في كتابه الرائع بعنوان “البلاغة عند المعتزلة”، يقدم الدكتور إبراهيم غرة رحلة أدبية مميزة إلى عالم البلاغة الذي ازدهر بين علماء المعتزلة. يتناول الكتاب بعمق وتأنيب تاريخ بلاغة الاعتزال ويسلط الضوء على علمائهم الذين أسهموا بشكل كبير في تطوير اللغة العربية وفنون التعبير.
تأخذ هذه الدراسة القارئ في رحلة مثيرة لاستكشاف فصاحة لسان المعتزلة وتحليل دراستهم للغة بكل دقة. يعكس الكتاب كذلك على كيفية تفاعل أشهر علمائهم، مثل الجاحظ والزمخشري، مع اللغة العربية وبراعتهم في التعبير عن أفكارهم وآرائهم.
وما يميز هذا الكتاب أيضًا هو ترجمته لأعلام الكلاميين الذين ساهموا في صياغة أوائل حركة الاعتزال، والذين قاموا بدعم التأسيس والتطوير. يبرز الدكتور محمد هيثم غرة كأحد الأكاديميين المتخصصين في دراسة البلاغة العربية، وتجسد هذه الدراسة كبحث مفصل حول تشكل المصادر المهمة في مجال البلاغة بين العرب.
وتتميز هذه الدراسة بعدم التعرض للتأويل البلاغي الذي قد يعتبر محاباة للمعتزلة، بل تسعى إلى فهم واحترام آرائهم، وتسليط الضوء على كيفية استخدامهم للنوع البلاغي لصالح مذهبهم ومبادئهم، خاصة مبدأي العدل والتوحيد.
تعتبر هذه الدراسة فريدة في مجالها، حيث تسلط الضوء على فهم أصول البلاغة وتوضح أن المعتزلة ليسوا فقط من ممارسي هذا الفن، بل هم المؤسسون والممثلون الأساسيون لأصوله. يظهر الكتاب بشكل واضح أن البلاغة لم تكن مجرد فن، بل كانت علمًا اختص به المعتزلة واتبعوه بتفانٍ وتفرد.
تصدرت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي هذا العمل الرائع، وتبرز دار الكتب – مشروع كلمة كناشر له، حيث أثرت في نشر هذا العلم والثقافة. ورغم عدم توفر صورة للغلاف، يظل هذا الكتاب جوهرة في فئة الأدب والخيال، وتحديدًا في تاريخ الأدب العربي، مما يجعله لا غنى عنه في مكتبة كل مهتم بدراسة اللغة والأدب العربي بشكل عام.