التهاب الفك: الأسباب، الأعراض، التشخيص، والعلاج

يُعد التهاب الفك من المشكلات الصحية المعقدة التي تؤثر على العديد من الأفراد وتُسبب ألماً شديداً واضطرابات في الأداء الوظيفي للفك. يتداخل هذا النوع من الالتهاب مع العديد من الأنظمة البيولوجية للفم والفكين، وقد يكون ناتجاً عن مجموعة متنوعة من الأسباب التي تشمل العدوى البكتيرية، الصدمات، أمراض المفاصل، أو حتى اضطرابات جهاز المناعة. ويؤدي تجاهل هذه الحالة إلى مضاعفات خطيرة تشمل تآكل العظام أو فقدان الأسنان أو انتشار العدوى إلى أجزاء أخرى من الجسم.

أنواع التهاب الفك

1. التهاب المفصل الصدغي الفكي (TMJ)

يُعد هذا النوع من الالتهاب من أكثر الأنواع شيوعاً، حيث يصيب المفصل الذي يربط الفك السفلي بالجمجمة، ويُعرف باسم المفصل الصدغي الفكي. غالباً ما يظهر هذا الالتهاب نتيجة لإجهاد المفصل بسبب العادات الخاطئة مثل طحن الأسنان أو فتح الفم بشكل مفرط أو مستمر.

2. التهاب العظم والنقي (Osteomyelitis)

يحدث هذا النوع نتيجة عدوى بكتيرية تصل إلى عظم الفك، وغالباً ما تنتشر من خلال الأسنان أو بعد عمليات جراحية أو إصابات قوية. وهو أحد الأنواع الشديدة من التهابات الفك، ويستلزم تدخلاً طبياً عاجلاً.

3. التهاب الغدد اللعابية (Sialadenitis)

بالرغم من أنه يصيب الغدد اللعابية بشكل رئيسي، إلا أن امتداد الالتهاب إلى الفك المجاور قد يؤدي إلى أعراض مشابهة لالتهاب الفك، ويترافق غالباً مع ألم وتورم وصعوبة في المضغ.

4. التهاب ناتج عن خراج سني

الخراجات الناتجة عن تسوس الأسنان أو التهابات اللثة قد تمتد لتشمل عظم الفك والأنسجة المجاورة، مما يؤدي إلى آلام شديدة وانتفاخات قد تتطلب التدخل الجراحي لتصريف القيح.

الأسباب والعوامل المؤدية

تتعدد الأسباب التي تقف خلف الإصابة بالتهاب الفك، وهي تشمل ما يلي:

• العدوى البكتيرية: تحدث عادة بعد خلع الأسنان أو نتيجة خراجات سنية لم تُعالج بالشكل الصحيح.

• الإصابات المباشرة: الصدمات الناتجة عن الحوادث أو السقوط أو الاعتداءات البدنية قد تسبب التهاباً مزمناً أو حاداً في المفصل أو العظم.

• أمراض الروماتويد أو الذئبة: قد تسبب هذه الأمراض التهابية المفاصل، بما في ذلك المفصل الفكي، مسببة ألماً مزمناً وتيبساً في الحركة.

• طحن الأسنان (Bruxism): يؤدي إلى إجهاد المفصل الصدغي الفكي، ومن ثم حدوث التهابات وتآكل في الغضروف.

• تشوهات خلقية أو سوء إطباق الأسنان: قد تسهم في توزيع غير متوازن للضغط على المفاصل والعضلات المرتبطة بالفك.

الأعراض والعلامات السريرية

تختلف أعراض التهاب الفك باختلاف السبب الكامن وراءه، ولكن الأعراض الشائعة تشمل:

• ألم في الفك، خاصة عند المضغ أو فتح الفم.

• تورم في منطقة الفك أو حول الأذن.

• أصوات فرقعة أو طقطقة عند تحريك الفك.

• تيبس أو صعوبة في فتح الفم بشكل كامل.

• احمرار وسخونة في منطقة الالتهاب.

• صداع مزمن أو ألم في الرقبة والكتفين نتيجة ارتباط العضلات.

• ارتفاع في درجة الحرارة في حالات الالتهاب البكتيري.

• إفرازات صديدية أو طعم غير طبيعي في الفم في حال وجود خراج.

تشخيص التهاب الفك

يتطلب تشخيص التهاب الفك إجراء تقييم دقيق ومتكامل من قبل الطبيب المختص، ويشمل التشخيص الخطوات التالية:

1. الفحص السريري

يقوم الطبيب بفحص الفك يدوياً لتحسس أماكن الألم والتورم، ومراقبة حركة الفك وتحديد مدى تقييدها.

2. التصوير الشعاعي

من الضروري إجراء أشعة سينية (X-ray) أو تصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتحديد حالة المفصل أو العظام. كما يمكن استخدام التصوير المقطعي المحوسب (CT Scan) للكشف عن وجود خراجات أو تآكلات عظمية.

3. تحاليل الدم

في حالات الاشتباه بالعدوى البكتيرية، تُستخدم اختبارات الدم للكشف عن مؤشرات الالتهاب مثل ارتفاع الكريات البيضاء أو البروتين التفاعلي-C.

4. عينات من السائل أو الأنسجة

قد يتم سحب عينات من السوائل أو الأنسجة لفحصها مخبرياً، خاصة في حالات الاشتباه بالتهاب العظم والنقي أو الخراجات.

المضاعفات المحتملة

يؤدي إهمال التهاب الفك إلى مضاعفات خطيرة، منها:

• تآكل المفصل وفقدان وظيفته بشكل دائم.

• تكون خراجات عميقة قد تنتشر إلى الرقبة أو الدماغ.

• الإصابة بتعفن الدم (Sepsis) في الحالات الشديدة من العدوى.

• تشوه في عظام الفك يؤثر على المظهر الخارجي ووظيفة المضغ.

• فقدان الأسنان نتيجة لتلف العظم الداعم.

• تأثيرات نفسية ناتجة عن الألم المزمن وتقييد الحركة والفقد الجمالي.

طرق العلاج

يعتمد علاج التهاب الفك على سبب الحالة وشدتها، ويُفضل التدخل المبكر لمنع المضاعفات.

1. العلاج الدوائي

• المضادات الحيوية في حالات العدوى البكتيرية.

• مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) مثل الإيبوبروفين لتخفيف الألم والالتهاب.

• مرخيات العضلات لتخفيف التشنجات الناتجة عن الإجهاد العضلي.

• الكورتيزون في بعض الحالات المتقدمة أو الناتجة عن أمراض مناعية.

2. العلاج الطبيعي (الفيزيائي)

يُستخدم لتحسين حركة الفك وتخفيف التشنج من خلال تمارين خاصة، بالإضافة إلى العلاج بالحرارة أو الموجات فوق الصوتية.

3. التدخل الجراحي

يُعد الخيار الأخير، ويُستخدم في الحالات التالية:

• خراجات عميقة تتطلب تصريفاً جراحياً.

• تآكل شديد في المفصل الصدغي الفكي يستدعي استبداله.

• التهابات العظم المتقدمة التي لم تستجب للعلاج الدوائي.

4. العلاج السني

قد يتطلب إزالة السن المصاب أو علاج العصب أو تنظيف الخراجات من قبل طبيب الأسنان بالتعاون مع جراح الفم.

5. تعديل نمط الحياة

• استخدام واقيات الأسنان الليلية في حالات طحن الأسنان.

• تجنب فتح الفم بشكل مفرط أو مضغ الطعام القاسي.

• تطبيق كمادات دافئة أو باردة حسب الحالة لتقليل الألم.

الجدول التالي يوضح الفرق بين أنواع التهاب الفك المختلفة

الوقاية من التهاب الفك

للوقاية من التهاب الفك يجب اتباع مجموعة من الإجراءات الوقائية والصحية التي تقي من تطور هذه الحالة:

• الحفاظ على نظافة الفم بشكل يومي باستخدام الفرشاة والمعجون والخيط.

• زيارة طبيب الأسنان بشكل دوري للكشف المبكر عن أية مشكلات.

• تجنب عادة طحن الأسنان أو مضغ العلكة باستمرار.

• استخدام الأدوات الواقية في حال ممارسة الرياضات العنيفة.

• التحكم بالأمراض المزمنة مثل السكري أو الروماتويد التي قد تؤثر على صحة الفك.

• اتباع نظام غذائي غني بالكالسيوم وفيتامين D لدعم صحة العظام.

المراجع

• National Institute of Dental and Craniofacial Research. “Temporomandibular Joint Disorders (TMJ).”

• American Academy of Oral and Maxillofacial Radiology. “Imaging of Inflammatory Jaw Lesions.”