التغذية العلاجية للإسهال

التغذية العلاجية عند الإصابة بالإسهال

الإسهال هو حالة شائعة تصيب الجهاز الهضمي وتتميز بزيادة في عدد مرات التبرز مع قوام رخو أو مائي للبراز. قد يكون الإسهال عرضًا مؤقتًا نتيجة لتناول طعام ملوث أو الإصابة بعدوى معوية، أو قد يكون مزمنًا نتيجة لمشاكل صحية أخرى مثل أمراض الأمعاء الالتهابية أو حساسية الطعام. في جميع الأحوال، تعد التغذية العلاجية من الأدوات الأساسية التي يمكن استخدامها للتخفيف من أعراض الإسهال وتعزيز التعافي.

أسباب الإسهال وأثره على الجسم

الإسهال يحدث نتيجة لعدة أسباب تتراوح من العدوى الفيروسية أو البكتيرية إلى الاضطرابات الهضمية المزمنة. عند الإصابة بالإسهال، يفقد الجسم الكثير من الماء والأملاح المعدنية (الإلكتروليتات) مما يمكن أن يؤدي إلى الجفاف. من بين الأسباب الشائعة للإسهال:

1. العدوى الفيروسية: مثل الفيروسات المعوية (فيروس الروتا، الفيروسات المعوية الأخرى).

2. العدوى البكتيرية: مثل الإشريكية القولونية والسالمونيلا.

3. الطعام الملوث: تناول طعام أو شراب ملوث بالبكتيريا أو الطفيليات.

4. الأدوية: بعض الأدوية مثل المضادات الحيوية قد تؤدي إلى إسهال.

5. الحساسيات أو عدم التحمل الغذائي: مثل حساسية اللاكتوز أو الغلوتين.

6. الاضطرابات الهضمية المزمنة: مثل مرض التهاب الأمعاء (كرون أو التقرحي)، ومتلازمة القولون العصبي.

عند الإصابة بالإسهال، يكون الجسم عرضة لفقدان المعادن والفيتامينات الضرورية لوظائفه الحيوية. لذلك، يجب أن تكون التغذية العلاجية جزءًا أساسيًا من العلاج لتجنب مضاعفات الجفاف وتعزيز التئام الأنسجة المعوية.

المبادئ الأساسية للتغذية العلاجية عند الإصابة بالإسهال

تركز التغذية العلاجية في حالات الإسهال على عدة أهداف رئيسية، من أهمها:

• منع الجفاف: من خلال تعويض الجسم عن السوائل المفقودة وتناول أطعمة تحتوي على الأملاح والمعادن.

• الحد من تهيج الأمعاء: بتجنب الأطعمة التي قد تزيد من تهيج الأمعاء أو تساهم في زيادة حركة الأمعاء.

• توفير التغذية المناسبة: لتلبية احتياجات الجسم من الطاقة والبروتين والدهون والفيتامينات والمعادن.

النظام الغذائي في مرحلة الإصابة بالإسهال

1. تعويض السوائل والأملاح المعدنية

أحد أخطر الآثار المترتبة على الإسهال هو فقدان السوائل والأملاح المعدنية (إلكتروليتات) مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم. عندما يتعرض الشخص للإسهال، يتم فقدان كميات كبيرة من الماء والمغذيات عبر البراز، مما يزيد من خطر الجفاف. لذلك، من المهم تعويض الجسم بالسوائل والأملاح بشكل دوري.

• محاليل الإماهة الفموية: وهي محاليل تحتوي على مزيج من السكر والأملاح، وتساعد في إعادة توازن الإلكتروليتات في الجسم. يمكن شراء هذه المحاليل من الصيدليات أو تحضيرها في المنزل باستخدام ملعقة صغيرة من الملح وملعقة من السكر في كوب من الماء.

• شرب الماء بانتظام: من الضروري تناول كميات كبيرة من الماء لتعويض السوائل المفقودة.

• مشروبات طبيعية: مثل عصير التفاح المخفف والمشروبات المحتوية على البوتاسيوم مثل ماء جوز الهند.

2. الابتعاد عن الأطعمة التي تهيج الأمعاء

بعض الأطعمة قد تساهم في تهيج الأمعاء وتفاقم أعراض الإسهال. من أبرز هذه الأطعمة:

• الأطعمة الدهنية: مثل الأطعمة المقلية والدهون الحيوانية، التي قد تؤدي إلى زيادة حركة الأمعاء.

• الأطعمة الغنية بالألياف غير القابلة للذوبان: مثل الخضراوات النيئة والحبوب الكاملة قد تكون صعبة الهضم في حالات الإسهال، مما يزيد من الأعراض.

• منتجات الألبان: يمكن أن يتسبب اللاكتوز الموجود في الحليب ومنتجات الألبان في تفاقم الأعراض لدى بعض الأشخاص الذين يعانون من حساسية اللاكتوز.

• الكافيين: الكافيين الموجود في القهوة والمشروبات الغازية قد يزيد من حركة الأمعاء ويؤدي إلى الإسهال.

3. الأطعمة الموصى بها في فترة الإسهال

تتضمن التغذية العلاجية عند الإصابة بالإسهال اختيار الأطعمة التي تكون سهلة الهضم وتساعد على تهدئة الأمعاء.

• الأطعمة النشوية: مثل الأرز الأبيض، البطاطا المسلوقة، والمكرونة. هذه الأطعمة لا تهيج الأمعاء وتوفر مصدرًا جيدًا للطاقة.

• الموز: يعد الموز مصدرًا جيدًا للبوتاسيوم الذي يفقده الجسم أثناء الإسهال. كما أنه سهل الهضم ويمتاز بخصائص مضادة للتهيج.

• التفاح (المطبوخ): يمكن تناول التفاح مطبوخًا أو على شكل عصير مخفف. يحتوي التفاح على مادة البكتين التي تساعد في تحسين حركة الأمعاء.

• الخبز الأبيض: يفضل تجنب الخبز الكامل في حالات الإسهال والاعتماد على الخبز الأبيض لأن الألياف فيه أقل.

• الدجاج المسلوق أو المشوي: البروتينات قليلة الدهون مثل الدجاج المسلوق تعتبر سهلة الهضم ولا تهيج الأمعاء.

4. إعادة إدخال الأطعمة بشكل تدريجي

مع تحسن الحالة، يمكن البدء بإعادة إدخال بعض الأطعمة تدريجيًا إلى النظام الغذائي. يجب أن يتم ذلك بحذر، والابتعاد عن الأطعمة التي قد تسبب تهيجًا.

• الخضروات المطبوخة: مثل الجزر والكوسا والبطاطا، التي تحتوي على ألياف قابلة للذوبان، ويمكن أن تكون مفيدة في تحسن الحالة.

• الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك: مثل الزبادي غير المحلى واللبن الحي، حيث يساعد البروبيوتيك في استعادة توازن البكتيريا المعوية.

5. الابتعاد عن الأغذية السكرية والمحليات الصناعية

يجب تجنب تناول الأطعمة الغنية بالسكريات أو المحليات الصناعية مثل السوربيتول، لأن هذه المواد يمكن أن تساهم في زيادة الإسهال. السوربيتول، على سبيل المثال، يوجد في بعض المشروبات والعلكة ويمكن أن يسبب تهيجًا في الأمعاء ويزيد من الأعراض.

التغذية في الحالات المزمنة

إذا كان الإسهال مستمرًا أو مزمنًا، مثلما يحدث في حالات مرض التهاب الأمعاء (IBD) أو متلازمة القولون العصبي (IBS)، فإن التغذية العلاجية تصبح أكثر تعقيدًا. في مثل هذه الحالات، يجب استشارة أخصائي تغذية أو طبيب مختص لضمان استراتيجيات التغذية الصحيحة.

• الاستعانة بالمكملات الغذائية: في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب باستخدام المكملات الغذائية لتعويض نقص الفيتامينات والمعادن التي يمكن أن تحدث نتيجة للإسهال المزمن.

• نظام غذائي منخفض الفودماب: قد ينصح الأطباء بتقليل تناول الأطعمة التي تحتوي على فودماب (مركبات سكرية قصيرة السلسلة يمكن أن تسبب زيادة الأعراض في بعض الأشخاص).

• تجنب الأطعمة المحفزة: مثل الأطعمة الحارة والمقلية، التي قد تهيج الأمعاء.

دور الألياف في النظام الغذائي

الألياف تلعب دورًا مهمًا في إدارة الإسهال، ولكن يجب اختيار نوع الألياف بعناية. هناك نوعان من الألياف: الألياف القابلة للذوبان والألياف غير القابلة للذوبان.

• الألياف القابلة للذوبان: مثل تلك الموجودة في الشوفان، والتفاح، والجزر، تساعد على امتصاص الماء في الأمعاء وتكوين براز أكثر صلابة.

• الألياف غير القابلة للذوبان: توجد في الخضروات والفواكه القاسية، وهي قد تؤدي إلى تفاقم الإسهال لأنها تزيد من حركة الأمعاء.

الخلاصة

تعد التغذية العلاجية جزءًا أساسيًا في علاج الإسهال، حيث تهدف إلى تجنب الجفاف، تقوية الجهاز المناعي، وتسريع التعافي. من خلال اتباع نظام غذائي متوازن يتضمن السوائل والأطعمة السهلة الهضم، يمكن التخفيف من أعراض الإسهال وتسريع التعافي. من المهم الابتعاد عن الأطعمة المهيجة واختيار الأطعمة التي تدعم صحة الأمعاء. بالإضافة إلى ذلك، يجب مراقبة الأعراض بشكل دوري والتأكد من عدم حدوث مضاعفات مثل الجفاف أو نقص التغذية، مما يتطلب التدخل الطبي في بعض الحالات.

إن توفير التغذية السليمة أثناء الإصابة بالإسهال لا يقتصر فقط على تهدئة الأعراض، بل يلعب دورًا أساسيًا في تعزيز