ارتفاع ضغط الدم عند الحامل: الأسباب، الأنواع، المضاعفات، وطرق الوقاية والعلاج

يُعد ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل من أبرز القضايا الصحية التي قد تواجه المرأة الحامل، ويُشكّل تحدياً كبيراً لصحة الأم والجنين على حد سواء. يمكن أن يكون هذا الاضطراب عرضياً أو مستمراً، ويُعرف بارتفاع ضغط الدم الحملي أو تسمم الحمل في الحالات الشديدة. تتراوح تأثيراته بين بسيطة إلى خطيرة قد تهدد الحياة في حال عدم الكشف المبكر أو غياب الرعاية الطبية المناسبة. هذا المقال يستعرض بتفصيل شامل الأسباب والأنواع والمضاعفات المحتملة لارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، إضافة إلى سبل الوقاية والعلاج المعتمدة طبياً.

أولاً: تعريف ارتفاع ضغط الدم عند الحامل

ارتفاع ضغط الدم هو الحالة التي يكون فيها ضغط الدم الانقباضي (الرقم الأعلى) مساويًا أو أعلى من 140 ملم زئبق، أو ضغط الدم الانبساطي (الرقم الأسفل) مساويًا أو أعلى من 90 ملم زئبق، وذلك عند القياس في مناسبتين على الأقل بفاصل زمني لا يقل عن أربع ساعات. عندما يحدث هذا الارتفاع أثناء الحمل، سواء قبل أو بعد الأسبوع العشرين من الحمل، يُعد مؤشراً على وجود اضطراب في ضغط الدم متعلق بالحمل، وقد يتخذ عدة أشكال.

ثانياً: أنواع ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل

يمكن تصنيف ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل إلى أربعة أنواع رئيسية، تختلف من حيث التوقيت والأعراض والمضاعفات:

1. ارتفاع ضغط الدم المزمن (Chronic Hypertension)

وهو ارتفاع ضغط الدم الذي يكون موجوداً قبل الحمل أو يتم اكتشافه قبل الأسبوع العشرين من الحمل. عادة ما يستمر هذا النوع حتى بعد الولادة، ويمكن أن يؤدي إلى مضاعفات إذا لم يُضبط جيدًا.

2. ارتفاع ضغط الدم الحملي (Gestational Hypertension)

يُشخّص بعد الأسبوع العشرين من الحمل دون وجود بروتين في البول، وغالبًا ما يزول بعد الولادة. ومع ذلك، قد يتطور إلى تسمم الحمل إذا لم تتم مراقبته بدقة.

3. تسمم الحمل (Preeclampsia)

يحدث بعد الأسبوع العشرين، ويترافق مع ارتفاع ضغط الدم ووجود بروتين في البول أو علامات أخرى تدل على تضرر أجهزة الجسم المختلفة، مثل الكبد أو الكلى أو الدماغ. يعد من أخطر أنواع ارتفاع الضغط أثناء الحمل وقد يتطلب تدخلًا طبيًا عاجلًا.

4. تسمم الحمل الفوقي (Superimposed Preeclampsia)

يحدث عند النساء اللواتي يعانين من ارتفاع ضغط دم مزمن، ويبدأ لديهن ظهور علامات تسمم الحمل خلال الحمل. هذه الحالة تنطوي على خطر كبير على صحة الأم والجنين.

ثالثاً: أسباب وعوامل خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل

تشير الأبحاث إلى أن ارتفاع ضغط الدم عند الحامل ليس ناتجًا عن سبب واحد محدد، بل هو نتيجة لتداخل عدة عوامل، منها:

• العمر: النساء فوق سن 35 عامًا أكثر عرضة للإصابة.

• التاريخ الطبي: وجود تاريخ سابق من ارتفاع الضغط أو تسمم الحمل.

• زيادة الوزن أو السمنة المفرطة.

• الحمل الأول.

• الحمل بتوأم أو أكثر.

• أمراض مزمنة: مثل مرض السكري أو أمراض الكلى أو المناعة الذاتية.

• التاريخ العائلي: وجود حالات مشابهة في العائلة.

• أسلوب الحياة غير الصحي: مثل قلة النشاط البدني والنظام الغذائي الغني بالصوديوم.

رابعاً: أعراض ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل

قد لا تظهر أعراض واضحة في بعض الحالات، خصوصًا في المراحل المبكرة، مما يجعل المتابعة الدورية مع الطبيب ضرورية للغاية. ومع ذلك، تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا:

• صداع شديد ومستمر.

• تشوش في الرؤية أو رؤية ومضات ضوئية.

• تورم في الوجه أو اليدين.

• ألم في الجزء العلوي من البطن (خاصةً تحت الضلوع).

• زيادة سريعة في الوزن نتيجة احتباس السوائل.

• قلة في التبول.

• غثيان وقيء في الثلث الأخير من الحمل.

خامساً: مضاعفات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل

في حال عدم التعامل الجيد مع ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من المضاعفات التي تمس بصحة الأم والجنين على حد سواء. من أبرز هذه المضاعفات:

على الأم:

• تسمم الحمل الكامل: وهي مرحلة متقدمة من تسمم الحمل تشمل تشنجات وربما فقدان الوعي.

• الانفصال المبكر للمشيمة: أي انفصال المشيمة عن جدار الرحم قبل الولادة، ما قد يؤدي إلى نزيف داخلي وخطر على الجنين.

• الجلطات الدموية.

• فشل كلوي أو كبدي.

• السكتة الدماغية.

• الحاجة إلى ولادة مبكرة أو قيصرية طارئة.

على الجنين:

• نقص النمو داخل الرحم.

• الولادة المبكرة.

• نقص الأكسجين.

• وفاة الجنين داخل الرحم.

سادساً: طرق التشخيص والمتابعة

تشخيص ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل يعتمد على المتابعة المنتظمة لضغط الدم وإجراء فحوصات مخبرية دورية تشمل:

• قياس ضغط الدم خلال كل زيارة طبية.

• اختبار البول للكشف عن وجود البروتين.

• اختبارات دم لقياس وظائف الكبد والكلى وعدد الصفائح الدموية.

• الموجات فوق الصوتية لتقييم نمو الجنين.

• تخطيط نبضات قلب الجنين.

سابعاً: طرق الوقاية

في معظم الحالات، لا يمكن منع الإصابة بارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل بشكل كامل، ولكن يمكن تقليل خطر الإصابة من خلال اتباع أساليب وقائية قائمة على العناية الصحية الشاملة:

• متابعة الحمل بانتظام منذ الأسابيع الأولى.

• الالتزام بنظام غذائي متوازن: غني بالفواكه والخضراوات، منخفض الصوديوم، وخالٍ من الأطعمة المصنعة.

• ممارسة الرياضة المناسبة للحامل بانتظام.

• تجنب زيادة الوزن المفرطة أثناء الحمل.

• التوقف عن التدخين وشرب الكحول.

• الابتعاد عن التوتر والضغوط النفسية.

ثامناً: أساليب العلاج المتاحة

تعتمد طرق العلاج على نوع ارتفاع الضغط وشدته ومدى تقدم الحمل. يتخذ الأطباء قرارات العلاج بناءً على توازن دقيق بين مصلحة الأم وسلامة الجنين. وتتضمن الخطوات العلاجية ما يلي:

1. مراقبة دقيقة في المنزل والمستشفى.

2. أدوية خافضة لضغط الدم:

بعض الأدوية تُستخدم بأمان خلال الحمل، مثل:

• لابيتالول (Labetalol).

• ميثيلدوبا (Methyldopa).

• نيفيديبين (Nifedipine).

3. الراحة والنوم على الجانب الأيسر:

يساعد هذا الوضع في تحسين تدفق الدم إلى المشيمة.

4. الولادة المبكرة:

في الحالات التي لا يمكن السيطرة عليها طبيًا أو عندما يكون الجنين قد نما بما يكفي للبقاء على قيد الحياة، قد يُقرر الطبيب توليد المرأة في وقت مبكر حفاظًا على حياتها وحياة الجنين.

تاسعاً: الجدول المقارن بين الأنواع المختلفة لارتفاع الضغط أثناء الحمل

عاشراً: المتابعة بعد الولادة

ينبغي أن تظل المرأة تحت المراقبة الطبية بعد الولادة لأن ضغط الدم قد يستغرق وقتًا للعودة إلى مستواه الطبيعي. بعض النساء قد يحتجن إلى مواصلة العلاج الدوائي لبضعة أسابيع أو أشهر، وفي حالات نادرة قد يصبح ارتفاع الضغط دائمًا.

المصادر والمراجع

• American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG) – Guidelines on Hypertension in Pregnancy.

• Mayo Clinic – High Blood Pressure and Pregnancy.