التخلص من السواد تحت العين: الأسباب، العلاجات، والوقاية

يُعدّ السواد تحت العين من أكثر المشكلات الجمالية شيوعًا التي يعاني منها الرجال والنساء على حد سواء، وهو من المظاهر التي تُحدث فرقًا كبيرًا في مظهر الوجه العام، إذ يمنح الشخص مظهرًا متعبًا ومرهقًا حتى وإن كان في كامل صحته. يعرف هذا السواد علميًا بمصطلح “فرط التصبغ حول الحجاج” أو “الهالات السوداء”، ويمكن أن يتنوع لونه بين البنفسجي، البني، الأزرق، أو الرمادي، حسب لون البشرة، الأسباب البيولوجية، والعوامل الوراثية أو البيئية.

يحدث السواد تحت العين نتيجة تراكم صبغة الميلانين في الجلد الرقيق المحيط بالعين، أو بسبب ضعف الأوعية الدموية الدقيقة في تلك المنطقة. وتتداخل مجموعة من الأسباب الصحية، الوراثية، والنمطية في تفاقم هذه المشكلة، مما يجعلها معقدة التكوين وتستلزم تدخلات متعددة لمحاولة التخلص منها أو تقليل حدتها.

الأسباب الرئيسية للسواد تحت العين

1. العوامل الوراثية

تلعب العوامل الجينية دورًا محوريًا في ظهور الهالات السوداء، خاصة بين أصحاب البشرة الداكنة أو أولئك الذين لديهم تاريخ عائلي مع هذه المشكلة. فالبنية الوراثية للجلد وتوزيع الأوعية الدموية والصبغة تحت العين تختلف بين الأفراد، مما يجعل بعض الأشخاص أكثر عرضة للسواد دون تأثيرات خارجية واضحة.

2. قلة النوم والإرهاق المزمن

يُعدّ السهر والنوم غير المنتظم من أبرز العوامل المؤثرة في مظهر الجلد حول العين. عند قلة النوم، تتباطأ الدورة الدموية، ما يؤدي إلى تراكم الدم المؤكسد في الأوعية الدقيقة حول العين، ويظهر بلون أزرق أو داكن من خلال الجلد الرقيق. كما أن التعب المستمر يضعف وظائف الخلايا الجلدية ويزيد من احتباس السوائل، ما يضاعف من وضوح الهالات.

3. ترقق الجلد مع التقدم في العمر

مع التقدم في العمر، يفقد الجلد مرونته وكثافته نتيجة لانخفاض مستويات الكولاجين والإيلاستين، وهو ما يؤدي إلى ترقق الجلد وظهور الأوعية الدموية بشكل أوضح، وبالتالي يبرز اللون الداكن تحت العينين بشكل أكثر وضوحًا.

4. الحساسية والاحتكاك المستمر

تؤدي الحساسية المزمنة مثل حمى القش أو التهابات الأنف التحسسية إلى توسع الأوعية الدموية حول العين، مما يسهم في ظهور الهالات السوداء. كما أن الفرك المستمر للعينين نتيجة الحكة يزيد من تحطيم الكولاجين ويحفز الخلايا الصبغية، ما يفاقم المشكلة.

5. التعرض المفرط لأشعة الشمس

التعرض المباشر والمفرط لأشعة الشمس يسرع من إنتاج الميلانين، ما يزيد من تصبغ الجلد خصوصًا في المناطق الرقيقة كمنطقة تحت العين. وهذا التعرض المستمر يؤدي إلى تفاوت في لون البشرة وظهور الهالات الداكنة.

6. سوء التغذية ونقص الفيتامينات

يؤثر نقص بعض العناصر الغذائية المهمة مثل فيتامين K، فيتامين C، الحديد، والزنك على صحة الجلد وترويته بالدم، ما يساهم في شحوب لون البشرة وظهور التصبغات تحت العينين.

التصنيفات الطبية للهالات السوداء

بحسب التصنيف الطبي، تنقسم الهالات السوداء إلى عدة أنواع:

العلاجات الطبية الفعالة للهالات السوداء

1. التقشير الكيميائي

يُستخدم التقشير الكيميائي الذي يحتوي على أحماض خفيفة مثل حمض اللاكتيك أو حمض الجليكوليك لتقشير الطبقة العليا من الجلد وتحفيز نمو خلايا جديدة، ما يساهم في تفتيح الهالات تدريجيًا.

2. العلاج بالليزر

الليزر الجزئي (Fractional Laser) أو ليزر Q-Switched يمكن أن يقلل التصبغات ويعزز تجديد الكولاجين في المنطقة حول العين، ما يساعد على تقليل السواد بشكل فعال خصوصًا في الحالات التصبغية.

3. الحقن بالفيلر

عندما تكون الهالات نتيجة لترهل الجلد أو فقدان الحجم، فإن استخدام الفيلر (حمض الهيالورونيك) يساعد في ملء التجاويف وتحسين الانعكاس الضوئي على المنطقة، مما يخفف من حدة السواد.

4. العلاج بالبلازما الغنية بالصفائح (PRP)

تستخدم هذه التقنية دم المريض نفسه لاستخراج البلازما التي تُحقن حول العين لتحفيز تجديد الخلايا وزيادة إنتاج الكولاجين، مما يحسن مظهر البشرة ويقلل السواد.

5. الكريمات الطبية الموضعية

تتوفر مجموعة من الكريمات التي تحتوي على فيتامين C، الريتينول، النياسيناميد، أو الكافيين والتي تعمل على تفتيح الجلد وتعزيز الدورة الدموية وتقوية الأوعية الدقيقة.

العلاجات المنزلية الطبيعية

1. كمادات الشاي الأخضر

الشاي الأخضر غني بمضادات الأكسدة والفلافونويدات التي تقلل من انتفاخ العين وتفتح الجلد المحيط بها. يُنقع كيس الشاي في الماء البارد ويُوضع على العين لمدة 15 دقيقة يوميًا.

2. شرائح الخيار

يُستخدم الخيار بسبب احتوائه على مضادات التورم وفيتامين C، كما يعمل على تهدئة المنطقة المحيطة بالعين وتفتيحها بشكل ملحوظ عند استخدامه بانتظام.

3. ماء الورد

يُعرف ماء الورد بخصائصه المهدئة والمضادة للالتهابات، ويمكن استخدامه ككمادات يومية لتقوية أنسجة الجلد وتقليل اللون الداكن تدريجيًا.

4. زيت اللوز

يحتوي زيت اللوز على فيتامين E الذي يعمل على ترطيب الجلد وتحفيز الدورة الدموية، مما يجعله خيارًا طبيعيًا مفيدًا لعلاج الهالات بشكل آمن.

5. الصبار (الألوفيرا)

تعمل الألوفيرا على تجديد الخلايا وترطيب الجلد الرقيق تحت العينين. يُفضل استخدامها مساءً قبل النوم للحصول على نتائج فعالة.

الوقاية من السواد تحت العين

1. النوم الجيد

ضبط مواعيد النوم والنوم لمدة لا تقل عن 7–8 ساعات يوميًا يعد من العوامل الجوهرية في منع تفاقم السواد تحت العينين.

2. استخدام واقي الشمس

الحرص على استخدام كريم واقٍ من الشمس بمعامل حماية لا يقل عن 30، خاصة على المناطق الحساسة كالوجه وتحت العين، للحد من زيادة التصبغ.

3. التغذية السليمة

اتباع نظام غذائي غني بالخضروات والفواكه والمكملات التي تحتوي على الحديد والفيتامينات الأساسية (خصوصًا C و K) يساعد على دعم صحة الجلد من الداخل.

4. تقليل التوتر والإجهاد

ممارسة التأمل، اليوغا، أو تمارين التنفس العميق تساهم في خفض هرمون الكورتيزول الذي يسبب تلف الخلايا وتسريع علامات التعب والتقدم في العمر.

5. تجنب الكحول والكافيين الزائد

الإفراط في تناول الكافيين والكحول يؤدي إلى الجفاف واحتباس السوائل، مما يجعل العيون تبدو مرهقة ويزيد من وضوح الهالات.

تأثير العوامل البيئية والموسمية

البيئة المحيطة تلعب دورًا غير مباشر في تفاقم السواد تحت العين، إذ يؤثر التلوث الجوي على صحة الجلد ويزيد من تراكم الجذور الحرة، مما يسرّع من شيخوخة البشرة وظهور الهالات. كما أن تغيّر الطقس الموسمي، خصوصًا الجفاف في فصل الشتاء، يضعف من تروية الجلد ويزيد من ترققه، وبالتالي من وضوح اللون الداكن تحته.

التداخل مع مشاكل طبية أخرى

في بعض الحالات، يكون السواد تحت العينين مؤشرًا على أمراض داخلية مثل:

• فقر الدم: نقص الحديد يؤدي إلى شحوب البشرة وظهور العيون بشكل مجوف.

• أمراض الكبد: تؤثر اضطرابات الكبد على مظهر الجلد العام وتزيد من فرط التصبغ.

• مشكلات الكلى: تسبب احتباس السوائل والانتفاخ حول العينين مما يُبرز السواد.

• قصور الغدة الدرقية: يبطئ التمثيل الغذائي ويؤدي إلى شحوب الجلد وتصبغه.

لذلك يُنصح دائمًا بعدم الاكتفاء بالعلاج التجميلي، بل إجراء تحاليل دورية للتأكد من سلامة الجسم داخليًا.

تقنيات حديثة في علاج الهالات السوداء

مع التطور في الطب التجميلي، ظهرت تقنيات متقدمة تهدف لتحسين مظهر الجلد تحت العينين بطرق غير جراحية، منها:

• الميكرونيدلينغ: تعتمد على إحداث ثقوب دقيقة في الجلد لتحفيز إنتاج الكولاجين.

• أجهزة الموجات فوق الصوتية المركزة (HIFU): تساعد على شد الجلد وزيادة كثافته.

• العلاج بالأكسجين المضغوط: يُستخدم لتجديد خلايا الجلد وتحسين لونه ومرونته.

خلاصة عامة

السواد تحت العينين ليس مجرد مشكلة تجميلية بل يمكن أن يكون انعكاسًا لحالة صحية أو نمط حياة غير متوازن. ويجب التعامل معه بشكل متكامل يجمع بين العلاج الموضعي، التصحيحات النمطية، والتدخلات الطبية عند الحاجة. كما أن الالتزام بالعناية المستمرة والوقاية يعد حجر الأساس للحفاظ على مظهر صحي للبشرة تحت العينين وتقليل فرص ظهور الهالات في المستقبل.

المراجع:

1. S.Y. Rathi, S. D’Souza. “Periorbital Hyperpigmentation: Review of Pathogenesis and Treatment Options.” Dermatology Research and Practice, 2019.

2. Ortonne J.P., et al. “Physiopathology and management of cutaneous hyperpigmentation.” American Journal of Clinical Dermatology, 2006.