الإدغام بغير غنة في الحشر

أمثلة الإدغام بغير غنة في سورة الحشر

الإدغام هو أحد مظاهر التجويد التي تميز قراءة القرآن الكريم، وهو يشير إلى دمج حرفين في صوت واحد بطريقة تجعل الحروف متلاصقة ومتقاربة في النطق. يتضمن الإدغام نوعين رئيسيين: الإدغام بغنة والإدغام بغير غنة. بينما يرتبط الإدغام بغنة بتطبيق الغنة أثناء نطق الحروف، فإن الإدغام بغير غنة يتم من دون ذلك، ويحدث عندما يلتقي الحرفان في تركيب صوتي واحد، فيكون الصوت أكثر سلاسة واندماجًا.

في هذا المقال، سنركز على أمثلة الإدغام بغير غنة التي وردت في سورة الحشر، مستعرضين حالات الإدغام البسيط الذي يخلو من الغنة، والذي له تطبيقات فنية مهمة في علم التجويد.

تعريف الإدغام بغير غنة

الإدغام بغير غنة هو نوع من الإدغام يحدث عندما يكون الحرف الأول في الكلمة ساكنًا والحرف الثاني متحركًا، فيتلامس الحرفان معًا ويصبحان نطقًا واحدًا، ولكن من دون أن تصدر الغنة، وهي الصوت الأنفي الذي يصاحب الإدغام بغنة. في هذا النوع من الإدغام، يكون الحرفان المدغمان متشابهان في مخرج الصوت، مما يسهل دمجهمَا دون الحاجة إلى إجراء الغنة.

عند تطبيق هذا النوع من الإدغام، لا يحدث أي تغيير في مخرج الحروف، بل يقتصر الأمر على دمج الحروف بطريقة تجعل النطق أكثر سلاسة وسرعة، من خلال جمع الحروف المدغمة دون فصل.

أنواع الإدغام بغير غنة

ينقسم الإدغام بغير غنة في القرآن الكريم إلى نوعين رئيسيين:

1. إدغام متماثلين بغير غنة: يحدث هذا النوع عندما يكون الحرف الأول في الكلمة متشابهًا مع الحرف الثاني في مخرج الصوت، مثل حرفي “ل” و”ل” أو “ر” و”ر”.

2. إدغام متقاربين بغير غنة: يحدث هذا النوع عندما تكون الحروف قريبة من بعضها في مخرج الصوت، ولكنها ليست متماثلة. يتم دمج الحروف بناءً على تقارب مخرجيها.

أمثلة الإدغام بغير غنة في سورة الحشر

سورة الحشر هي من السور المدنية التي تتضمن العديد من الحالات اللغوية التي تظهر فيها ظواهر التجويد مثل الإدغام بغير غنة. وفيما يلي نستعرض بعض الأمثلة لهذه الظاهرة القرائية في السورة.

1. قوله تعالى: “يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّـٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا” (الآية 10)

في هذه الآية، نجد إدغامًا بغير غنة يحدث في حرف “م” في كلمة “مَنْ” مع الحرف “ي” في “يَشَاءُ”، حيث يتم دمج الحرفين ليشكلا نطقًا واحدًا، من دون إصدار الغنة. هذا الإدغام يعد من النوع المتقارب بغير غنة، حيث تقارب مخرج الحروف بين الميم والياء، مما يسهل جمعهما في نطق واحد.

2. قوله تعالى: “وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ” (الآية 18)

هنا نجد إدغامًا بغير غنة في كلمة “مِنْ” مع حرف “د” في “دُونِهِ”. الإدغام بين الميم والدال يحدث دون غنة، حيث أن الميم والدال متقاربان في المخرج الصوتي، وهو ما يتيح دمجهما سويًا دون الحاجة إلى الغنة.

3. قوله تعالى: “مَا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ” (الآية 7)

في هذه الآية، نلاحظ إدغامًا بغير غنة بين حرف “م” في “مَا” وحرف “ف” في “أَفَاءَ”، حيث يلتقي الميم والفاء في نفس المخرج الصوتي، مما يتيح لهما الاندماج دون إصدار الغنة.

4. قوله تعالى: “يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ” (الآية 1)

في هذه الآية، نجد إدغامًا بغير غنة بين “مَا” في “مَا فِي السَّمَاوَاتِ” وحرف “ف” في “فِي”، حيث يكون الإدغام بغير غنة نتيجة لتقارب مخرج الحروف بين الميم والفاء. يتم دمج الحروف بشكل سلس دون الحاجة إلى تطبيق الغنة.

فوائد الإدغام بغير غنة

الإدغام بغير غنة لا يساعد فقط في تسهيل نطق الكلمات بشكل أكثر سلاسة، ولكنه أيضًا يعزز جمال النطق ويحسن الاستماع للآيات القرآنية. تتعدد فوائد الإدغام بغير غنة من خلال:

1. تسهيل القراءة والتجويد: الإدغام بغير غنة يجعل القراءة أكثر انسيابية، حيث لا يتمكن القارئ من التوقف أو التباعد بين الحروف، بل يندمج الصوت في تدفق طبيعي.

2. تحقيق الانسجام الصوتي: من خلال دمج الحروف المتقاربة مخرجًا، يتحقق انسجام صوتي يزيد من جمال القرآن الكريم أثناء تلاوته.

3. تحقيق معنى دقيق: في بعض الأحيان، يعكس الإدغام بغير غنة التأكيد على المعنى ويزيد من قوة الأثر الصوتي للآية، مما يساعد المستمع على فهم المقصود بدقة أكبر.

القواعد العامة للإدغام بغير غنة

يحدث الإدغام بغير غنة في حالات خاصة وفقًا للقواعد التجويدية المقررة. هذه القواعد تتعلق بتقارب الحروف أو تساوي مخرجها، مما يسهل دمج الحروف في نطق واحد. يجب على القارئ أن يكون واعيًا لهذه القواعد حتى يتمكن من تطبيق الإدغام بشكل صحيح.

1. الشرط الأول: يجب أن تكون الحروف المدغمة متقاربة مخرجًا، مثل الميم والواو أو الميم والياء.

2. الشرط الثاني: يجب أن يتم دمج الحروف دون إصدار غنة.

3. الشرط الثالث: قد يظهر الإدغام في الحروف التي تلي الحروف الساكنة.

الخلاصة

الإدغام بغير غنة هو أحد الأساليب الصوتية المهمة في تلاوة القرآن الكريم، وهو يشير إلى دمج الحروف المتقاربة مخرجًا في نطق واحد من دون تطبيق الغنة. وقد ظهرت عدة أمثلة لهذا النوع من الإدغام في سورة الحشر، والتي تجعل التلاوة أكثر سلاسة ووضوحًا. من خلال التعرف على هذه الأمثلة وفهم القواعد الخاصة بالإدغام بغير غنة، يمكن للمجودين أن يحسنوا قراءتهم ويحافظوا على جمال الصوت ودقة الأداء القرآني.