعلب.
بينما كانت الدجاجة تتبع الثعلب خارج المزرعة، بدأ هو في دفعها شيئًا فشيئًا نحو الجحر الذي أعده مسبقًا. في البداية، كانت الدجاجة سعيدة بما تظنه مغامرة، ولكن مع مرور الوقت بدأت تشعر بشيء من الخوف. لاحظت أن الثعلب يزداد سرعة، وعينيه تلمعان بحذر. فجأة، أدركت الدجاجة أنها قد وقعت في فخ!
لكن الثعلب كان قد وضع خطته بعناية. كان يقترب منها بسرعة، وحين اقترب بما يكفي، قفز وأمسك بها في مخالبه الحادة، لتسقط الدجاجة بين يديه.
الخاتمة
عادت الدجاجة إلى المزرعة، ولكن ليس كما كانت في البداية، فقد أصبحت الآن ضحية لمكر الثعلب وخداعه. وفي تلك اللحظات الأخيرة من حياتها، تذكرت تلك الكلمات التي قالها لها الثعلب، وتمنت لو كانت قد تباطأت قليلاً وفكرت قبل أن تقع في الفخ.
كانت هذه الحكاية واحدة من العديد من القصص التي كانت ترويها الحيوانات في الغابة. قصة تحكي عن الخداع والمكر، وعن ضرورة الحذر من الأشخاص الذين يبدو أن نواياهم طيبة، بينما هم في الواقع يخططون للغدر.
