في كتابه الذي يحمل عنوان “الاستشراق بين الإنصاف والإجحاف”، يستعرض الكاتب عبد الله علي العليان مفهوم الاستشراق بصفة عامة، متناولاً جملة من المحاور التي تندرج تحت هذا المفهوم الشائك. يبدأ العليان في حديثه بالإشارة إلى تعقيدات الموضوع والتحفظات التي تلازم أي مناقشة للفهم الاستشراقي. وعندما يبرز هذه الدراسة بين الإنصاف والإجحاف، يعتبر ذلك اختياراً مستنيرًا من قبل الكاتب، الذي يتوسع في تفسير أسباب اختياره لهذا العنوان الفعال.
تظهر مقدمة الكتاب واضحة التفكير والنقاش المستنير، حيث يعبر العليان عن تيقنه من أهمية النقاش حول موضوع الاستشراق الذي لا يخلو من محاذير متعددة. يشير إلى أن الاستشراق كان عرضة للكثير من النقد والانتقادات من قبل عدة كتّاب وباحثين ذوي مكانة علمية وصيتهم الأكاديمية العالمية، مما يضفي على اختياره لهذا الموضوع طابع التحدي والشجب الذي يعكس رغبته في إلقاء نظرة نقدية موضوعية.
من ثم، ينتقل العليان إلى فحص دور المستشرقين في كشف التاريخ العربي. يستعرض الكاتب مجموعة من الأفكار والآراء المتناوبة حول هذا الدور، حيث يركز على أن التعميم والمبالغة في نقد أعمال المستشرقين وربطهم بالاستعمار والتنصير والتبشير، يعدان طريقة غير منصفة للتعامل مع هذا التيار الفكري. يؤكد على أهمية التفريق بين الاستشراق الأيديولوجي الذي قد يكون غير منصف والاستشراق العلمي الذي قدم العديد من الأعمال المميزة التي أضافت إلى تراث العرب وتاريخهم وروائع حضارتهم.
وفي سياق تأمله، يستعرض العليان جهود المستشرقين العلمية التي لا تزال موثقة ومكتوبة وتعتبر شاهدة على الإخلاص والتفاني والموضوعية في التعرف على التاريخ العربي. يتناول العديد من الأمثلة التي تبرز إسهامات بارزة لبعض المستشرقين في إلقاء الضوء على عناصر من التاريخ والثقافة العربية.
في الختام، يبرز العليان محتوى كتابه من خلال الإشارة إلى الصفحات والفصول التي تكون بمجموعها 144 صفحة. وفي غلافه العادي، يقدم الكتاب تحفيزًا للقراء لاستكشاف ميدان التاريخ والجغرافيا، حيث يعيد تقدير دور المستشرقين بطريقة تتجاوز التصنيفات السطحية وتسعى للتفكير النقدي العميق. يُصاحب الكتاب المعلومات الوافية والمتنوعة، مما يجعله مرجعًا هامًا لمن يسعى إلى فهم متوازن وعميق حول مفهوم الاستشراق وتأثيره على تاريخ وحضارة العرب.