يُعدّ كتاب “Spirit Capture: Photographs from the National Museum of the American Indian” إضافة قيّمة وفريدة إلى مجموعة الأعمال التي تستكشف التمثيل البصري للسكان الأصليين في أمريكا، حيث يجمع هذا الكتاب الذي أُصدر بواسطة المتحف الوطني للهندي الأمريكي تحت إشراف تيم جونسون، أكثر من مئتي صورة تشهد على التاريخ الطويل والمعقد لتصوير الأمريكيين الأصليين منذ اختراع التصوير الفوتوغرافي.
يُعد جورج جوستاف هايي، الذي كان من أبرز الجامعين للقطع والصور المتعلقة بالسكان الأصليين، ركيزة أساسية في تاريخ هذه المجموعة، حيث تُشكل مقتنياته الضخمة الجزء الأكبر من محفوظات المتحف الوطني للهندي الأمريكي. عمل هايي على جمع هذه المقتنيات خلال حياته بشغف ودأب، وهو ما أتاح لهذا المتحف أن يكون له مثل هذه الأهمية التاريخية والثقافية.
تُقدم الصور الموجودة في الكتاب لقطات نادرة وقوية تمثل جوانب متعددة من حياة السكان الأصليين، مثل صور فتيات واياندوت الهاربات وهن يُعدن إلى مدرستهن الداخلية، وامرأة من السيمينول تجلس على آلة خياطة، ورجل من الياكي يرتدي بندوليرات. هذه الصور ليست مجرد توثيق للحظات من الزمن بل هي شهادة على قوة التكيف والصمود التي أظهرها السكان الأصليون في مواجهة التغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والروحية التي مروا بها على مدى أكثر من قرن من الزمان.
إلى جانب الصور، يحتوي الكتاب على مقالات مكتوبة من قبل مؤرخين وأنثروبولوجيين وأمناء متاحف، سواء من السكان الأصليين أو غير السكان الأصليين، الذين يقدمون تحليلاتهم ومنظوراتهم حول هذه الصور والسياقات التاريخية والثقافية التي أُنتجت فيها. هذه المقالات تُعزز من فهم القارئ للتاريخ المعقد للسكان الأصليين وتؤكد على الدور الذي يمكن أن تلعبه الفوتوغرافيا في التأثير على النظرة إلى ثقافات وشعوب مختلفة.
من خلال هذه المنظورات المتعددة، يُبرز الكتاب أهمية النظر إلى الصور ليس فقط كأدوات للتوثيق، بل كوسائط للتفاعل والتأثير والحوار. كما يُظهر كيف يمكن للفن البصري أن يُسهم في الحفاظ على الذاكرة الثقافية ويُعزز من فهمنا للتاريخ الإنساني بشكل أعمق.
تم نشر الكتاب من قبل مؤسسة Smithsonian، وهو ما يُعطيه مصداقية وجودة عالية في النشر والإخراج الفني. كتاب “Spirit Capture” ليس فقط عملًا فنيًا وتاريخيًا، بل هو أيضًا مورد تعليمي يُمكن أن يُستخدم في مجالات الدراسات الثقافية، والأنثروبولوجيا، والتاريخ، والفن. يُعتبر هذا العمل شهادة حية على الطريقة التي يمكن بها للفنون البصرية أن تُساهم في توسيع فهمنا للعالم وتاريخه وشعوبه.