في كتابه الذي يحمل عنوان “الاستعمار الفرنسي في الجزائر: سياسية التفكيك الاقتصادي الاجتماعي”، يقدم الكاتب عدي الهواري تحليلاً عميقاً ومفصلاً للفترة الزمنية التي شهدت الاستعمار الفرنسي في الجزائر. يركز الكتاب على الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية لهذه الفترة الحاسمة في تاريخ البلاد.
يستند الهواري في تحليله إلى مفهوم الركود الذي شهدته المغرب القروسطي وما قبل الاستعمار، ويرفع الستار عن عدة جوانب تاريخية لم يُلتفت إليها بشكل كاف. يناقش الكتاب بعمق مدى صلابة التقسيم الاجتماعي للعمل وكيف أن الركود الملاحظ يتعلق بشكل أساسي بتحديد هذه المسألة.
ويرفع الهواري تساؤلات هامة حول عدم تعمق التقسيم الاجتماعي للعمل خارج حدود الجماعات العائلية أو القبلية، الأمر الذي بقي مقتصرًا جدًا فيها. يرتبط التقسيم الاجتماعي للعمل، من وجهة نظره، بحجم الفائض الزراعي، حيث يرى أن أي تقسيم اجتماعي للعمل يتطلب وجود فائض زراعي يكون كافيًا لتأمين معيشة الأفراد الذين يغادرون النشاط الزراعي للاهتمام بصنع منتجات يتلقون مقابلها بضاعة زراعية.
وفي سياق هذا الكتاب، يبرز الهواري أن الفائض الزراعي في المغرب كان دائمًا ضعيفًا، وكان لهذا الضعف أثر كبير على تاريخ المغرب القروسطي. يرصد الكتاب كيف تعيش المدن المغربية من فائض الأراضي الزراعية، خاصة أراضي قبائل المخزن، وكيف ارتبط ازدهارها بفترات سيطرتها على طرق التجارة، وبالتالي كانت تلك الفترات مصدرًا للحصول على موارد خارجية.
وفي مقابل ذلك، يعكس الكتاب كيف قامت القبائل بالانفصال لرفضها دفع الضرائب التي لم يكن يمكن لفائض الإنتاج الزراعي الضعيف تأمينها. ومن هنا، يظهر التمييز الواضح بين قبائل الرعية والمخزن، وكيف أن تلك التحولات الاقتصادية والاجتماعية لها تأثيرات واضحة على هيكل المجتمع والحياة الاقتصادية في المغرب.
يأتي هذا الكتاب بتوقيع دار الحداثة للطباعة والنشر، ويتميز بتغطية شاملة وعميقة لموضوع الاستعمار الفرنسي في الجزائر، مما يجعله إضافة قيمة للمهتمين بالدراسات السياسية، خاصة في سياق السياسة الدولية.