الاقتصاد الجاكسوني: نقد للتفسير التقليدي للأزمات الاقتصادية في ثلاثينيات القرن التاسع عشر

الاقتصاد الجاكسوني: دراسة نقدية للتفسير التقليدي (نورتون: مقالات في التاريخ الأمريكي)

في كتابه المعنون “الاقتصاد الجاكسوني” والذي يُعتبر جزءاً من سلسلة “مقالات نورتون في التاريخ الأمريكي”، يقدم المؤرخ والاقتصادي بيتر تيمين تحليلاً دقيقاً ومفصلاً للسياسات الاقتصادية التي اتبعها الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون خلال فترة رئاسته. هذا الكتاب يُعتبر نقداً مباشراً للتفسير التقليدي الذي اعتنقه العديد من المؤرخين مثل آرثر شليزنجر الابن وريتشارد هوفستاتر، والذين رأوا أن قرار جاكسون في عام 1832 بالتصويت ضد تجديد charter بنك الولايات المتحدة الثاني قد تسبب في سلسلة من الأحداث الاقتصادية التي أدت إلى أزمة اقتصادية كبرى في أواخر الثلاثينيات من القرن التاسع عشر.

تقوم الفرضية التقليدية على أن قرار جاكسون بإلغاء إعادة تجديد charter البنك أدى إلى سحب الودائع من البنك، مما تسبب في توسع غير مدروس في الائتمان، وارتفاع معدلات التضخم، وزيادة المضاربات في الأراضي العامة. وقد أُرجع هذا التوسع غير المنضبط في الائتمان إلى الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالولايات المتحدة في عام 1837، والتي تطورت إلى أزمة اقتصادية كبرى، تُعرف اليوم باسم “الكساد العظيم”.

في مواجهة هذه النظرية التقليدية، يقدم تيمين دراسة مستندة إلى أدلة موثقة بدقة، تدحض فكرة أن السياسات الاقتصادية لجاكسون كانت هي السبب الجذري في هذه الأزمة. وبدلاً من ذلك، يجادل تيمين بأن السياسات الاقتصادية لجكسون، على الرغم من أنها لم تكن الأذكى من الناحية الاقتصادية، لم تكن كارثية بالقدر الذي يعتقده النقاد. ويؤكد تيمين أن الأحداث الاقتصادية التي وقعت في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر كانت ناتجة عن عوامل أكبر من قدرة جاكسون على التحكم فيها، وأن الأزمة الاقتصادية كانت ستحدث بصرف النظر عن الإجراءات التي اتخذها جاكسون.

يقوم تيمين في تحليله بتقديم أدلة تظهر أن الأزمات الاقتصادية التي شهدتها الولايات المتحدة في ذلك الوقت كانت مرتبطة بعوامل اقتصادية واسعة النطاق، مثل التغيرات في الأسعار العالمية، والظروف الاقتصادية العالمية، والأزمات البنكية في أوروبا، التي لم يكن لجكسون تأثير مباشر عليها. ويشير إلى أن العديد من التقلبات الاقتصادية التي شهدتها البلاد كانت جزءاً من دورة اقتصادية طبيعية، وأن أي تأثير لسياسات جاكسون كان محدوداً وغير قادر على التسبب في الأزمة بشكل مباشر.

من خلال هذا العمل، يُعيد تيمين تقديم نظرة جديدة على فترة مهمة في التاريخ الاقتصادي الأمريكي، مما يدعو إلى إعادة تقييم الأثر الفعلي لسياسات جاكسون. إن تحليل تيمين يعزز من أهمية فهم الأحداث الاقتصادية في سياق أوسع ويشدد على ضرورة عدم تبسيط العلاقات بين السياسات الاقتصادية والأزمات الكبرى.

باختصار، يقدم كتاب “الاقتصاد الجاكسوني” لمحة شاملة عن كيفية تأثير السياسات الاقتصادية لجكسون على الولايات المتحدة، ويشير إلى أن الأزمة الاقتصادية التي نشأت في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر كانت نتيجة لعوامل متعددة تتجاوز السياسات الفردية للرئيس جاكسون. هذا العمل يُعتبر إضافة هامة للأدب التاريخي والاقتصادي، ويقدم منظوراً مغايراً يدعو إلى التفكير النقدي وإعادة النظر في الروايات التقليدية للتاريخ الاقتصادي الأمريكي.