التهاب السحايا: الأسباب والعلاج

التهاب السحايا: الأعراض، الأسباب، التشخيص، والعلاج

يُعد التهاب السحايا من الأمراض الخطيرة التي تصيب الأغشية الواقية التي تحيط بالدماغ والنخاع الشوكي، وهي ما تُسمى بالسحايا. قد يؤدي هذا الالتهاب إلى مضاعفات صحية خطيرة إذا لم يتم تشخيصه وعلاجه في وقت مبكر، ويتراوح تطور المرض من حالات خفيفة قد تُمثل تهديدًا بسيطًا إلى حالات قاتلة قد تؤدي إلى وفاة المريض. في هذا المقال، سوف نتناول كل ما يخص التهاب السحايا من حيث التعريف، الأعراض، الأسباب، التشخيص، العلاج، والوقاية.

تعريف التهاب السحايا

التهاب السحايا هو التهاب يصيب الأغشية التي تحيط بالدماغ والنخاع الشوكي، والتي تسمى السحايا. السحايا تتكون من ثلاث طبقات رقيقة من الأنسجة تحيط بالدماغ والنخاع الشوكي، وهي تعمل على حماية هذه الأجزاء الحيوية من الجسم. وعند حدوث التهاب في هذه الطبقات، تتأثر الوظائف الحيوية للأعصاب، مما قد يؤدي إلى مجموعة من الأعراض العصبية.

تختلف الأسباب التي تؤدي إلى التهاب السحايا، فقد يكون نتيجة عدوى بكتيرية، فيروسية، فطرية، أو حتى بسبب الإصابة بحالات غير عدوى مثل الالتهابات المرتبطة بالأمراض المناعية أو الأورام. يمكن أن يؤثر التهاب السحايا على أي شخص، إلا أن الأطفال والرضع وكبار السن هم الأكثر عرضة للإصابة.

أنواع التهاب السحايا

يمكن تصنيف التهاب السحايا إلى عدة أنواع بناءً على السبب المسبب للالتهاب. ومن أهم هذه الأنواع:

1. التهاب السحايا البكتيري:
   يُعد هذا النوع من أخطر الأنواع وأكثرها شيوعًا بين البالغين والأطفال. يحدث نتيجة عدوى بكتيرية تصيب الأغشية السحائية، ويُعد التهاب السحايا البكتيري من الحالات الطبية الطارئة التي تتطلب علاجًا فوريًا. أشهر البكتيريا التي تسبب هذا النوع تشمل المكورات السحائية والمكورات الرئوية.

2. التهاب السحايا الفيروسي:
   يحدث نتيجة إصابة الأغشية السحائية بعدوى فيروسية. يتسبب فيروس الإنتيرو فيروس عادة في التهاب السحايا الفيروسي، وهو الأكثر شيوعًا لدى الأطفال. على الرغم من أن التهاب السحايا الفيروسي يكون أقل خطورة من النوع البكتيري، إلا أنه قد يتسبب في أعراض شديدة في بعض الحالات.

3. التهاب السحايا الفطري:
   يحدث نتيجة عدوى فطرية نادرة تصيب السحايا، وغالبًا ما يكون هذا النوع من العدوى أكثر شيوعًا بين الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، مثل مرضى الإيدز أو أولئك الذين يتناولون أدوية مثبطة للمناعة.

4. التهاب السحايا غير المعدي:
   يحدث بسبب التهابات غير متعلقة بالعدوى، مثل الالتهابات التي تسببها الأمراض المناعية الذاتية أو الأورام.

أسباب التهاب السحايا

يختلف السبب المؤدي إلى التهاب السحايا وفقًا لنوع الالتهاب، لكن الأسباب الرئيسية تتضمن:

1. العدوى البكتيرية:
   كما ذكرنا، يُعتبر التهاب السحايا البكتيري من أكثر الأسباب شيوعًا. وتعتبر المكورات السحائية (التي يمكن أن تسبب أيضًا مرض التهاب السحايا الوبائي) والمكورات الرئوية والبكتيريا القولونية من بين المسببات الأكثر شيوعًا.

2. العدوى الفيروسية:
   يمكن أن يتسبب في التهاب السحايا عدد من الفيروسات، مثل الفيروسات التي تسبب نزلات البرد أو الأنفلونزا، بالإضافة إلى فيروس الإنتيرو الذي يُعتبر من الفيروسات الشائعة المسؤولة عن الإصابة بالتهاب السحايا الفيروسي.

3. العوامل الفطرية:
   يمكن أن تُسبب بعض الفطريات التهابات السحايا، وغالبًا ما يحدث ذلك عند الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة. كما يُمكن أن تتسبب الفطريات مثل الكريبتوكوكوس في التهاب السحايا.

4. الإصابات الجسدية:
   يمكن أن تكون إصابة الرأس الشديدة أو الجراحة على الدماغ أو العمود الفقري أحد أسباب التهاب السحايا.

5. الأمراض المناعية والأورام:
   يمكن أن تُسبب بعض الأمراض المناعية الذاتية أو الأورام السرطانية التهاب السحايا غير المعدي.

6. العوامل البيئية:
   في بعض الحالات، قد تحدث العدوى نتيجة تعرض الفرد لبيئة ملوثة أو تلوث في المياه أو الطعام.

الأعراض والعلامات

تظهر أعراض التهاب السحايا بسرعة وقد تكون شديدة. عادةً ما يبدأ المرض بالظهور بشكل مفاجئ خلال ساعات قليلة أو في يوم أو يومين. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا:

1. الصداع الحاد:
   يُعتبر الصداع من الأعراض الأكثر شيوعًا التي يعاني منها المصابون بالتهاب السحايا. وقد يكون هذا الصداع شديدًا ومتزايدًا تدريجيًا.

2. الحمى الشديدة:
   يعاني المريض من ارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة، وغالبًا ما تكون الحمى مصحوبة بالقشعريرة.

3. تيبس الرقبة:
   من الأعراض المميزة لهذا المرض هي تيبس الرقبة، حيث يجد المصاب صعوبة في تحريك رقبته بشكل طبيعي.

4. الغثيان والقيء:
   قد يعاني المريض من الغثيان المتكرر والقيء بسبب الضغط الذي يتعرض له الدماغ نتيجة الالتهاب.

5. التهيج أو التغيرات العقلية:
   قد يظهر على المصاب تغيرات عقلية، مثل التهيج، القلق، الارتباك، أو حتى الهذيان في الحالات الشديدة.

6. الحساسية للضوء:
   قد يعاني المريض من حساسية شديدة للضوء (فوتوفوبيا)، حيث يجد صعوبة في النظر إلى الضوء الساطع.

7. الطفح الجلدي:
   قد يظهر الطفح الجلدي في بعض حالات التهاب السحايا، وخاصة في الحالات الناجمة عن عدوى المكورات السحائية.

8. التعب الشديد والنعاس:
   قد يعاني المصاب من نعاس غير طبيعي أو شعور عام بالإرهاق.

التشخيص

لتشخيص التهاب السحايا، يقوم الأطباء عادةً باستخدام مجموعة من الفحوصات والعلامات السريرية. أحد الأدوات الرئيسية لتشخيص التهاب السحايا هو البزل القطني (أو سحب السائل الدماغي الشوكي)، حيث يتم أخذ عينة من السائل الموجود بين الأغشية السحائية وتحليله للكشف عن وجود بكتيريا أو فيروسات أو خلايا التهابية.

تشمل الفحوصات الأخرى:

• فحص الدم للكشف عن العدوى.

• التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو الأشعة المقطعية (CT) لتقييم حالة الدماغ والكشف عن أي تغييرات ناتجة عن الالتهاب.

• فحوصات أخرى مثل اختبار الحساسية للضوء أو فحص الدماغ الكهربائي.

العلاج

يعتمد العلاج على نوع التهاب السحايا ومدى شدته. في معظم الحالات، يكون العلاج مبكرًا أساسيًا لتحقيق التعافي الكامل والحد من المضاعفات.

1. العلاج بالمضادات الحيوية (للتهاب السحايا البكتيري):
   في حال كان السبب هو عدوى بكتيرية، يتم العلاج باستخدام مضادات حيوية قوية. يُعطى العلاج عادةً عن طريق الوريد في المستشفى، ويستمر العلاج لفترة تتراوح بين عدة أيام إلى أسابيع حسب شدة الحالة.

2. العلاج المضاد للفطريات (للتهاب السحايا الفطري):
   في حالات التهاب السحايا الفطري، يتم العلاج باستخدام أدوية مضادة للفطريات مثل الفلوسيتوزين والأمفوتيريسين B.

3. العلاج الداعم (للتهاب السحايا الفيروسي):
   لا يوجد علاج محدد لالتهاب السحايا الفيروسي في معظم الحالات، حيث يتم علاج المرض بشكل رئيسي لتخفيف الأعراض مثل الصداع والحمى، ويمكن استخدام الأدوية المسكنة مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين.

4. العلاج الداعم للمناعة:
   في بعض الحالات، قد يتطلب المريض علاجًا لتحفيز جهاز المناعة في حالة الإصابة بأمراض المناعة الذاتية أو الالتهابات غير المعدية.

5. الرعاية في المستشفى:
   في الحالات الشديدة، قد يحتاج المرضى إلى دخول المستشفى لرعاية مركزة، خاصة إذا كانت الحالة تؤثر على وظائف الدماغ أو القلب.

الوقاية

من الممكن اتخاذ بعض التدابير للوقاية من التهاب السحايا، خاصة إذا كان السبب هو العدوى البكتيرية أو الفيروسية. تشمل التدابير الوقائية:

1. **التطعيمات