9 استراتيجيات تساعد الأشخاص المتعاطفين على حماية ذاتهم
الأشخاص المتعاطفون يتمتعون بقدرة فطرية على فهم مشاعر الآخرين والتفاعل معهم بشكل عميق، لكن هذا الأمر يمكن أن يكون بمثابة سيف ذو حدين. بينما يمنح التعاطف الأفراد القدرة على بناء علاقات قوية ومؤثرة، فإنه في الوقت نفسه قد يؤدي إلى استنزاف الطاقة العاطفية والنفسية إذا لم يتم التعامل مع هذا الشعور بحذر. في هذا المقال، سوف نتناول 9 استراتيجيات فعّالة تساعد الأشخاص المتعاطفين على حماية ذاتهم والمحافظة على صحتهم النفسية والعاطفية.
1. وضع حدود واضحة
من أهم الاستراتيجيات التي يجب على الشخص المتعاطف اتباعها هي تحديد الحدود الشخصية بوضوح. الأشخاص المتعاطفون قد يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان يتورطون في مشاعر الآخرين إلى درجة تؤثر على حياتهم الخاصة، مما يجعلهم عرضة للضغط النفسي. لهذا يجب أن يتعلموا كيف يقولون “لا” بشكل صحي ويضعون حدودًا واضحة في التعامل مع الآخرين، بحيث يحرصون على ألا يتجاوزوا حدودهم الشخصية.
في بعض الأحيان، قد يشعر الشخص المتعاطف بالذنب عندما يرفض طلبًا أو موقفًا، لكن من المهم أن يفهم أن وضع الحدود لا يعني القسوة بل هو خطوة لحماية الذات. من خلال تحديد الوقت والطاقة المخصصة للآخرين، يمكن للأشخاص المتعاطفين الحفاظ على توازن صحي في حياتهم.
2. التفكير النقدي في المشاعر التي يتلقاها الآخرون
التعاطف لا يعني بالضرورة أن نتبنى مشاعر الآخرين بشكل كامل. يجب أن يتعلم الأشخاص المتعاطفون كيفية التعامل مع المشاعر التي يمر بها الآخرون بطريقة نقدية. لا يجب أن يتخيلوا أن كل مشاعر الآخرين هي مشاعرهم الخاصة أو أنهم يجب أن “يشعروا” بما يشعر به الآخرون بشكل دائم.
قد يشعر الشخص المتعاطف بالحزن عندما يرى الآخرين يعانون أو يشعرون بالغضب، لكن من المهم أن يتذكر أن هذه المشاعر ليست بالضرورة مملوكة له. التفكير النقدي يساعد على التمييز بين مشاعر الذات والمشاعر التي يتم استقبالها من الآخرين، مما يساعد في تقليل الضغط العاطفي.
3. ممارسة التأمل واليقظة الذهنية (Mindfulness)
تعد تقنيات التأمل واليقظة الذهنية من الوسائل الفعّالة لحماية الذات. يساعد التأمل في تدريب العقل على التفاعل مع المشاعر بشكل غير متحيز، مما يساعد الشخص المتعاطف على الحفاظ على توازن داخلي أفضل. بالإضافة إلى ذلك، فإن ممارسة اليوغا أو التنفس العميق يمكن أن تساعد في تقليل التوتر والإجهاد العاطفي الناتج عن التعاطف الزائد.
التأمل يساعد الأشخاص المتعاطفين في تعلم كيفية الموازنة بين تفاعلهم مع الآخرين وحفاظهم على سلامتهم النفسية. من خلال تذكير النفس في اللحظة الحالية، يصبح من الممكن الاحتفاظ بنوع من الانفصال العاطفي الذي يضمن تجنب الاستنزاف العاطفي.
4. الاستراحة النفسية المنتظمة
الأشخاص المتعاطفون يحتاجون إلى استراحات منتظمة لإعادة شحن طاقتهم العاطفية. قد يعتقد البعض أن العمل المستمر على مساعدة الآخرين أو الاستماع لمشاكلهم هو أمر مثير للإعجاب، لكن هذا قد يؤدي إلى الإحساس بالإرهاق الشديد. من الضروري تخصيص وقت للراحة والاسترخاء بعيدًا عن المشاعر المعقدة للآخرين. يمكن أن تشمل هذه الراحة الأنشطة البسيطة مثل المشي في الطبيعة، قراءة كتاب، أو قضاء الوقت مع الأصدقاء الذين يمنحون الدعم الإيجابي.
إن تخصيص وقت للراحة ليس علامة على الأنانية، بل هو خطوة مهمة للحفاظ على القدرة على مساعدة الآخرين على المدى الطويل. الراحة النفسية تساعد في تجديد الطاقة العاطفية وتمنح الأشخاص المتعاطفين فرصة للتفاعل مع العالم دون التأثر الزائد.
5. التعبير عن المشاعر الشخصية بشكل صريح
من الاستراتيجيات المهمة أيضًا تعلم التعبير عن المشاعر الشخصية بشكل صريح. الشخص المتعاطف قد يتجنب في بعض الأحيان التحدث عن مشاعره الخاصة من أجل تجنب إثقال كاهل الآخرين بمشاكله. لكن التعبير عن المشاعر الشخصية بصدق وبدون تردد يساعد في تحقيق نوع من التوازن العاطفي.
الحديث عن الأحاسيس والمشاعر مع شخص موثوق يمكن أن يكون بمثابة عملية تحريرية، تمنح الشخص المتعاطف الفرصة لتفريغ التوترات التي يتراكمونها من خلال دعمهم للآخرين. كما يمكن أن تكون هذه المحادثات فرصة لتلقي الدعم من الآخرين، مما يعزز القدرة على العطاء دون الشعور بالتعب.
6. تخصيص وقت لأنشطة مريحة وممتعة
للحد من التأثير السلبي للتعاطف المفرط، من المهم أن يتم تخصيص وقت لأنشطة لا علاقة لها بمشاعر الآخرين. الأنشطة مثل الرسم، العزف على آلة موسيقية، الطهي، أو حتى مشاهدة الأفلام قد تكون طرقًا فعالة للاسترخاء وإبعاد الذهن عن الانشغال الدائم بمشاعر الآخرين.
من خلال الانغماس في الأنشطة التي تمنح الشخص المتعاطف شعورًا بالراحة والتسلية، يمكنه تجديد طاقته العاطفية والنفسية بشكل أكثر فاعلية. هذه الأنشطة تعتبر بمثابة “ملاذ آمن” يتيح للشخص فرصة للابتعاد عن الضغوط العاطفية.
7. التواصل مع الأشخاص الذين يقدمون الدعم العاطفي
من المهم أن يعرف الشخص المتعاطف من هم الأشخاص الذين يمكنه الاعتماد عليهم للحصول على الدعم العاطفي. يمكن أن يكون هؤلاء الأشخاص أصدقاء مقربين، أفراد من العائلة، أو حتى مستشارين محترفين. الحصول على الدعم من هؤلاء الأشخاص يساعد في تجنب الشعور بالعزلة أو التورط الزائد في مشاعر الآخرين.
الأشخاص المتعاطفون قد يشعرون أحيانًا بأنهم يجب أن يتحملوا عبء العالم من حولهم، لكن من المهم أن يتذكروا أنهم لا ينبغي أن يواجهوا التحديات العاطفية بمفردهم. التواصل مع الآخرين الذين يدعمونهم يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في تقليل الضغط النفسي.
8. تعلم قول “لا” عند الضرورة
تعتبر القدرة على قول “لا” بشكل مباشر وصحي من أهم الاستراتيجيات التي يمكن أن يتبعها الشخص المتعاطف. الأشخاص المتعاطفون قد يشعرون في بعض الأحيان بأنهم مجبرون على تلبية كل احتياجات الآخرين، مما يؤدي إلى استنزاف طاقتهم.
القول “لا” لا يعني عدم التقدير للآخرين، بل هو وسيلة لحماية الذات وضمان أن الشخص المتعاطف لا يفرط في العطاء إلى درجة تؤثر على صحته النفسية. تعلم كيف وأين ومتى يقول الشخص “لا” يمكن أن يكون خطوة هامة نحو الحفاظ على توازن صحي في الحياة.
9. العمل على تطوير المهارات العاطفية
أخيرًا، يعد تطوير المهارات العاطفية أمرًا أساسيًا للأشخاص المتعاطفين. هؤلاء الأشخاص يمكن أن يستفيدوا كثيرًا من تعلم كيف يسيطرون على مشاعرهم وكيفية التعامل مع المواقف العاطفية بشكل مرن. من خلال التدريب على مهارات الذكاء العاطفي، يمكن للأشخاص المتعاطفين تحسين قدرتهم على إدارة مشاعرهم بشكل أكثر فعالية دون أن يؤثر ذلك على قدرتهم في تقديم الدعم للآخرين.
الذكاء العاطفي يتضمن القدرة على التعرف على المشاعر، فهمها، وتنظيمها، وهو مهارة حاسمة لتجنب الوقوع في فخ الاستنزاف العاطفي.
الخلاصة
بناءً على ما تم ذكره، يمكن القول أن الأشخاص المتعاطفين يمتلكون قدرات رائعة تتيح لهم التواصل العميق مع الآخرين وتقديم الدعم العاطفي المطلوب. لكن في الوقت ذاته، لا بد من تبني استراتيجيات لحماية الذات والحفاظ على الصحة النفسية والعاطفية. من خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات، يمكن للشخص المتعاطف أن يحافظ على توازنه الشخصي ويواصل العطاء دون التأثير السلبي على نفسه.
