تعد مواجهة الصدمات والكوارث ظاهرة معقدة وحساسة تشكل تحديًا كبيرًا للمجتمعات العربية، سواء كانت تلك الكوارث طبيعية أم اصطناعية. يأخذ الدكتور عبد الفتاح دويدار في كتابه الجديد بعنوان “نحو استراتيجية عربية لمواجهة الصدمات والكوارث” قراءه في رحلة مثيرة تكشف عن معاناة الأفراد والمجتمعات في ظل تلك الكوارث، سواء على الصعيدين النفسي والاجتماعي.
تبدأ رحلتنا في هذا الكتاب الرائد بتسليط الضوء على الغياب البارز للدراسات التي تسجل وتحلل آثار هذه الكوارث في السياق العربي. يعتبر الكتاب أن البحوث المتابعة لتجارب الكوارث في لبنان والكويت تمثل مصدرًا رئيسيًا للفهم العميق لهذه الظاهرة، حيث يعد الباحثون في هاتين البلدين هما الشاهدين الوحيدين الذين ركزوا على دراستها.
يتناول الدكتور دويدار في كتابه متابعة مفصلة للتجربة اللبنانية عبر أعمال الدكتور محمد أحمد نابلسي، وكذلك للتجربة الكويتية عبر أعمال الدكتور بشير صالح الرشيدي. يقدم الكتاب نظرة محدقة على التفاعلات النفسية والاجتماعية للأفراد خلال تلك الفترات الصعبة، مما يسهم في بناء أسس نظرية وعيادية لدراسات الصدمة العربية.
المقارنة بين التجارب اللبنانية والكويتية تبرز نقاط التشابه والاختلاف، وتعزز فهمنا لخصوصية كل تجربة. يتخذ الكتاب من هذه المقارنة محورًا أساسيًا لتوجيه القارئ نحو فهم عميق للعوامل المؤثرة والتحديات التي تطرأ خلال مواجهة الصدمات والكوارث.
مؤلف الكتاب، الدكتور عبد الفتاح دويدار، الذي كان متابعًا لتلك التجارب منذ عام 1992، يقدم متابعاته الشخصية والخاصة التي تمتد على مر السنوات، ويضيف قيمة إضافية للقارئ من خلال تحليله العميق ورؤيته الفريدة للظروف المحيطة بتلك الصدمات.
تعتبر هذه الورقة النفسية العربية من مركز الدراسات النفسية والنفسية الجسدية مساهمة قيمة في مجال دراسة الصدمات، حيث تلبي الحاجة الماسة للتفكير والبحث في هذا الجانب الحيوي من الواقع العربي. يأخذ الكتاب القارئ في رحلة مثيرة ومفيدة، تمتزج فيها النظريات العلمية بالتجارب العملية لإلقاء الضوء على تلك الظاهرة الهامة في تاريخ المجتمعات العربية.